عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 17-07-2022, 08:05 AM   #2
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,941
إفتراضي

" ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة"
وهذا التبرع ليس فيه غبن وأما النوع ألأول فقد حرم الله فيه الظلم وأوجب على الشهود ألا يشهدوا على تلك الوصية أو الهبة وأن عليهم أن يسعوا للصلح بين الموصى وغيره من أقاربه فقال :
"فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم"
وهذه الوصية يجب أن يوضع فيها شرط إن طال عمر الموصى أو الواهب وهو :
أن الموصى إن تزوج وأنجب فمن يأتى مستقبلا له مثل ما للموجودين حاليا وتعرض اليوسف لما سماه العقود الاحتمالية فقال :
"ومما تقدم نلاحظ أن الغبن يقع في عقود المعاوضات ، و كذلك يقع في عقود التبرع ، فهل يقع أيضا في العقود الاحتمالية ؟
العقد الاحتمالي أو عقد الغرر : هو العقد الذي لا يستطيع فيه كل من المتعاقدين أن يحدد عند إبرامه مقدار ما يأخذ أو مقدار ما يعطي لتوقف تحديد هذا المقدار على أمر مستقبلي غير محقق الوقوع .
و هكذا فإن معرفة ما يكسبه و ما يخسره أحد طرفي العقد غير معروف عند التعاقد ، بل هو أمر متوقف على حادث مستقبلي قد يقع و قد لا يقع .
ولا شك في أن عقد التأمين عقد احتمالي بالنسبة إلى طرفيه من الوجهة القانونية و إن لم يكن كذلك من الوجهة الاقتصادية .
فكيف يكون الغبن في العقود الاحتمالية ؟
يتبين ذلك من خلال هذا المثال البسيط ، فلو قام شخص بالتأمين على منزله من خطر الحريق وكان هذا المنزل بعيدا كل البعد عن هذا الخطر ، بيد ان صاحبه لم يقم بعملية التأمين إلا بناء على طلب دائن ارتهن المنزل ، واشترطت شركة التأمين بالرغم من أن خطر الحريق بعيد الوقوع بدفع أقساط مرتفعة فاحتمال عدم تحقق الخطر هنا أرجح بكثير من احتمال تحققه وبالتالي سوف تحقق شركة التامين ربحا فاحشا من وراء هذا التأمين غير المتكافئ فلا شك بأن الركن المادي و المعنوي في هذا المثال متحقق .
الركن المادي : هو اختلال الموجبات بين طرفي العقد لصالح شركة التأمين .
أما الركن المعنوي : فهو استغلال حالة المستأمن لاضطراره إلى عقد التأمين مهما كانت الظروف .
فما هو موقف القوانين العربية ( اللبناني ، السوري ، المصري ) من العقود الاحتمالية ؟
عالج القانون اللبناني هذا الموضوع بنص صريح عندما نص في المادة 221 في فقرته الأخيرة على أن العقود الاحتمالية تكون قابلة للابطال بسبب الغبن ( وجاء في مجموعة الأعمال التحضيرية القانون المصري أن العقود الاحتمالية ذاتها ، يجوز أن يطعن فيها على أساس الغبن ، إذا أجمع فيه معنى الافراط ، ومعنى استغلال حاجة المتعاقد أو طيشه ، أو عدم خبرته أو ضعف إداكه )
( الشرط الثاني ) : أن يكون هناك استغلال لضعف معين في المتعاقد المغبون :"
وعقود الغرر هى عقود باطلة ولا تحدث بين المسلمين او بينهم وبين غيرهم لأن أى عقد لابد أن يكون محدد القيمة أو القدر هنا وهناك وهى تدخل في إطار جريمة السرقة التى تستحق قطع الأيدى عليها للطرف الذى أخذ مال الغير دون وجه حق
وتحدث اليوسف عما يفسد تلك العقود في القوانين الوضعى فقال:
"يختلف نطاق الغبن وفق نظرية الاستغلال من حيث حالات الضعف التي يستغل بها المتعاقد المغبون من القانونين المصري و السوري إلى القانون اللبناني لذلك سوف نتعرض لهذا الشرط في القانون المصري و السوري أولا ، ثم نتعرض لهذا الشرط في القانون اللبناني .
( أولا) في القانون المصري و السوري :
كما هو معلوم أن معظم نصوص القانون المدني السوري مطابق لنصوص القانون المصري ، لأنه في الأصل مقتبس منه ، لذلك كان لابد من البحث في القانونين لأنهما أصل واحد .
تنص المادة 129/1 مدني مصري و المادة 130/1مدني سوري على ما يلي :
"…قد استغل فيه طيشا بينا أو هوى جامحا" وكان نص المادة 129 مدني مصري في المشروع التمهيدي للتقنين المصري يشترط على أن يكون الطرف المغبون قد استغل حاجته ، أو طيشه أو عدم إدراكه أو يكون قد تبين بوجه عام أن رضائه لم يصدر عن اختيار كاف .
وهكذا فإن العنصر النفسي في الاستغلال محصور في الطيش البين أو الهوى الجامح ، لأن الغبن لا يعتبر سببا قانونيا لإبطال العقد أو تعديله ما لم يكن مصحوبا بعوامل استغل بها أحد المتعاقدين في الآخر طيشا بينا أو هوى جامحا .
و يلاحظ أن نص المادة 129مدني مصري والمادة 130مدني سوري بوضعهما الحالي عجزا عن مواجهة الحالات التي يبرم فيها الشخص وهو مسلوب الإرادة، دون أن يكون ذلك راجعا إلى طيش بين أو هوى جامح، وقد عرض على القضاء حالات من هذا القبيل فلجأ إلى نظرية الاستهواء والتسلط على الإرادة التي أخذ بها القضاء الفرنسي ، بأن قضى بإبطال عقد البيع لفساد رضا البائع كونه متقدما في السن و مصابا بأمراض مستعصية من شأنها أن تضعف إرادته فيصير سهل الانقياد خصوصا لأولاده المقيمين معه في المنزل .
ثانيا : في القانون اللبناني :
تصدى القانون اللبناني لهذا العنصر في المادة/214/ موجبات وعقود فقال ما يلي :
{إذا كان المستفيد قد أراد استثمار ضيق أو طيش أو عدم خبرة في المغبون} ، نلاحظ أن القانون اللبناني كان أوسع و أشجع من القانون المصري والسوري بأن تصدى لعدم الخبرة في المغبون بيد أنه لم يورد الضيق أو الحاجة مثله في ذلك مثل القانون السوري والمصري .
الضيق :
اختلف الفقه و القضاء اللبنانيان في تفسير المقصود بالضيق بالمادة /214/موجبات وعقود ، فرأى البعض أنه يقصد به العسر المالي الذي يؤثر في نفسية الشخص فيحمله على قبول التعاقد بشروط مجحفة و بهذا المعنى قضت محكمة التمييز
ورأى فريق ثان بأن الضيق المقصود بالمادة /214/هو الحاجة الماسة للمال والتي من شأنها أن تعرض للخطر حال الشخص الاقتصادية بصورة فعلية، وفريق ثالث يرى أن الضيق هو انعدام الثروة أو فقدا الثقة المالية الذي ينجم عنهما العوز الشديد لدى المتعاقد ، بحيث يتعذر عليه تأمين حاجاته الأساسية و العائلية .
أعتقد أن رأي الفريق الأول والذي يدعمه قرار محكمة التمييز سالف الذكر هو الأصوب و الأحوط حفاظا على مصالح المتعاقدين الواقعين تحت الضيق
2-الطيش:
بينت محكمة البداية المدنية أن{الطيش الذي عنته المادة/214/موجبات يعتبر متوفرا إذا كان الشخص المغبون لم ينتبه عن إهمال منه و عدم مبالاة ، إلى النتائج التي قد تتولد ضد مصلحته عن العقود التي يجريها… وليس من الضرورة أن يكون الطيش حالته المعتادة،بل يكفي ظهوره عند المتعاقد المقرون بالغبن}.
وبطبيعة الحال لا تعتبر حالة الطيش متوفرة إذا كان الشخص قد أبرم العقد بعد عدة استشارات ، فإذا قام بتلك الاستشارات،فليس له أن يسند إلى طيشه لإبطال تصرف ألحق به الغبن و لو لم يتبع تلك الاستشارات،لأن الظروف تكشف عن أنه لم يقدم على التصرف بخفة و اندفاع .
3-عدم الخبرة :
ويراد بعدم الخبرة عدم توفر المعلومات اللازمة بالنسبة إلى العقد الذي تم إبرامه ، و إن عدم الخبرة يمكن أن يكون عاما ، أو أن يحصر في نواحي معينة ، معنى أن الشخص الذي تنقصه الخبرة في إحدى النواحي يمكن أن تتوفر فيه الخبرة في غيرها ."
وما تحدث اليوسف عنه كله يدخل تحت بند الاضطرار أو الإكراه وهو ما حرمه فقال :
"لا إكراه في الدين "
ثم تحدث عن قيام المشترى بدفع البائع للبيع دفعا فقال :
"الشرط الثالث:أن يكون هذا الاستغلال هو الذي دفع على التعاقد:
لم تكتف القوانين المغبون قد غبن غبنا فاحشا نتيجة هوى جامح أو طيش بين ، كما في القانونين السوري المصري أو الضيق أو الطيش أو عدم الخبرة كما في التقنين اللبناني ، بل زادت الأمور تعقيدا بأن اشترط شرطا ثالثا و هو أن يكون هذا الاستغلال هو الذي دفع المتعاقد المغبون إلى التعاقد .
وإرادة الاستغلال لا تشترط أن يكون المتعاقد مع المغبون هو الذي حمله بذاته على التعاقد بل يكتفي أن يكون قد عرف بالضعف في المغبون ورغب في استغلاله وحقق ما رغب به ، فجاء الاستغلال بالوجه الذي دفع على التعاقد .
وتعرض مسألة دقيقة هي معرفة ما إذا كان الاستغلال يتوفر إذا كان المغبون هو الذي جاء إلى الطرف الآخر ساعيا إلى إبرام العقد،هذه المسألة تحتمل وضعين ، فإما أن يكون المغبون بحاجة ماسة إلى المال ، فيأتي إلى الطرف الآخر ليعرض عليه أن يشتري منه xxxxه بثمن حدده هو ، فيقبل الطرف الثاني العرض من غيره أن يتخذ موقفا يدل على نية الاستغلال ، لا جرم بأن الغبن في هذا الوضع لا يتحقق ، فالقانون : {اشترط لصحة دعوى الغبن عدة شروط منها إرادة الاستثمار ضيق المدعي من قبل المدعي عليه ، بحيث يكفي عدم تحقق هذا الشرط الأخير،لكي تغدو دعوى الغبن مردودة } .
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس