فصل:
وقد يتأكد توثيق عبد الله بن أبي الجعد برواية أخيه الثقة الثبت سالم بن أبي الجعد عنه، إذ هو أوثق وأرفع الرواة عنه، والأخ أعلم الناس بحال أخيه، فدلت روايته عنه على علو درجته، وإن كان سالم أبين، وأسلم توثيقا منه؛ بل ومن سائر إخوته، إذ لا مغمز في توثيقه، إلا قولهم: يدلس ويرسل، ومع ذا فهو من رجال الصحيحين.
وحديثه عن أخيه عبد الله بن أبي الجعد، أخرجه أحمد «المسند» (4/ 25/ 2117 و 5/ 64/ 2878) قال: حدثنا يزيد بن هارون، ويحيى بن آدم - فرقهما واللفظ لأولهما قالا:- أخبرنا مسعر بن كدام عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن أخيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: في جلود الميتة قال: «إن دباغه قد أذهب بخبثه، أو رجسه، أو نجسه».
وأخرجه ابن خزيمة «صحيحه» (114)، والحاكم «المستدرك» (1/ 265) كلاهما من طريق يحيى بن آدم، والبيهقي «السنن الكبرى» (1/ 26)، وأبو نعيم «حلية الأولياء» (5/ 99)، وابن عبد البر «التمهيد» (4/ 161) ثلاثتهم من طريق يزيد بن هارون، كلاهما - يحيى ويزيد- عن مسعر بإسناده نحوه.
قال أبو بكر البيهقي: هذا إسناد صحيح. وسألت أحمد بن علي الأصبهاني عن أخي سالم هذا، فقال: اسمه عبد الله بن أبي الجعد.
وقال أبو عبد الله الحاكم: هذا حديث صحيح، ولا أعرف له علة، ولم يخرجاه.
فصل: ذكر من خالف الثوري على سند الحديث ومتنه
وخولف الثوري على رواية الحديث على لونين:
[الأول] خالفه عمر بن شبيب المسلي الكوفي بما:
أخرجه الروياني «مسنده» (626)، وأبو القاسم الأصبهاني «الترغيب والترهيب» (427)، وعبد الغني المقدسي «الترغيب في الدعاء» جميعا من طريق عمر بن شبيب عن عبد الله بن عيسى عن حفص، وعبيد الله ابني أخي سالم بن أبي الجعد عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان مرفوعا بنحو حديث الثوري.
وزاد الروياني، والمقدسي في حديثيهما: «وإن في التوراة لمكتوب: يا ابن آدم، اتق ربك، وبر والدك، وصل رحمك، أمدد لك في عمرك، وأيسر لك يسرك، وأصرف عنك عسرك».
قلت: وهذا منكر الإسناد والمتن. وعلته: عمر بن شبيب المسلي الكوفي. بين الأمر في الضعف، وليس حديثه بشيء.
قال يحيى بن معين: قد رأيته لم يكن بشيء. وقال مرة: ليس بثقة. وقال أبو زرعة: واهي الحديث. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال الدارقطني: ضعيف لا يحتج بروايته.
وذكره يعقوب بن سفيان في باب من يرغب عن الرواية عنهم، قال: وكنت أسمع أصحابنا يضعفونهم.
وقال: ليس حديثه بشيء. وذكره في الضعفاء: العقيلي، وابن عدي، وابن الجوزي، والذهبي.
قال ابن أبي حاتم «علل الحديث» (1988): سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه عمر بن شبيب عن عبد الله بن عيسى عن حفص، وعبيد الله ابني أخي سالم بن أبي الجعد عن سالم عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزيد في العمر إلا البر ... » الحديث؟.
فقالا: هذا خطأ؛ رواه سفيان الثوري عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن أبي الجعد عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الصحيح. قلت لهما: ليس لسالم بن أبي الجعد هاهنا معنى؟، قالا: لا اهـ.
[الثاني] وخالف فضيل بن محمد الملطي جماعة الرواة عن الثوري:
فقد أخرج الطبراني «الدعاء» قال: حدثنا فضيل بن محمد الملطي ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن عبد الله بن عيسى عن يحيى بن الحارث عن أبي الأشعث الصنعاني عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر، وإن العبد ليحرم الرزق بذنب يذنبه».
قلت: وهذا متن صحيح، وإسناد مقلوب. أخطأ فضيل بن محمد الملطي في روايته عن أبي نعيم، فلزم الجادة، وخالف الأثبات من أصحاب أبي نعيم الفضل بن دكين.
فقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو زرعة الدمشقي، وإبراهيم بن ديزيل، وفهد بن سليمان، كلهم عن أبي نعيم عن الثوري عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن أبي الجعد عن ثوبان.
وبهذا الإسناد المحفوظ، رواه الأثبات من أصحاب الثوري عنه، كما أسلفنا بيانه في التخريج."
ومن كل ما سبق يتبين أن الألفى في كتابه هذا يقول لنا أن المجهولين في الأسانيد يوثقون إذا صحت الروايات ولا ندرى كيف يعرف صدق روايات بعض المجاهيل من كذبها بصحة الروايات وعلم الحديث دائر على صحة الإسناد وهو معرفة الرواة وصدقهم أو كذبهم او نسيانهم وهنا لا يوجد معروف بدليل كونه مجهول
والغريب أيضا أنه يضرب كلام المتحدثين في الرجال ببعضه فمثلا انتقد البخارى عندما جعل راويا مجهول رغم روايته عنه ودافع عن الذهبى رغم تناقض كلامه في رجل واحد وهو كلام لا يستقيم فغما أن انتقد الاثنين أو أسكت
وتناقض كلام الواحد في رجل يدل على عدم الوثاقة أساسا بعلم الحديث كما أن تناقض الاثنين والثلاثة وغيرهم في الرجل الواحد يجعل كل الروايات باطلة لا تصح منها رواية واحدة حتى أن بعض الكتب اتهمت أئمة الحديث والمذاهب جميعا بضعف حديثهم وهو ما يجرنا إلى أن القاعدة الوحيدة المقبولة لصحة أو بطلان الحديث هو عرضه على القرآن فإن وافقه في المعنى صحت الرواية وإن كان رجالها جميعا ضعفاء ومتهمون وإن عارضه في المعنى بطلت الرواية وإن كان رجالها موثقون عند أئمة الحديث
|