عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 30-03-2022, 07:50 AM   #2
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,845
إفتراضي

ولقد استشهد الفقهاء في مواقف عديدة على تصحيح آرائهم على نتائج علم التشريح في زمانهم أما قبله فكأنها إباحة غير صريحة لهذا العلم
....فمن أقوال الأئمة المتقدمة يتبين لنا جواز شق بطن الميت من أجل إنقاذ الحي فمصلحة إنقاذ الحي مقدمة على مفسدة هتك حرمة الميت ولكن مما تقدم رأينا أن بين الحي والميت تعلقا وارتباطا لا يسهل انفكاكه فهل بالإمكان أن نعدي هذا الجواز إلى ما هو أبعد من ذلك ؟ هذا ما سنصل إليه إن شاء الله ولكن بشروط منها: موافقة ذوي الشأن ووجود ضرورة تتطلب التشريح وعدم التمثيل في الجثة"
وتحدث عن حكم التشريح فقال :
"المبحث الرابع: مدى شرعية التشريح
لما كانت شريعة الإسلام تنزيلا من حكيم حميد عليم بما كان وما سيكون أنزلها على خير الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين فقد جعلها سبحانه قواعد كلية ومقاصد سامية شاملة فكانت تشريعا عاما خالدا صالحا لجميع طبقات الخلق في كل زمان ومكان
...ومسألة التشريح لجثث موتى بني آدم لا تعدو أن تكون جزئية من هذه الجزئيات التي لم ينص عليها في نص خاص فشأنها شأن الوقائع التي جدت لابد أن تكون مشمولة بقاعدة كلية من قواعد الشريعة وشمولها وصلاحيتها لجميع الخلق قال تعالى: {وما كان ربك نسيا} وقال تعالى: {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما} وقال تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}
إن من قواعد الشريعة الكلية ومقاصدها العامة أنه إذا تعارضت مصلحتان قدم أقواهما وإذا تعارضت مفسدتان ارتكب أخفهما تفاديا لأشدهما ومسألة التشريح داخلة في هذه القاعدة على كل حال فإن مصلحة حرمة الميت – مسلما كان أو ذميا – تعارضت مع مصلحة أولياء الميت والأمة فالمتهم عند الاشتباه مثلا يطلب تشريح جثة المجني عليه لإثبات الجناية أو نفيها وفي هذا حفظ للحق وإعانة لولي الأمر على ضبط الأمن والتحقق من المجرمين لردع من تسول له نفسه ارتكاب جريمة يظن أنها تخفى على الناس كما أن الشخص قد يموت موتا طبيعيا وفي التشريح تبرئة للمتهم أضف أنه يمكن الكشف على الأمراض السارية بواسطة التشريح وبذلك تحفظ الأمة من الأوبئة والأمراض السارية الخطيرة من هذا تبرز أهمية علم التشريح وما دام أنه جزء من علم الطب فالعلم به إذن من فروض الكفاية التي لابد لجماعة من المسلمين معرفته والتدرب عليه ولذلك فإن التدرب على الجثث الحقيقية يعرف الطبيب بمكان العضو المصاب وأوصافه خلافا لمن رأى التدرب على الجثث غير الآدمية لاختلاف الأوصاف وعدم التمكن من الوصول إلى الحق في هذا الموضوع"
مما سبق انتهى الباحث إلى إباحة التشريح للضرورة وهى تعلم الطب وحفظ حقوق الناس والقاعدة التى بنى عليها الشرعية للتشريح ليست صحيحة فأحكام الله ليست مبنية على المصلحة والمفسدة التى يعرفها البشر وإنما على ما يعرفه الله فالحرب فى كل أحوالها مفسدة ومع هذا مباحة عند الاعتداء على المسلمين ومثلا الطلاق مفسدة ومع هذا مباح
فالأحكام لا تقاس بالمنفعة ولا المفسدة وإنما هى إرادة الله وهو أعلم بما يصلح عبادة
وتحدث عن قواعد الطب فقال :
"المبحث الخامس: قواعد الطب الإسلامي
قواعد الطب الإسلامي تؤخذ من القواعد الكلية في الفقه الإسلامي
أولا - قواعد التصرف في الحق لسلامة الحياة والجسد:
أ - حق الله تعالى وحق العبد في نفس هذا الأخير يوكلان لمن ينسبان إليه ثبوتا وإسقاطا
ب - لا يجوز لإنسان أن يتصرف في حق الغير إلا بإذنه
ج - قتل الإنسان أو فصل عضو من أعضائه لا يحتمل الإباحة بغير حق
د - لا يملك الإنسان إسقاط حقه فيما اجتمع فيه حق الله تعالى لعدم جواز تصرفه في حق الله تعالى
هـ - يقدم ما كان فيه حق الله وحق العبد على ما كان فيه حق العبد وحده
و- حق الله مبني على التسهيل بخلاف حق الآدمي فإنه مبني على التشديد إلا عند الضرورة
ثانيا: قواعد المفاضلة بين المصالح والمفاسد:
- جواز ارتكاب أخف الضررين دفعا لأعظمهما فالواجب تحصيل أعلى المصلحتين فإن تعذر رخص في التقديم والتأخير بينهما ومثاله من صال على نفسين مسلمتين فلم نتمكن من دفعه عنهما فإننا ندفع عن أي واحدة منهما
أ – إذا اجتمعت المفاسد في عمل واحد فإنه لا تفاضل بينها لأن الواجب درء الجميع فإن تعذر ذلك درأنا الأفسد فالأفسد
ب – إذا اجتمعت المصالح والمفاسد فالمطلوب تحصيل المصالح ودرء المفاسد جميعا إن أمكن فإن تعذر ذلك وكانت المفسدة أعظم من المصلحة أو مساوية لها درأنا المفسدة وفوتنا المصلحة لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح أما إن كانت المفسدة أعظم من المصلحة التي تقابلها فتقدم المصلحة من ذلك مثلا أن مصلحة إنقاذ الحي أولى بالرعاية من مفسدة انتهاك حرمة الموتى بشرط أن تكون المصلحة راجحة على المفسدة وأعظم منها
ج – يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام
- الضرورات تبيح المحظورات:
أ – تقدر الضرورة بقدرها
ب – يجب أن تكون المصلحة التي تقتضيها الضرورة أعظم من مفسدة المحظور
ج – الضرر لا يزال بمثله فلا يجوز مثلا لشخص قتل غيره ليدفع الضرر عن نفسه وذلك بأخذ علاجه أو غذائه الذي هو بحاجة إليه بمثل حاجته هو
د – الحاجة تنزل منزلة الضرورة سواء كانت الحاجة عامة أو خاصة
هـ - الاضطرار لا يبطل حق الغير
ثالثا: قواعد مزاولة العمل الطبي والجراحي:
- حق التطبيب والجراحة لأن الشرع أجاز التداوي فهذا يتضمن جواز ممارسة الطب
- جواز ممارسة الطبيب للجراحة لا تعطيه حق تشريح أجساد الآخرين إلا بالرضا من المريض باستثناء حالات الاستعجال والضرورة
- مراعاة أصول العلاج في حفظ الصحة الموجودة للمريض ورد المفقودة بقدر الإمكان وإزالة العلة أو تقليلها بقدر الإمكان
- استعمال طرق العلاج الأسهل فالأسهل
- لا مسئولية على الطبيب فيما يجوز له فعله
- لا يتقيد عمل الطبيب بشرط السلامة لأن المطلوب منه القيام بالمعتاد ما دام رضي المريض أو وليه بذلك"
وكل ما سبق من القواعد قائم على علاج الحى بأى وسيلة ممكنة مباحة وتحدث عن حكم الشرع فيما سماه الأعمال المستحدثة فقال :
"المبحث السادس: حكم الشرع في بعض الأعمال المستحدثة في الطب والجراحة
الإسلام بطبيعته يشجع البحث العلمي ويدعو إليه ..إلا أن للبحث العلمي في بعض الأحيان هفواته التي لا تغتفر وشطحاته التي لا تصيب الهدف وعلى ذلك لابد من تمحيص النتائج على ضوء القواعد التي وضعها صاحب الشرع سبحانه وتعالى العليم بأحوال عباده فإنه كما قال: {وفوق كل ذي علم عليم}
قطع الأعضاء البشرية لغرض الزرع:
لما كان مما يجوز للطبيب أن يعمل مبضعه في جسم المريض من أجل علاجه وإبعاد الأذى عنه فهل له مثل ذلك ولكن في جسم سليم ليخلص جسما آخر هو بحاجة إلى العلاج ؟ أي هل يجوز أن يكون علاج المريض جزءا أو قطعة أو عضوا من جسم سليم ؟ فيكون الأول معطيا والآخر آخذا أو متلقيا
بالنسبة لزرع عضو في جسم المريض من أجل إنقاذه لا إشكال عليه في الشريعة الإسلامية فإنه علاج مباح ما دام حصل إذن الشرع بالعلاج وإذن المريض بالتداوي وتقبله ولكن الصعوبة كل الصعوبة في قطع العضو من الحي أو الميت
فلنتكلم أولا على استقطاع عضو حي لإنقاذ حي بحاجة إلى ذلك العضو:
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس