عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 17-07-2022, 08:06 AM   #4
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,845
إفتراضي

فقال متسائلا:{كيف يمكن أن يطبق على التبرعات نص يتحدد تطبيقه وفقا لعبارته بالاختلال في التعادل بين ما يأخذه العاقد وفقا للعقد،وما يعطيه بمقتضاه}كما أنه لا يمكن في نظره أن يغلب ما يفهم من الأعمال التحضيرية،أو ما تدل عليه المادة(129/3) التي تستلزم صراحة لقيام الاستغلال شرطا لا يمكن أن يتوفر إلا في عقود المعاوضة وهو اختلال التعادل بين الالتزامات المتقابلة،ولامناص إذن من قصره عليها.
ومما تقدم نلاحظ أن هذا النقد موجه أيضا إلى الغبن وفق النظرية الشخصية وليس مقصورا على الغبن وفق النظرية المادية.
وفي الختام أستطيع أن أقول بالإضافة إلى ما سبق إن النظرية المادية للغبن تعتبر حلا وقائيا وعلاجا سريعا أيضا.
فهي حل وقائي لأنها تحذر المستغل الذي يريد استغلال الضعفاء والمساكين بأنها في المرصاد حاملة بيدها اليمنى بطلان العقد و اليسرى إعادة التوازن إلى ذلك العقد إذا ما حاول غبن المتعاقد الآخر،وهي علاج سريع لأنها سهلة الإثبات والإجراءات لإبطال العقد أو إعادة التوازن إليه.
ولهذا ولكل ما تقدم لا أستطيع إلا أن أرجح الغبن في ظل النظرية المادية لما لها من حسنات كثيرة وعيوب قليلة جدا."
كلمة الغبن وحدها كافية لتحريم أى معاملة ومن ثم فكل النظريات الوضعية لا قيمة لها طالما تبيح الغبن وهو الظلم
وتحدث اليوسف عن وجود نظرية الاستغلال من هدمه في الفقه فقال :
"ويثور التساؤل في هذا المقام عن وجود الاستغلال كنظرية مستقلة لها كيانها الخاص بها في الفقه الإسلامي .
لذلك سوف أفترض افتراضين لمعالجة هذه المسألة :
الافتراض الأول : الاستغلال مصدر عام للالتزام ، و أن ما ورد في كتب الفقه إنما مجرد تطبيق لتلك النظرية .
الافتراض الثاني : هو أن الاستغلال ليس مصدرا عاما للالتزام ، و إنما هناك تطبيقات لا تعني تقرير نظرية عامة للاستغلال في الشريعة الإسلامية .
الفرع الأول
الاستغلال مصدر عام للالتزام في الشريعة الإسلامية
دليل هذا الافتراض :
الكتاب : 1- الكتاب: قوله سبحانه وتعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما)
يستدل بهذه الآية الكريمة أن الشارع الحكيم قد حرم استغلال المؤمنين لبعضهم البعض وجعل هذا التصرف باطلا وهو{يشمل كل طريقة لتداول الأموال بينهم لم يأذن بها الله،أو نهى عنها}
2- السنة: عن أبي سعيد {سعد بن سنان}الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:{لا ضرر ولا ضرار}.
وجه الاستدلال بهذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم على المسلم أن يضر المسلم أو يلحق به مفسدة والضرار مقابلة الضرر بالضرر ،ولعل الاستغلال ضرر فادح يدخل ضمن أحكام هذا الحديث.
3- فقه المذاهب: ففي فروع فقه المذاهب نجد أن الفكر الفقهي عند هذه النظرية ولعل خير دليل على ذلك بطلان بعض البيوع القائمة على الاستغلال مثل بيع المسترسل ،بيع النجش ،بيع الحاضر للبادي ،بيع تلقي الركبان
ففي بيع المسترسل نجد أن البائع يستغل عدم خبرة المشتري في البيع والشراء فيغبنه غبنا فاحشا ويستغله استغلالا بشعا، أما النجش فإن البائع يستغل المشتري عن طريق المكر والخداع ليغبنه غبنا فاحشا ويستغله استغلالا بشعا وكذلك الأمر في بيع الحاضر للبادي وبيع تلقي الركبان ،وسوف ندرس نماذج ثلاث في هذه البيوع في المبحث الرابع من هذا الفصل إن شاء الله تعالى.
وبهذا نجد في الفقه الإسلامي صورا واضحة لنظرية الاستغلال القريبة من نظرية الاستغلال المعروفة في الفقه الغربي.
الافتراض الثاني
الاستغلال ليس مصدر عام للالتزام وإنما هناك
تطبيقات لا تعني تقرير نظرية عامة للاستغلال في الشريعة الإسلامية أعني بهذا الافتراض أن الاستغلال ليس مصر عام للالتزام في الفقه الإسلامي و إنما هناك تطبيقات متناثرة في كتب الفقه لا تعني من قريب أو بعيد أن هذه التطبيقات يمكن ردها إلى نظرية عامة للاستغلال بل يمكن ردها إلى أصول أخرى تتلائم مع الفقه الإسلامي ونظرياته.
ومن هذه التطبيقات :
استغلال عدم الخبرة: وهو ما يسمى في الفقه الإسلامي المعترف به ببيع المسترسل،فبيع المسترسل يمكن رده إلى نظرية الغبن وليس له نظرية الاستغلال.
استغلال ضعف الإدراك : ولعل أوضح مثال على هذا التطبيق الحديث المشهور ب{لا خلابة}
استغلال الحاجة : وهو ما يسمى في الفقه الإسلامي ببيع المضطر وهو أن يضطر إلى الطعام أو الشراب أو اللباس أو غيره ولا يبيعه البائع إلا بأكثر من ثمنه بكثير وكذلك في الشراء منه
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر وبيع الغرر وبيع الثمر قبل أن تدرك
4-استغلال طيش المتعاقد: وهو ما يمكن أن يتشابه في الفقه الإسلامي مع حالة السفيه الذي يبذر أمواله على ملذاته وشهواته.
ومن هذه التطبيقات أستطيع بأن أقول بأن الفقه الإسلامي عالج الاستغلال عن طريق نظريات أخرى ولعل من أهمها نظرية الغبن التي تتمتع بمعيار مرن وموضوعي بالإضافة إلى أن معيار الغبن في الفقه الإسلامي معيار منضبط ومعلوم وسهل الإثبات.
وأخيرا أستطيع أن أرجح الافتراض الثاني القائل بأن الاستغلال ليس مصدر عام للالتزام وإنما هناك تطبيقات لا تعني بتقرير نظرية عامة للاستغلال في الفقه الإسلامي ،ولا ضرر في عدم معرفة الفقه الإسلامي للاستغلال كنظرية متكاملة ،لأن لكل فقه منهجه الخاص وأسلوبه في معالجة قضاياه ،والفقه الإسلامي عالج آثار الاستغلال ووسائله من خلال نظريات أخرى ولعل من أهمها نظرية الغبن ."
ومن ثم لا وجود لتلك النظرية بكل ما فيها من الإسلام فالغبن بكافة أشكاله محرم والأمثلة المذكورة في البحث تحدث نتيجة تخلى الناس عن طاعة الله
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس