عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 02-04-2022, 07:38 AM   #3
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,939
إفتراضي

المطلب الثاني
(في بيان معنى الصلة وما يتعلق بذلك)
قال الجوهري الوصل ضد الهجران والتواصل ضد التصارمفالقطيعة تحصل بالهجران وعدم الاحسان وما شاكلهما من وجوه الصلة وتحصل ايضا بنفي النسب الثابت شرعا
والمرجع في الصلة الى العرف اذ لا حقيقة لها شرعية ولا لغوية وهو يختلف باختلاف العادات وبعد المنازل وقربها ..
وقد روى الثقة الكليني عن جابر عن أبي جعفر قال قال رسول الله أوصى الشاهد من أمتي والغائب منهم ومن في أصلاب الرجال وأرحام النساء أن يصل الرحم وان كانت منه على مسيرة سنة فان ذلك من الدين
واعلم أن صلة من يطلب وصله من الارحام والقرابات ـ ويدخل فيه قرابة الرسول وقرابة المؤمنين الثابتة بسبب الايمان ـ تتأدى بالإحسان اليهم بحسب الطاقة والذب عنهم ونصرتهم والنصيحة لهم ..ولا ريب انه مع فقر بعض الارحام ـ وهم العمودان أعني الاباء وان علوا والاولاد وان نزلوا ـ تجب الصلة بالمال وتستحب لباقي الأقارب وتتأكد في الوارث للعلم بأنه اذا كانت القرابة قريبة كان الامر بالصلة آكد وأقوى والموصول به هو قدر النفقة"
والحديث لا يصح بسبب القول مسيرة سنة فالمسيرة لا تقاس بالوقت وهو الزمن وإنما تقاس بالمسافة المكانية لأن اختلاف وسائل الركوب والمشى يؤدى لاختلاف زمن الوصول وتحدث الكركى عن حالة شاذة فقال :
"ولو كان له قريبان مضطران الى الانفاق وليس هناك ما يفضل عن أحدهما قدم واجب النفقة فان وجبت نفقتهما قدم الأقرب فالأقرب فان تساويا فالقسمة على الاقرب ولو كان عنده ما لو أطعمه أحدهما لعاش يوما ولو قسمه بينهما لعاش كل منهما نصف يوم فالظاهر القسمة لعموم قوله تعالى (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) ولرجاء ما يتمم به حياة كل منهما وهل القسمة على الرؤوس أو على سد الخلة؟ احتمالان ويرجح الثاني أنه داخل في العدل اذ يجب عليه مع القدرة اشباعهما مع اختلاف قدر أكلهما فليكن كذلك مع العجز ولا تجب عليه هذه الصلة مع غنى القريب وان كان أحد العمودين نعم تستحب الهدية اليه بنفسه أو رسوله"
وهذا الكلام هو حديث عن المجاعة وحكاية القسمة أو عدم القسمة تعود للظروف المتواجد فيها القوم والظاهر أن الثلاثة سيهلكون جوعا حتى لو اقتسموا بالعدل
وتحدث الكركى عن بيان أحكام الصلة فقال :
"المطلب الثالث(في بيان احكام الصلة)
الصلة تنقسم بانقسام الأحكام الاقتضائية فالواجب ما يخرج به عن القطيعة المحرمة والمستحب ما زاد على ذلك والحرام قطيعة القرابة او صلة الكافر ومنه مخالف الحق الشريف وان لم يكن ناصبا فان من هذا شأنه يجب البراءة منه وإن كان أقرب الناس وألصقهم نسبا لقوله تعالى (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم)
قال الزمخشري في الكشاف معناه ان من الممتنع المحال أن تجد قوما مؤمنين يوادون المخالفين لله والغرض انه لا ينبغي أن يكون ذلك وحقه ان يمتنع ولا يوجد بحال ..."
فالود وهو الإحسان وهو القسط يكون للمسلمين أو المعاهدين من الأقارب وأما المعادين وهم المحاربين فيجب عدم صلتهم لقوله تعالى :
" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم والله يحب المقسطين إنما ينهاكم عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون"
ثم قال :
المطلب الرابع
(في بيان صلة القاطع)
القاطع لا ينقطع حقه من الصلة اجماعا اذ بترك عبادة من مكلف لا تسقط تلك العبادة من مكلف آخر ضرورة وقد ورد في ذلك من النصوص ما لا يحصى كثرة
فمنها ما رواه الثقة الكليني بإسناده ..أن رجلا أتى النبي فقال يا رسول الله أهل بيتي أبو ا الا تقريبا (كذا) على وقطيعة لي وشتيمة فأرفضهم؟ قال فاذا يرفضكم الله جميعا قال فكيف أصنع؟ قال تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك فانك اذا فعلت ذلك كان لك من الله عليهم ظهيرا
وبإسناده عن السكوني عنه قال قال رسول الله لا تقطع رحمك وان قطعك
وروى الشيخ في التهذيب بإسناده عن السكوني عنه قال سئل رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال على ذي الرحم الكاشح
وبإسناده عن محمد بن أبي عمير عن عبد الحميد عن سلمى مولاة ولد أبي عبدالله قال كنت عند أبي عبدالله حين حضرته الوفاة فأغمي عليه فلما أفاق قال أعطوا الحسن بن علي بن الحسين بن علي ـ وهو الافطس ـ سبعين دينارا قلت له أفتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة؟ فقال ويحك أما تقرأ القرآن؟ قلت بلى قال أما سمعت قوله تعالى (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب) "
وكل الأحاديث السابقة قال عنها الكركى :
"ولا يضر ضعف بعض أسانيدها لاعتضادها بما هو أصح اسنادا وانجبارها بعمل الاصحاب
وكل حديث اشتمل على مقابلة المسيء بالاحسان والمحسن بالامتنان فهو نص في الباب وكذا الآية الواردة بالإعراض عن الجاهلين بناء على ما أورده القوم ـ منهم المقداد بن عبدالله السيوري ـ من أنها لما نزلت سأل رسول الله جبرئيل عن معناها فقال لا أدري حتى أسأل ربك ثم رجع فقال يا محمد ان ربك أمرك أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك"
وتلك الأحاديث لا تفرق بين الحالين كما فرقت آيات النهى وعدم النهى عن معاملة الكفار ومن ثم فهى لم يقلها النبى(ص) فمثلا الذى حمل الشفرة وهى السكين لا يجوز صلته لأن من المقاتلين لحمل عليه
ثم قال :
المطلب الخامس (في بيان أن الصلة تعطيل العمر)
قد تظافرت الاخبار بذلك ورواه الثقة الكليني بإسناده قال أبو الحسن الرضا يكون الرجل يصل رحمه فيكون قد بقي من عمره ثلاث سنين فيصيرها الله ثلاثين سنة ويفعل الله ما يشاء
وبإسناده عن اسحاق بن عمار قال قال أبو عبد الله ما نعلم شيئا يزيد في العمر الا صلة الرحم حتى أن الرجل يكون عمره ثلاث سنين فيكون وصولا للرحم فيزيد الله في عمره ثلاثين سنة فيجعلها ثلاثا وثلاثين سنة ويكون اجله ثلاثا وثلاثين سنة فيكون قاطعا للرحم فينقصه الله عز وجل ويجعل أجله الى ثلاث سنين
قلت لا يضر تفاوت الزيادة في هذا الحديث والذي تقدمه على الاول لان الزيادة غير المنافية مقبولة وفي قوله «ما نعلم شيئا» الخ مزيد ترغيب في الصلة وتأكيد لكونها سببا لها
وبإسناده عن أبي حمزة قال قال أبو جعفر صلة الارحام تزكي الاعمال وتنمي الاموال وتدفع البلوى وتيسر الحساب وتنسيء في الاجل
وبإسناده عن عبد الحميد عن الحكم الحناط قال قال أبو عبدالله صلة الرحم وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الاعمار
بإسناده عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله قال ان القوم ليكونوا فجرة ويكونون بررة فتنموا أموالهم وتطول أعمارهم فكيف أذا كانوا أبرارا بررة
وربما استشكل ذلك باعتبار أن المقدر في الازل والمكتوب في اللوح المحفوظ لا يتغير بالزيادة والنقصان لاستحالة خلاف معلوم الله تعالى
وأجيب بأن المراد به الترغيب أو الثناء بعد الموت ومثله «ماتوا فعاشوا بحسن الذكر بعدهم» أو زيادة البركة في الاجل دون الزيادة فيه
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس