وذكر العلوان الاشتغال بالعلوم الأهم فقال :
"فإذا فرغ من حفظ القرآن أو حفظ ما تيسر فيشتغل بالعلوم الشرعية مبتدئاً بالأهم فالأهم، فالعلم كثير والعمر قصير فليأخذ المسلم من العلم أنفعه، وقد قال بعضهم:
ما أكثر العلم وما أوسعه! ... ... من ذا الذي يقدر أن يجمعه
إن كنت لا بد له طالباً ... ... محاولاً فالتمس أنفعه
وقال ابن معطي في مقدمة ألفيته:
وبَعدُ فالعلمُ جليلُ القدْرِ ... ... وفي قليلهِ نفاذُ العُمْرِ
فابدأ بما هو الأَهمُ فالأهم ... ... فالحازمُ البادي فيما يُستتم
فإنَّ مَنْ يُتقن بعضَ الفنِ ... ... يُضْطَرُ للباقي ولا يَستغْني "
ورغم أن هذه النصيحة مهمة فى مجال التعلم إلا أن الرجل أبى إلا أن يخلط ألأمور فطلب من طالب العلم تعلم العقيدة الصحيحة أولا عن طريق كتب مذهبه الوهابى فقال :
"ويقدم أصول المسائل التي يحتاج إليها في عباداته وتتكرر على غيرها مما لا يتكرر ولا يحتاج إليى أدائه فيشرع بحفظ كتاب الأصول الثلاثة لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب فقد بين فيه - ما يجب تعلمه على كل مسلم ومسلمة من أصول العلم ومهمات المسائل، فلا يسع مسلماً جهل ما في هذا الكتاب، ثم يشرع بحفظ كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب ففيه بيان لجميع أنواع التوحيد، وأكثر أبوابه في توحيد الإلهية؛ لأنه الأصل الذي أرسلت به الرسل وأنزلت من أجله الكتب.
ويطالع بعض شروحه كتيسير العزيز الحميد للشيخ العلامة سليمان بن عبدالله ابن الشيخ محمد بن عبدالوهاب وكتاب فتح المجيد للشيخ العلامة عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ ويحفظ العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية ففيها بيان لمعتقد أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات. والإيمان باليوم الآخر وما يتعلق به من المسائل، وبعد ذلك الإيمان بالقدر وما يتعلق به. ثم بين حقيقة الإيمان وحكم أصحاب الكبائر ومعتقد أهل السنة في أصحاب رسول الله، (ص)ثم بين بعد ذلك معتقد أهل السنة في كرامات الأولياء، ثم ختم العقيدة في بعض صفات أهل السنة والجماعة. فلا ينبغي لطالب علم إهمال حفظها عن ظهر قلب، ولها شرح مفيد اسمه التنبيهات السنية للشيخ عبدالعزيز الرشيد فيحسن النظر فيه للاستفادة منه.ويجعل الطالب لنفسه حظاً من دارسة كتب أئمة الإسلام في العقيدة ككتاب (الرد على الجهمية للدارمي، و (السنة) لعبدالله ابن الإمام أحمد، (وشرح أصول إعتقاد أهل السنة) للالكائي، و (الإبانة) لابن بطة، وكتاب (التوحيد) لابن خزيمة و (الشريعة) للآجري، و (رسالة السجزي) إلى أهل زبيد، و (الحجة في بيان المحجة) للإمام أبي القاسم الأصبهاني، وكتب شيخ الإسلام وتلميذه العلامة ابن القيم ففيهما فوائد عذاب مع الوضوح وحسن السياق في كلامهما، فرحمهما الله رحمة واسعة. وهذا في علم التوحيد والعقيدة."
وهذا الكلام يكون مع الطلاب الكبار وأما فى مرحلة الطفولة والبلوغ فلا يمكن للطفل أن يفهم الكثير من المسائل التى تتعلق بالألوهية على وجه الخصوص ومن ثم فالأهم كما بين الله أن يتعلم أحكام التعامل فى الطفولة كالاستئذان وعدم سب أو شتم الناس أو ضربهم لأن تعلم العقيدة غير مفيدة فى مرحلة الطفولة والمراهقة لعدم الرشد الذى يتم الوصول له بعد البلوغ الجسمى بسنوات
ثم ذكر العلوان الكتب التى ينبغى لطالب العلم دراستها فى التفسير والحديث وسواهم من العلوم فقال :
طوأما في علم التفسير: فيحفظ أولاً مقدمة أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله - ويطالع في دقائق التفسير لشيخ الإسلام، ويكثر من القراءة والنظر في تفسير ابن جرير، وابن كثير، والبغوي، ومعاني القرآن الكريم للإمام أبي جعفر النحاس، وأضواء البيان للشنقيطي، وغيرها من تفاسير أهل السنة، وهذه التفاسير لا تخلو من بيان علم القراءات والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول وما يحتاج إليه المفسر من اللغة والنحو والتصريف، وهذه علوم لا يستغني عنها المفسر فلا ينبغي لطالب علم أن يهملها ويدع تعلمها.
وأما في الحديث فيبدأ بالأربعين النووية وتتمتها للحافظ ابن رجب ثم يحفظ عمدة الأحكام للإمام عبدالغني المقدسي مع مطالعة كتاب (إحكام الأحكام) شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد، و (تيسير العلام للشيخ البسام، ويحفظ بلوغ المرام للحافظ ابن حجر فإنه كتاب نافع وفائدته لطالب العلم كبيرة، ويقرأ شرحه سبل السلام ففيه فوائد فقهية مفيدة، ومؤلفه الصنعاني على منهج أهل الحديث في اتباع الدليل وهذا الواجب على جميع الخلق.وأهل الحديث هم أولياء بالله وحزبه وأنصار دينه وأهل طاعته وهم الطائفة المنصورة أهل السنة. والجماعة، وقد دعا لهم النبي -صلى الله عليه وسلم - بالنضارة فقال: " نضر الله امرأ سمع منا شيئاً فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع " رواه الترمذي من طريق شعبة عن سماك بن حرب قال: سمعت عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود يحدث عن أبيه به وسنده حسن.
قال الإمام الشافعي -رحمه الله -: (إذا رأيت رجلاً من أصحاب الحديث فكأنما، رأيت رجلاً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم - جزاهم الله خيراً حفظوا لنا الأصل فلهم علينا الفضل).
كلُ العلومِ سوى القُرآنِ مشغلةُ ... ُ إلا الحديثَ وعلمَ الفقهِ في الدينِ
العلمُ ما كان فيه قال حدَّثنا وما سوى ذاك وَسْوَاسُ الشياطينِ
وإذا مَنّ الله على عبده بموهبة الحفظ والفهم فلا تقف همته على حفظ ودراسة ما تقدم.
فأقبح شيء في طالب العلم قدرته على بلوغ أسنى المقامات وأكمل الحالات فيتخلف عن ذلك.
قال المتنبي:
عجبتُ لمن له قدُّ وحَدُّ ... ... ... وينبو نَبْوَةَ القَضِمِ الكَهَامِ
ومَن يجدُ الطريقَ إلى المعالي ... ... فلا يَذرُ المطيَّ بِلاَ سَنَامِ
ولم أَرَ في عُيوبِ الناس شيئاً كنقصِ القَادرينَ على التَمامِ فأرى بعد حفظ الكتب المتقدمة البدأ بحفظ الصحيحين والسنن الأربعة بأسانيدها إلا أن يعسر ذلك عليه فيجردها من الأسانيد، فإن شق عليه حفظها كلها فيحفظ بعضها مقدماً الأهم فالأهم، فالبخاري أولى من مسلم، ومسلم أولى من كتب السنن والمسانيد. ولا يقتصر الطالب على علم الرواية دون الدراية فالتفقه في معاني الحديث نصف العلم كما قاله علي بن المديني فيما رواه عنه الخطيب وعليه بالحرص التام في معرفة الصحيح من الضعيف والتمييز بينهما، و هذا يحتاج إلى طول زمن وملازمة أهل المعرفة والتحقيق من العلماء. والأولى قبل ذلك أن يحفظ الطالب أحد المصطلحات الحديثية المختصرة كي تعينه على فهم قواعد المحدثين."
وبالطبع نصيحة العلوان بدراسة تلك الكتب وغيرها هى نصيحة غير مفيدة على الإطلاق لأنها تشتت طالب العلم تماما بين آراء الفقهاء والمفسرين والمحدثين فلا تكاد توجد مسألة لم يختلفوا فيها
ومن ثم فالمسلم يدرس كتابا واحدا فقط هو القرآن فمنه المبدأ وإليه المنتهى فدراسة كل تلك الكتب البشرية تشتت الفرد
ثم أكمل العلوان أسماء الكتب التى ينصح طالب العلم دراستها فقال :
"وأحسن المتون في هذا الباب نخبة الفكر للحافظ ابن حجر فمع اختصاره ففيه فوائد ولا غنى لطالب العلم عن دراسة الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي، ومعرفة علوم الحديث للحاكم، واختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير، والموقظة للذهبي، والنكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر. رحم الله الجميع.
وأما في علم الفقه : فيحفظ الدرر البهية في المسائل الفقهية، وهو متن فقهي للعلامة الشوكاني صاحب نيل الأوطار. ويطالع شرح هذا المتن لكل من الشوكاني، وابنه، وصديق خان في كتابه المفيد الروضة الندية.ن قوي على حفظ آداب المشي بجزئيه لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - فلا بأس. ولا بأس أيضاً بحفظ زاد المستقنع أو عمدة الفقه في الفقه الحنبلي، أومتن أبي شجاع في الفقه الشافعي، أو أحد المتون الفقهية في المذاهب الأخرى إذا خلا الطالب من التعصب المذهبي وتجرد من رقه، إنما قصده حفظ أصول المسائل والتفريع عليها وتصورها في الذهن، وما وافق الدليل قبله وما خالفه رده.
وأما إذا كانت همة الطالب حفظ المتون الفقهية المجردة عن الدليل للتمذهب ومعرفة قيل وقال والعمل بذلك فلا نرى ذلك وننهى من يفعله، لأن الله تعالى لم يتعبدنا بقيل وقال ولا أقوال الرجال، إنما تعبدنا بالكتاب والسنة فهما مصدر التشريع فمن جاءنا بقول يوافقهما قبل قوله ولزم العمل به ومن جاءنا يخالف كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم رد عليه قوله وإن كان القائل معظماً في نفوسنا، فلم يكتب الله العصمة لأحد من البشر غير أنبيائه ورسله.وأما في الفرائض: فيحفظ الرحبية وهو نظم مفيد سهل الفهم كثير الفائدة، وناظمه أبو عبدالله بن محمد بن علي الرحبي ويطالع حاشية ابن قاسم على الرحبية، وينظر في شرح سبط المارديني على الرحبية، وحاشية البقري على شرح المارديني وإن شاء حفظ المنظومة البرهانية في علم الفرائض، وهي منظومة مفيدة أيضاً ولها شرح مفيد اسمه وسيلة الراغبين وبغية المستفيدين للشيخ محمد ابن علي بن سلوم .
وأما في علم أصول الفقه: - وهو علم مهم لا يستغني عنه المجتهد ولا يحتاج إليه المقلد - فيحفظ متن الورقات لعبدالملك بن عبدالله بن يوسف الجويني المعروف بإمام الحرمين، وهذا المتن مع صغر حجمه إلا أن مؤلفه قد ألم بمعظم مهمات أبواب أصول الفقه، فقد ذكر أقسام الكلام والأمر والنهي، والعام والخاص، والمطلق والمقيد، والأفعال والنسخ، والإجماع والقياس وغير ذلك من الفصول المفيدة التي يحتاج إليها طالب العلم.
وما لم يذكره المؤلف يمكن طلبه في حفظ بعض أبيات مراقي السعود وهو نظم في أصول الفقه فيه فوائد جليلة ولكن ناظمه أدخل فيه بعض المسائل الكلامية فيحسن حذفها وحفظ ما فيه فائدة من هذا النظم، وقد انتقيت من هذا النظم أبياتاً فليراجع هذا المنتقى ففيه المهمات، ويحسن النظر في الكوكب المنير وشرحه المسمى شرح الكوكب المنير ومطالعة المذكرة للشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان.وأما في النحو: وهو علم مهم معين على فهم القرآن والسنة فلا يسع طالب علم جهله، وقد كان ابن عمر يضرب ولده على اللحن . وقال الشعبي: النحو في العلم كالملح في الطعام. فأحسن ما يبدأ بحفظه متن الآجرومية فإنه أسهل المتون النحوية المختصرة مع مطالعة شرح الشيخ الكفراوي وحاشية الشيخ عبدالرحمن بن القاسم.
|