13-04-2022, 07:54 AM
|
#3
|
عضو شرف
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,843
|
فقد وصف الله أهل الإيمان بأنهم إذا تليت عليهم الآيات زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون فقال سبحانه" إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون " ومما يضيء سناه ابتهاجا والصدر انشراحا ، ما يحصل للمتدبر للقرآن قديما وحديثا وما يحكيه واقعنا المعاصر ممثلا بالحلقات القرآنية،والصروح الإيمانية،من تلك النماذج من الشباب الذين يصدق فيهم قول النبي (ص)(سبعة يظلهم الله في ظله يوم لاظل إلا ظله00)وذكر منهم(شاب نشأ في طاعة الله) ومن أعظم أنواع الطاعات الإنشغال بالذكر ومن أعظم الذكر تلاوة كلام رب البرية،فترى هؤلاء الشباب هم من أحسن الناس سلوكا وأبعد الناس عن سلوك طرق أهل الغواية،فأهل القرآن هم أهل الله وخاصته إذاهم تدبروا آياته واستمسكوابه وعملوا بما فيه،ويشرف بأهل القرآن من يسعى جاهدا لخدمتهم وتقديرهم من القائمين على الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن،وهمه خدمة أهل القرآن معلمين وطلابا نسأل الله أن يزيدهم توفيقا وسدادا 0" والإيمان عند الله قد يثمر آثارا وقد لا يثمر بدليل أن الله عاتب المؤمنين عندما لم يعملون بإيمانهم فقال : " لم تقولون ما لا تفعلون " ومن ثم فالإيمان قد يولد آثارا عند البعض وقد لا يولد عن البعض الأخر وتحدث عما سماه الآثار الآمنية فقال : "المبحث الثالث:الآثار الأمنية0 الأمن مطلب البشرية جمعاء، بل الخلائق أجمع ، كل يطمح إلى مكان آمن ، فالإنسان يتمنى المكان الآمن له ولمن يعول، والطير يبني عشه لأجل أن يأمن فيه مع فراخه،والحيوان من بهيمة الأنعام في حضيرته، فكل الخلائق تسعى إلى أن يكون لها المكان الآمن، فمن ذا الذي يؤمن الخلائق غير خالقها، ومن ذا الذي ييسر سبل الأمن والأمان إلا خالق الأنام سبحانه وتعالى،، وإن من أعظم مقومات الأمن والأمان هو الإيمان برب العباد، والتمسك بشرائع الإسلام ظاهرا وباطنا، قال ربنا عزوجل " الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون" عندما نزلت هذه الآية شق ذلك على الناس، وقالوا يا رسول الله : أينا لم يظلم نفسه، فقال ( إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح { يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم } إنما هو الشرك0فمن أشرك بالله في العبوديه، وعبد غير الله، وعمل لأجل الناس، فذلك قد ظلم نفسه، وليس له أمن ولا أمان من رب العباد،، قال رسول الله- (ص)- :"من أعطي فشكر، ومنع فصبر،وظلم فاستغفر وظلم فغفر" وسكت فقال الصحابة : يا رسول الله ماله؟ قال { أولئك لهم الأمن وهم مهتدون } وإن في تدبر القرآن،والسير على منهاجه لهو الخير والفلاح، وهو السعادة والنجاح ، وفي ذلك آثارا عظيمة قد تحدثنا عن بعضها في البحوث السابقة، وسنتحدث في هذا البحث عن الآثار الأمنية التي تنتج عن تدبر القرآن والعمل به، والتمسك على المنهج الرباني، فمن تلك الآثار ما يلي: 1- الحياة الطيبة بين الأفراد والمجتمعات قال الله تعالى"من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة" قال بن كثير في تفسيره هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحا وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه (ص)من ذكر أو أنثى من بني آدم وقلبه مؤمن بالله ورسوله وان هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت وقد روي عن ابن عباس وجماعة أنهم فسروها بالرزق الحلال الطيب وعن علي بن أبي طالب أنه فسرها بالقناعة وكذا قال ابن عباس وعكرمة ووهب بن منبه وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنها هي السعادة وقال الحسن ومجاهد وقتادة لا يطيب لأحد حياة إلا في الجنة وقال الضحاك هي الرزق الحلال والعبادة في الدنيا وقال الضحاك أيضا هي العمل بالطاعة والانشراح بها والصحيح أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا سعيد بن أبي أيوب حدثني شرحبيل بن شريك عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله (ص)قال قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه ورواه مسلم 1054 من حديث عبد الله بن يزيد المقرئ به وروى الترمذي 2349 والنسائي س كبرى تحفة 11033 من حديث أبي هانئ عن أبي علي الجهني عن فضالة بن عبيد أنه سمع رسول الله (ص)يقول قد أفلح من هدي للإسلام وكان عيشه كفافا وقنع به وقال الترمذي هذا حديث صحيح 2- قوة الأمن والأمان في تطبيق شرع الله ،فكم شرع الله لعباده من الأحكام والأوامر التي تعود عليهم بالنفع إذا ائتمروا بها، ولم يتعدوا حدود الله،ولا يكون هذا إلا بالتدبر لكتاب الله العزيز والعمل به،وقد حد الله حدودا في القرآن عظيمة، من سار عليها وطبقها في نفسه وفي مجتمعه أعقبت خيرا كثيرا خاصة في أمن الأفراد والمجتمعات ومن ذلك مايلي: أ- وصف الله قتل القاتل حياة للناس ، وقد أخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله " ولكم في القصاص حياة " يعني نكالا وعظة إذا ذكره الظالم المعتدي كف عن القتل ، وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال جعل الله هذا القصاص حياة وعبرة لأولي الألباب وفيه عظة لأهل الجهل والسفه كم من رجل قد هم بداهية لولا مخافة القصاص لوقع بها ولكن الله حجز عباده بها بعضهم عن بعض وما أمر الله بأمر قط إلا وهو أمر إصلاح في الدنيا والآخرة وما نهى الله عن أمر إلا وهو أمر فساد والله أعلم بالذي يصلح خلقه ب- أمر الله سبحانه بقطع يد السارق والسارقة في قوله سبحانه " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزآء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم " وعن عروة عن عائشة أن قريشا أهمهم شأن المخزومية التي سرقت فقالوا من يكلم فيها قالوا من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله (ص)فكلمه أسامة فقال رسول الله (ص)" إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها "وهذه النصوص الربانية فيها من الحكم العظيمة،والغايات النبيلة ما يعجز المقام لذكرها حصرا،وما أحسن ماذكره الشنقيطي عند شرحه لهذه الآية الكريمة، فقد قال : قطع يد السارق من هدي القرآن للتي هي أقوم وذلك أن هذه اليد الخبيثة الخائنة التي خلقها الله لتبطش وتكتسب في كل ما يرضيه من امتثال أوامره واجتناب نهيه والمشاركة في بناء المجتمع الإنساني فمدت أصابعها الخائنة إلى مال الغير لتأخذه بغير حق واستعملت قوة البطش المودعة فيها في الخيانة والغدر وأخذ أموال الناس على هذا الوجه القبيح يد نجسة قذرة ساعية في الإخلال بنظام المجتمع إذ لا نظام له بغير المال فعاقبها خالقها بالقطع والإزالة كالعضو الفاسد الذي يجر الداء لسائر البدن فإنه يزال بالكلية إبقاء على البدن وتطهيرا له من المرض ولذلك فإن قطع اليد يطهر السارق من دنس ذنب ارتكاب معصية السرقة مع الردع البالغ 3- كلام الله عز وجل يهدي لأقوم الفعال،وأفضل الأعمال، وأشرف الأمور فالقرآن يهذب السلوك، ويثبت الأمن والأمان، ويقوم الأخلاق قال الله تعالى"إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا"قال الإمام الشنقيطي في أضواء البيان: ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن هذا القرآن العظيم الذي هو أعظم الكتب السماوية وأجمعها لجميع العلوم وآخرها عهدا برب العالمين جل وعلا يهدي للتي هي أقوم أي الطريقة التي هي أسد وأعدل وأصوب، ثم يقول رحمه الله:وهذه الآية الكريمة أجمل الله جل وعلا فيها جميع ما في القرآن من الهدى إلى خير الطرق وأعدلها وأصوبها فلو تتبعنا تفصيلها على وجه الكمال لأتينا على جميع القرآن العظيم لشمولها لجميع ما فيه من الهدى إلى خيري الدنيا والآخرة ولكننا إن شاء الله تعالى سنذكر جملا وافرة في جهات مختلفة كثيرة من هدى القرآن للطريق التي هي أقوم بيانا لبعض ما أشارت إليه الآية الكريمة تنبيها ببعضه على كله من المسائل العظام والمسائل التي أنكرها الملحدون من الكفار وطعنوا بسببها في دين الإسلام لقصور إدراكهم عن معرفة حكمها البالغة فمن ذلك توحيد الله جل وعلا فقد هدى القرآن فيه للطريق التي هي أقوم الطرق وأعدلها وهي توحيده جل وعلا في ربوبيته وفي عبادته وفي أسمائه وصفاته وقد استطرد العلامة الشنقيطي في بيان هداية القرآن للتي هي أقوم وذكر أمورا عديدة وأشياء كثيرة،
|
|
|