الأول أن محمد (ص)وصفه الله بالأمي لأنه من العرب الأمة الأمية التي لا تقرأ ولا تكتب وهو ما يخالف أن نسبه هو إلى أم القرى كما قال " لتنذر أم القرى "
كما يخالف أن من يصفهم بالعرب كان الكثير منهم يقرئون ويكتبون ويخالف أنه لم يرسل للعرب وحدهم بدليل قوله فى الفقرة "عربكم وعجمكم أهل الكتاب وغيرهم"
الثانى أن الآية " قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذى له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيى ويميت فأمنوا بالله ورسوله النبى الأمى " لم يقلها محمد(ص) وإنما موسى(ص) فمحمد(ص) لن يقول فآمنوا بالله ورسوله النبى الأمى وإنما سيقول فآمنوا بالله وبى انا النبى الأمى كما قال الله "وإذ أوحيت إلى الحواريين أن أمنوا بى وبرسولى"
واستخلص الرجل التالى من الآيات فقال :
"ما يستفاد من هذه الآيات الكريمات:
1 - سعة رحمة الله وشمولها لكل شيء
2 - بيان من يستحق رحمة الله وهم المؤمنون بالله وآياته المطيعون لله بفعل ما أمر واجتناب ما نهى والمتبعون لرسوله محمد (ص)المزكون لأنفسهم وأموالهم
3 - أن الرسول محمد (ص)موصوفا في التوراة والإنجيل
4 - أنه (ص)يأمر بكل معروف وينهى عن كل منكر
5 - أنه (ص)يحل جميع الطيبات النافعة ويحرم الخبائث الضارة
6 - أن دينه سهلا سمحا ميسرا لا عسر فيه ولا مشقة
7 - تحريم الخبائث المأكولة والمشروبة المسكرة وغيرها
8 - تحريم شرب الدخان لأنه من الخبائث المضرة بالصحة والدين والبدن والمال وكذلك تحرم قيمته وبيعه وشراؤه لأن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه
9 - فلاح من آمن بالرسول محمد (ص)واتبعه ونصره وخسران من لم يؤمن به ويتبعه
10 - عموم وشمول رسالة محمد (ص)إلى العرب والعجم واليهود والنصارى والإنس والجن
11 - انفراد الله بملك السموات والأرض والتصرف فيهما وتدبير شئونهما
12 - أنه لا يستحق العبادة أحد غير الله سبحانه وتعالى
13 - قدرة الله على الإحياء والإماتة وحده لا شريك له
14 - هداية من اتبع الرسول (ص)إلى مصالح دينه ودنياه
15 - ضلال من لم يتبعه وخسارته
16 - أن الجزاء من جنس العمل في الخير والشر"
والغريب فيما سبق هو اختصاص المؤلف شرب الدخان بالذكر مع أن الله قال كلمة جامعة وهى" ويحرم عليهم الخبائث" فلم يحدد شىء لكثرتها
وتحدث عن فوائد رحمة الخلق مكررا كلاما كثيرا سبق وأن قاله فقال :
"فوائد الرحمة والشفقة على الخلق:
كم في كتاب الله من الآيات وكم في السنة من النصوص المحكمات التي فيها الحث على الرحمة والشفقة على الخلق صغيرهم وكبيرهم وغنيهم وفقيرهم قريبهم وبعيدهم برهم وفاجرهم بل وعلى جميع أجناس الحيوان وكم فيها من الترغيب في الإحسان وأن الراحمين يرحمهم الرحمن والمحسنين يحسن إليهم الديان وأن الله كتب الإحسان على كل شيء حتى في إزهاق النفس من إنسان والحيوان وشرع الله كله رحمة وحكمة وبر وفضل وامتنان لقد وسعت رحمة الله كل شيء وأمر بإيصال المنافع إلى كل حي أما أمر بإعطاء المحتاجين وحث على إزالة الضرر عن المضطرين وعلى الحنو على الصغار والكبار وجميع العاملين؟ أما قال (ص)مرغبا غاية الترغيب في الإحسان «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء؟»وقال «إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته»
أما ندبك أن تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتحسن إلى من أساء إليك؟ وقال: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم}
أما أباح للمظلوم أن يأخذ حقه بالعدل وندبه إلى طريق الإحسان والفضل فقال: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين}{وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله}
أما أمر الله بشكر نعمه المتنوعة وجعل من أجل شكره الإحسان إلى الخلق؟ قال بعد ما ذكر منته على نبيه بشرح صدره ووضع وزره ورفع ذكره {فأما اليتيم فلا تقهر * وأما السائل فلا تنهر * وأما بنعمة ربك فحدث}
أما حث المتعاملين على أعلى المناهج فقال: {ولا تنسوا الفضل بينكم} وهو البذل والسماح في المعاملة؟ أما شرع عقوبة العاصين وقمع المجرمين المفسدين بالعقوبات المناسبة لجرائمهم رحمة بهم وبغيرهم ليطهرهم ولئلا يعودوا إلى ما يضرهم وردعا لغيرهم؟ ولهذا قال في عقوبة القتل الذي هو أكبر الجرائم: {ولكم في القصاص حياة} وقال بعدما شرع قطع أيدي السارقين صيانة للأموال: {جزاء بما كسبا نكالا من الله} فالشريعة كلها مبنية على الرحمة في أصولها وفروعها وفي الأمر بأداء حقوق الله وحقوق الخلق فإن الله لم يكلف نفسا إلا وسعها
وقال: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} ولما ذكر أحوال الطهارة وتفاصيلها قال: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون}
وإذا تدبرت ما شرعه في المعاملات والحقوق الزوجية وحقوق الوالدين والقرابة وجدت ذلك كله خيرا وبركة لتقوم مصالح العباد وتتم الحياة الطيبة وتزول شرور كثيرة لولا القيام بهذه الحقوق لم يكن عنها محيص ثم من رحمة الله بالجميع أن من أخلص عمله منهم ونوى القيام بما عليه من واجبات ومستحبات كان قربة له إلى الله وزيادة خير وأجر وكان له ثواب ما كسب وأنفق وقام به من تلك الحقوق قال (ص)«إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعله في في امرأتك»
فإذا كان هذا في القيام بمؤونة الجسد وتربيته فما ظنك بثواب القيام بالتربية القلبية بتعليم العلوم النافعة والأخلاق العالية؟ فهذا أعظم أجرا وثوابا قال (ص)«لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم» «وأفضل ما نحل والد ولده أدب حسن» وكذلك رحم الله المعلمين والمتعلمين للعلوم النافعة الدينية وما أعان عليها فالمعلمون جعل نفس تعليمهم أجل الطاعات وأفضلها ثم ما يترتب على تعليمهم من انتفاع المتعلمين بعلمهم ثم تسلسل هذا النفع فيمن يعلمونه ويتعلم ممن علموه مباشرة أو بواسطة فكل هذا خير وحسنات جارية للمعلمين ونفع مستمر في الحياة وبعد الممات قال (ص)«إذا مات العبد انقطع عمله من ثلاث: صدقة جارية أوعلم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعو له» وكذلك رحم الله المتعلمين حيث قيض لهم من يعلمهم ما يحتاجونه في أمور دنياهم ودينهم ويصبر على مشقة ذلك ولهذا وجب عليهم أن يكافئوا المعلمين بالقيام بحقوقهم ومحبتهم واحترامهم وكثرة الدعاء لهم وعلى الجميع أن يشكروا الله بما قيض لهم ويسر من الأسباب النافعة التي توصلهم إلى السعادة
ومن رحمة هذه الشريعة توصيتها وحثها على الإحسان إلى اليتامى والمضطرين والبائسين والعاجزين والحنو عليهم والقيام بمهامهم وإعانتهم بحسب الإمكان وأوصى الله ورسوله بالمماليك من الآدميين والحيوانات أن يقام بكفايتهم ومصالحهم وأن لا يكلفوا من العمل مالا يطيقون ففي هذا رحمة للمماليك والبهائم ورحمة أيضا للملاك والسادة من وجهين:
أحدهما: أن قيامهم بما يملكون هو عين مصلحتهم ونفعه عائد عليهم فإنهم إذا قصروا عاد النقص والضرر الدنيوي على الملاك ولهذا كثير من الملاك لولا هذا الوازع الطبيعي النفعي لأهملوا مماليكهم وبهائمهم ولكن المصلحة الدنيوية وخوف الضرر على أنفسهم ألجأتهم إلى ذلك رحمة من الله وجودا وكرما
|