عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 24-07-2022, 08:05 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,031
إفتراضي

إذا بذل المقترض للمقرض منفعة غير مشروطة أثناء مدة القرض -قبل الوفاء-، مثل: الهدية للمقرض -وهي أكثر ما يمثل به الفقهاء-، ومثل الاستضافة، وركوب الدابة، والمساعدة على عمل من الأعمال، ونحو ذلك من المنافع التي قد يبذلها المقترض قبل الوفاء، فقد اختلف الفقهاء في حكمها إذا كانت من غير شرط، على قولين ، والراجح المنع إن كانت تلك المنافع من أجل القرض أوفي مقابله، أي من أجل أن يؤخر المقرض استيفاء القرض، أو يقرضه مرة ثانية ونحو ذلك، أو كانت عوضاً عن الانتفاع بالقرض؛ لئلا تتخذ ذريعة إلى تأخير السداد من أجل هذه المنافع فتكون ربا، حيث يعود للمقرض ماله وزيادة هذا النفع الذي حصل عليه بسبب القرض
أما إن كانت تلك المنافع ليست من أجل القرض، مثل ما إذا كانت العادة جارية بينهما بذلك قبل القرض، أو حدث سبب موجب لهذه المنافع بعد القرض كالجوار و نحوه فإنه يجوز ويدل على ذلك:
حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «إذا أقرض أحدكم قرضاً فأهدى إليه أو حمله على الدابة فلا يركبها ولا يقبله، إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك »كما أنه المنقول عن الصحابة "
بالقطع أى منفعة مقبولة طالما كانت برضا لقوله تعالى :
" وتعاونوا على البر والتقوى"
وتحدث عن المنافع المعنوية فقال :
"القسم الثاني: المنافع المعنوية غير المشروطة في القرض
أ- شكر المقترض للمقرض ودعاؤه له
هذه المنفعة التي تحصل للمقرض جائزة، بل يندب إليها في حق المقترض؛ لأنه من باب مقابلة المعروف بالمعروف، ومن باب مقابلة الإحسان بالإحسان فيشكره المقترض ويدعو له، ويدل على ذلك ما يأتي:
الدليل الأول: عن عبداللّه بن أبي ربيعة - رضي الله عنه - قال: استقرض مني النبي صلى الله عليه وسلم أربعين ألفاً، فجاءه مال فدفعه إليّ وقال: «بارك اللّه لك في أهلك ومالك إنما جزاء السلف الحمد والأداء »
الدليل الثاني: عن عبداللّه بن عمر – رضي اللّه عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من استعاذ باللّه فأعيذوه، ومن سأل باللّه فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه»"
أما الشكر والدعاء فهما واجبان من المسلم للمسلم سواء اقترض أحدهما من الأخر أم لا على حسب ما شرع الله فقد شرع الله مثلا شكر الوالدين فقال :
"أن أشكر لى ولوالديك"
وهو الشكر هنا هو الطاعة فى الخير وليس لفظ شكرا أو متشكرين
ثم قال :
"ب- انتفاع المقرض بضمان ماله عند المقترض وحفظه حتى يسدده:
هذه منفعة أصلية في القرض لا إضافية، وهي من مقتضى عقد القرض وطبيعته لا تنفك عنه، فهي جائزة باتفاق؛ لأنه لا يمكن القول بمنعها وجواز القرض ، وإلى هذا المعنى أشار ابن حزم حيث قال: «ليس في العالم سلف إلا وهو يجر منفعة، وذلك انتفاع المسلف بتضمين ماله، فيكون مضموناً تلف أو لم يتلف »
جـ- انتفاع المقرض بشفاعة المقترض وجاهه
فإذا أقرض الشخص لا لابتغاء الأجر والثواب والإرفاق بالمقترض، وإنما لتكون له يد عليه بحيث ينتفع من جاهه ومنصبه، أو من جاه ومنصب أقاربه، بشفاعة أو تيسير بعض أمور الدنيا فإن حكم الدين حكم الرشوة؛ لأن القرض بهذا القصد غيرتها، وعلى هذا فالقرض حرام، إلا أن يكون للمقرض حق لا يستطيع أخذه إلا بالقرض، أو ظلم لا يمكن دفعه إلا به جاز للمقرض وحرم على المقترض؛ لأنها بمثابة الرشوة للحصول على غرض ما"
الكلام عن الشفاعة والوجاهة لا وجود له فى المجتمع المسلم فهما الواسطة والمحسوبية التى لا وجود لهما فى مجتمع المسلمين الذى يحكم بشرع الله ففى هذا المجتمع المنظم كل شىء محسوب بحيث يستطيع المسلم الحصول عليه دون أى واسطة أو مناصرة من أحد طالما هو حق له فغن وجدت الواسطة والمحسوبية وهى الشفاعة والوجاهة فقد تحول المجتمع من مسلم لكافر لأن ذلك هو بداية ضياع حقوق الناس وجعلها مرتبطة بغير حكم الله
وتحدث عن ضوابط المنفعة فى القرض فقال :
"ضوابط المنفعة في القرض
بعد ما تقدم من بيان لأحكام المنفعة في القرض فإنه يمكن وضع ضابط للمنفعة المحرمة في القرض، وللمنفعة الجائزة، على النحو الآتي:
ضابط المنفعة المحرمة:
«كل قرض جر منفعةً زائدة متمحضة مشروطة للمقرض على المقترض أو في حكم المشروطة فإن هذه المنفعة رباً»
وعلى هذا فالمحرم من المنافع نوعان:
1- المنفعة الزائدة المتمحضة المشروطة للمقرض على المقترض، أو ما كان في حكم المشروطة
2- المنفعة غير المشروطة التي يبذلها المقترض للمقرض من أجل القرض
وأما ضابط المنفعة الجائزة فهو:
«كل منفعة في القرض متمحضة للمقترض، وكل منفعة مشتركة بين المقترض والمقرض إذا كانت منفعة المقترض أقوى، أو مساوية»
مسألة: حكم قصد منفعة أصلية في القرض أو إضافية:
مثال المنفعة الأصلية: الإقراض بقصد حفظ المال وتضمينه
ومثال المنفعة الإضافية: الإقراض مع اشتراط منفعة زائدة، كاشتراط الوفاء بزيادة على القرض
إن موضوع القرض هو الإرفاق والمعروف، وهذا الأصل فيه، ولكنه ليس شرطاً لجواز القرض، وليس خروجه عن المعروف والإرفاق مناطاً للمنع، فإذا خرج عن المعروف فلا يلزم أن يكون ممنوعاً؛ إذ لا دليل على المنع حينئذ، بل قد جاء ما يدل على الجواز وبذلك يتبين أن هذا الضابط وهو (القرض عقد إرفاق وقربة فمتى خرج عن باب المعروف امتنع) لا يسلم في جميع الصور، وإنما يسلم إذا كانت المنفعة محرمة، وأما إذا كانت جائزة فلا يمنع من القرض لهذا التعليل -والله أعلم-
مسألة: الحيلة في أخذ المنفعة في القرض:
الحيلة لذلك لها عدة صور أهمها:
الصورة الأولى:
البيع بشرط أن البائع متى ما رد الثمن فإن المشتري يعيد إليه المبيع
وذلك مثل: أن يقول البائع للمشتري: بعتك هذه الدار بشرط أن تردها إليّ متى ما رددت إليك الثمن
والراجح تحريمها؛وذلك لأنها حيلة على أخذ المقرض - وهو المشتري صورة- المنفعة في مقابل القرض؛ حيث إن المشتري - وهو المقرض حقيقة- دفع الثمن ثم عاد إليه بعد مدة مع انتفاعه بالمبيع -بإجارته أو سكناه ونحو ذلك إذا كان xxxxاً مثلاً-، مدة بقاء الثمن في يد البائع - وهو المقترض حقيقة- فالمقصود في الحقيقة إنما هو الربا، وتسميته بهذا الاسم لا تخرجه عن حقيقته، وقد تقرر أن اشتراط المنفعة في القرض ربا
الصورة الثانية:
البيع بشرط الخيار حيلة ليربح في قرض وذلك مثل أن يبيعه داراً ونحوها بألف بشرط الخيار، لينتفع المشتري - وهو المقرض حقيقة- بالدار مدة انتفاع البائع -وهو المقترض حقيقة- بالثمن، ثم يرد الدار بالخيار عند رد الثمن، فهذا محرم؛ لأنه توصل بهذا الخيار ليربح في القرض، فحقيقة الأمر: أنه أقرضه الألف بشرط الانتفاع بالدار مدة القرض
الصورة الثالثة:
ومن صور التحايل على أخذ المنفعة في القرض أن يشترط في القرض عقد بيع أو نحوه، حتى يحابيه في الثمن فيأخذ زيادة على قرضه"
المسألة يحكمها قفوله تعالى:
" لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون"
ومن ثم كل شىء مالى زاد على رأس المال فهو حرام
وتحدث عن تطبيق مصرفى للمنفعة فى القرض وهو الودائع الجارية فقال :
"ثانياً: تطبيق معاصر للمنفعة في القرض
الودائع الجارية
تعريف الودائع الجارية وتكييفها الفقهي
تعريف الودائع الجارية
هي الودائع التي تُكَوِّن الحساب الجاري، بحيث يتملك المصرف المبالغ المودعة، ويمكن لصاحبها سحبها في أي وقت يشاء
ومن الواضح أن عدم وجود قيود على السحب من هذه الودائع يعني تقييداً لحرية البنك في استخدامها بالمقارنة مع غيرها من الودائع
حقيقة الودائع الجارية (تكييفها الفقهي):
اختلف الباحثون المعاصرون في حقيقة الودائع الجارية على أقوال أبرزها قولان الأول: أنها ودائع، والثاني: أنها قروض، وهو الراجح، حيث ذكر أصحاب هذا القول أن العبرة في العقود بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ والمباني، والمتأمل للعلاقة بين المصرف والمودع يظهر له أن العلاقة بينهما إنما هي قرض لا وديعة ويدل لذلك ما يأتي:
الدليل الأول: أن المصرف يمتلك الودائع الحالة ويكون له الحق في التصرف فيها،

رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس