عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 09-04-2022, 07:51 AM   #2
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,847
إفتراضي

وعاد لضرب الأمثال فقال :
"ولذا قلنا في الفعل والمشيئة أنه الكاف المستديرة على نفسها تدور على نفسها على خلاف التوالي ونفسها تدور عليها على التوالي مثاله في الجملة السراج فإن النار أحدثت الأشعة والأضواء بالشعلة أي بمناسبة بينهما وأحدثت نور الشعلة بنفسها لا بشعلة أخرى أي كما أن الأشعة منتسبة إلى الشعلة في النور وليست الشعلة منتسبة إلى غيرها في استمداد النور وإن كانت متقومة بالنار بحيث إذا أعرضت عنها فنيت واضمحلت وبطلت وكذلك الفعل حادث مفعول أحدثه الله سبحانه وأقامه بنفسه وأمسكه بظله وأقام الأشياء به "
وكما قلت سابقا لا يصح أن نشبه بفعل الله بفعل المخلوقات لأن المخلوقات محتاجة إليه بينما هو في تلك الأمثلة التى يضربها محتاج للغير وهو ما نفاه عن الله بقوله نتيجة علمه بغلط تلك ألمثال فقال :
"وإن أردت بالقيام أنه متحقق موجود بالله سبحانه لا فناء له عنه فالفعل وغيره في هذا المعنى على حد سواء فكل شيء قائم به تعالى لا يستغني عنه شيء أبدا بحال من الأحوال لا بمعنى من الأشياء قائمة بالفعل وهو مقومها ومحققها وساد فقرها والفعل قائم بالله سبحانه ، بل الأشياء كلها فعلا كان أو غيره قائمة بالله سبحانه بلا نسبة ولا ارتباط ولا كيف ولا إشارة ولا جهة ولا بقيام من أحد القيامات الأربعة من الصدوري والركني والظهوري والعروضي ، بل على وجه آخر لا تدركه ولا تناله القياس وكل من قال بالربط بين القديم والحادث فقد خبط خبط عشواء ، فإنه سبحانه وحده ليس معه شيء آخر يسمى بالربط فإن لم يكن هذا المسمى عندهم بالربط في ذات الله تعالى فلا ربط في القديم وإن كان فقد وجد في القديم آخر أو شيء ليس بقديم ولا حادث وهو قديم وحادث والالتزام به يشبه قول السوفسطائية فإذا بطل الربط والنسبة بين ذات القديم سبحانه والحادث فلا فرق في تقوم الأشياء به تعالى بين الفعل وغيره فكلها قائمة به تعالى بلا كيف ولا إشارة إلا أن الموجودات حين انجعالاتها تختلف أحوالها فمنها ما لا يحتاج في تقومه إلا إلى المبدأ الفاعل فحسب ، ومنها ما يحتاج إلى غيره أيضا من شرط ومتمم ومكمل كاللون مثلا من حيث هو يحتاج في تحققه إلى جوهر ومحل زائد عن احتياجه إلى الفاعل وليس ذلك من نقض في الفاعل وإنما هو من جهة نفس اللون والعرض وليس هذا الاختلاف والتفاوت من جهة الأعيان الثابتة القديمة بل من جهة التقدم والتأخر في الجعل والإنجعال ولاشك أن أول ما تعلق به الجعل ببطلان الطفرة في الغاية من الشرف والبساطة والإحاطة وذكرنا ما سواه فيه وكلما سواه يتعلق الجعل به وإلا لتساويا فلم يكن لتعلق الجعل أولا نور وجمال وإحاطة وشرافة فلم يكن الجاعل حكيما كاملا إذ لم يكن لمجهوله جمال ولجماله جمال وهكذا وهو خلاف مقتضى ظهور قدرة القادر المطلق "
وهذا الكلام كما سبق القول كلام فلسفى لا يفيد المسلم بشىء إلا تعليمه ما لا وجود له في الشرع ومن ثم كان على الرشتى شرح الأمر بالوحى وليس بالفلسفة لأنه في سبيل هذا كذب الوحى فمثلا نسب الله الربانيين إليه فقال :
" ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون"
فالربانية تعنى أن طاعة الرب فهذه هى نسبة لطاعته ومثلا نسب الخلق إليه باعتباره خالقهم وخالق أعمالهم
ونجد في كلام الرشتى تناقض فمرة جعل الربط محال بقوله " فإنه سبحانه وحده ليس معه شيء آخر يسمى بالربط" ومرة قال إنه من الممكن أن يكون في القديم بقوله" فلا ربط في القديم وإن كان فقد وجد في القديم آخر"
وتحدث عن عدم وجود رابطة بين الله وفعله فقال :
"فالمتقدم أولا الواحد المنبسط على غيره هو المسمى بالفعل وهو كالواحد للأعداد وكل ما سواه مخلوق به مجعول بواسطة لا يمكن انجعاله إلا به لا لأجل نسبة خاصة بين الله سبحانه وبين فعله للسبب بينه وبين غيره فإن النسبة هناك منتفية والرابطة بين الله تعالى وفعله ممتنعة والكل عنده على حد سواء وإليه الإشارة في الدعاء (و لا يشغله علم شيء عن علم شيء و لا يشغله خلق شيء عن خلق شيء ، تهذيب الأحكام 3/117 ) فافهم راشدا واشرب صافيا ."
وهذا الكلام هو تكذيب لقوله تعالى " الله خالق كل شىء"
فالمنتفى هو أن يكون الفعل والمفعول في ذات الله وإنما الفعل والمفعول هو في المخلوق وهو الكون بما فيه
ثم تعرض لجزئية أخرى من السؤال فقال :
"قال سلمه الله تعالى : وأيضا خفقوا إلى أن الاختلاف في الإجابة والإنكار وظهور المراتب للوجود وتقدم بعضها على بعض ، هل هو بفعل الله سبحانه ؟ أم لا ؟ .
وعلى الثاني فالأشياء كانت مشاعرة بما يكون لكل مرتبة من حكم السعادة والشقاوة قبل الكون والشعور لا يكون إلا بعد الكون أم وجود ؟ .
أقول : إن ظهور المراتب وتقدم بعضها على بعض وتحقق الاختلاف يكون على قسمين أحدهما في السلسلة الطولية وهي المراتب الحاصلة بالأثرية والمؤثرية فإن السافل أثر ومعلول وشعاع منفصل للعال ، كالنور بالنسبة إلى المنير من الشمس والسراج وأمثالهما كالقيام والقعود وسائر الآثار الحاصلة للشخص بواسطة حركته بالنسبة إلى ذات الشخص وكالمرايا أي الصور المنطبعة عن الشاخص في الزجاجة والماء الصافي وأمثالها بالنسبة إلى الشاخص والاختلاف في هذه المراتب وأمثالها في المادة وهو ليس الإجابة والإنكار إلا بتأويل سبق الوجود وتأخره ولا يقع السؤال في هذا المقام عن علة تقدم السراج على شعاعه وتقدم الشخص على آثاره كقيامه وقعوده وكلامه وتقدم الشاخص على المرآة أي الصورة لأن السؤال عن الترجيح إنما يكون إذا أمكن أن يكون أحدهما في رتبة الآخر فيسأل حينئذ عن المرجح والحكمة إذا كان الفاعل المرجح حكيما وأما إذا امتنع طول كل منهما في رتبة الآخر فالسؤال عن وجه الرجحان قبيح لأن الشعاع إذا فرض كونه في مقام السراج لم يكن شعاعا وإنما كان سراجا منيرا لابد له من نور وشعاع والسراج إذا فرضته في مقام الشعاع لم يكن سراجا وإنما يكون نورا وشعاعا يحتاج إلى السراج فلم يبق لأحدهما وجودا أصلا إذا فرض كونه في رتبة الآخر فالكامل لابد له من كمال وهو أثر فان خلقه الخالق من غير كمال كان نقصا في حكمة الإيجاد فإذا خلقه كاملا فلابد له من أثر ، فلا يمكن فرض كون الأثر في رتبة المؤثر ، فإذا أمكن هذا السؤال يمكن أن يسأل أن الحادث لم يكن قديما والقديم حادثا والجواب الجواب والكلام الكلام وهذا السؤال ساقط عن أصله ورأسه فالاختلاف في السلسلة الطولية في المادة وذلك يحصل بجعل الجاعل أي من مقتضياته لبطلان الطفرة ولزوم كون أو ما تعلق به الجعل لكونه المبدأ له نور وشعاع وجمال فإذا فرضت هذا الشعاع والنور أول متعلق الجعل كان هو المنير والمبدأ فلابد له من نور وشعاع وذلك ظاهر المعلوم إنشاء الله تعالى وليس هذا هو الجبر فإنه جعل ما أمكن أن يكون شيئا بخلاف مقتضى ميله وشهوته وهذا لا يمكن أن يكون ذلك الشيء بحال من الأحوال كامتناع كون الممكن قديما والماضي مستقبلا والذي وقع أن لا يقع وأمثال ذلك ."
وكل هذا الكلام الفلسفى لن يفهم القارىء منه شىء وإنما كان واجبه أن يحدث السائل وغيره بما يفهمون وهو :
أن المخلوق سابق الوجود على أفعاله فالمخلوق مثلا وهو الإنسان يوجد في صورة مولود رضيع وبعد ذلك تأتى أفعاله من الرضاعة والإشارة ويتدرج في الأفعال التى يقدر عليه من جلوس ووقوف ومشى...
وتحدث حديثا فلسفيا أخر فقال :
"وثانيهما في السلسلة العرضية وهي ما إذا كانت المادة واحدة والاختلاف في الصورة وهنا يقع السؤال عن صيرورة حصة من مادة على صورة وهيئة مخصوصة ؟
سائر الصور مثل الحصة التي صورت بصورة زيد ، لماذا ما تصورت بصورة عمرو مثلا وهكذا في كل متحد المادة والمادة المقام ومختلف الصورة والهيئة فهنا محل السؤال والجواب ، أن علة الاختلاف والإجابة والإنكار والتقدم في الإجابة والتأخر والمبادرة إليها وعدمها والإخلاص في الإجابة وعدمه والنفاق فيها وعدمه ، واختلافها في الظاهر والباطن والعرضي والذاتي وأمثال ذلك ،
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس