عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 23-03-2022, 02:16 PM   #3
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,843
إفتراضي

وحدثنا المؤلف عن أسباب متعددة للنزول لا يصح منها شىء لأنها ليست فى قتال المسلمين ولا فى المظاهرة عليهم ولا فى طردهم من بيوتهم فقال :
"قال القرطبي في تفسيره " قال السدي: نزلت في عبدالله بن عبدالله بن أبي، جلس إلى النبي (ص)فشرب النبي (ص)ماء، فقال له: بالله يا رسول الله ما أبقيت من شرابك فضلة أسقيها أبي، لعل الله يطهر بها قلبه؟ فأفضل له فأتاه بها، فقال له عبدالله: ما هذا؟ فقال: هي فضلة من شراب النبي (ص)جئتك بها تشربها لعل الله يطهر قلبك بها
فقال له أبوه: فهلا جئتني ببول أمك فإنه أطهر منها فغضب وجاء إلى النبي (ص)، وقال: يا رسول الله! أما أذنت لي في قتل أبي؟ فقال النبي (ص): "بل ترفق به وتحسن إليه"
وقال ابن جريج: حدثت أن أبا قحافة سب النبي (ص)فصكه أبو بكر ابنه صكة فسقط منها على وجهه، ثم أتى النبي (ص)فذكر ذلك له، فقال: (أو فعلته، لا تعد إليه) فقال: والذى بعثك بالحق نبيا لو كان السيف مني قريبا لقتلته
وقال ابن مسعود: نزلت في أبي عبيدة بن الجراح، قتل أباه عبدالله بن الجراح يوم أحد وقيل: يوم بدر وكان الجراح يتصدى لأبي عبيدة وأبوعبيدة يحيد عنه، فلما أكثر قصد إليه أبو عبيدة فقتله، فأنزل الله حين قتل أباه {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الأخر}
{أو أبناءهم} يعني أبا بكر دعا ابنه عبدالله إلى البراز يوم بدر، فقال النبي (ص): " متعنا بنفسك يا أبا بكر أما تعلم أنك عندي بمنزلة السمع والبصر"
{أو إخوانهم} يعني مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير يوم بدر
{أو عشيرتهم} يعني عمر بن الخطاب قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر، وعلي وحمزة قتلا عتبة وشيبة والوليد يوم بدر (انتهى) "
وكل هذه الأسباب لا يصح منها شىء فى الآية موضوع الكتاب وأمثالها لأن الآية لا تتحدث عن قتالهم وإنما تتحدث عن مقاطعتهم فى التعامل تماما بسبب قتال الكفار للمسلمين أو مساعدة المقاتلين عليهم أو طرد المؤمنين
وأما قتل القريب لو كان أبا أو أخا أو غير ذلك فهذا فى القتال كما فى قوله تعالى :
" قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة"
وحدثنا عن مسألة مختلفة معتبرا إياها من ضمن الموضوع فقال :
ولا تجتمع هذه المحبة وهذه الولاية في من يتقرب إلى السلطان بنبذ الإخوان، قال ابن كثير في تفسيره " وفي قوله تعالى: {رضي الله عنهم ورضوا عنه} سر بديع وهو أنه لما سخطوا على القرائب والعشائر في الله تعالى عوضهم الله بالرضا عنهم وأرضاهم عنه بما أعطاهم من النعيم المقيم والفوز العظيم والفضل العميم [إلى أن قال] وقال نعيم بن حماد: حدثنا محمد بن ثور عن يونس عن الحسن قال: قال رسول الله (ص): " اللهم لا تجعل لفاجر ولا لفاسق عندي يدا ولا نعمة فإني وجدت فيما أوحيته إلي {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله}، قال سفيان: يرون أنها نزلت فيمن يخالط السلطان رواه أبو أحمد العسكري (انتهى) "
الغريب هنا هو أن الآية نزلت كما يزعم هو ومن نقل عنهم فيمن يخالط السلطان مع أن نقل فى روايات سابقة وتالية أنها نزلت فى الموالاة والمعاداة لله فقال :
طوجاء في الدر المنثور للسيوطي: أخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أحب في الله وأبغض في الله وعاد في الله ووال في الله فإنما تنال الله بذلك، ثم قرأ {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون} الآية
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود قال: قال رسول الله (ص): "أوحى الله إلى نبي من الأنبياء أن قل لفلان العابد أما زهدك في الدنيا فتعجلت راحة نفسك، وأما انقطاعك إلي فتعززت بي، فماذا عملت في مالي عليك؟ قال يا رب: ومالك علي؟ قال: هل واليت لي وليا أو عاديت لي عدوا"
وأخرج الحكيم الترمذي عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله (ص): "يبعث الله يوم القيامة عبدا لا ذنب له فيقول له: بأي الأمرين أحب إليك أن أجزيك بعملك أم بنعمتي عليك؟ قال: رب أنت تعلم أني لم أعصك، قال: خذوا عبدي بنعمة من نعمي فما يبقى له حسنة إلا استغرقتها تلك النعمة، فيقول: رب بنعمتك ورحمتك، فيقول: بنعمتي وبرحمتي ويؤتى بعبد محسن في نفسه لا يرى أن له سيئة فيقال له: هل كنت توالي أوليائي؟ قال: يا رب كنت من الناس سلما قال: هل كنت تعادي أعدائي قال: يا رب لم أكن أحب أن يكون بيني وبين أحد شيء فيقول الله تبارك وتعالى: وعزتي لا ينال رحمتي من لم يوال أوليائي ويعاد أعدائي (انتهى)"
وهذه الأحاديث لا يصح منها شىء فلا يوجد بشر لا يذنب وهى تناقض الحديث المعروف" كل ابن آدم خطاء"
ونقل الرجل عن سيد قطب التفسير التالى:
"واقرأ بتمعن ما قاله "سيد" في هذه الآيات تجد في كلامه البلسم الشافي والخير الوافي، فقد قال "فروابط الدم والقرابة هذه تتقطع عند حد الإيمان إنها يمكن أن ترعى إذا لم تكن هناك محادة وخصومة بين اللوائين: لواء الله ولواء الشيطان والصحبة بالمعروف للوالدين المشركين مأمور بها حين لا تكون هناك حرب بين حزب الله وحزب الشيطان فأما إذا كانت المحادة والمشاقة والحرب والخصومة فقد تقطعت تلك الأواصر التي لا ترتبط بالعروة الواحدة وبالحبل الواحد ولقد قتل أبو عبيدة أباه في يوم بدر وهم الصديق أبو بكر بقتل ولده عبد الرحمن وقتل مصعب بن عمير أخاه عبيد بن عمير وقتل عمر وحمزة وعلي وعبيدة والحارث أقرباءهم وعشيرتهم متجردين من علائق الدم والقرابة إلى آصرة الدين والعقيدة وكان هذا أبلغ ما ارتقى إليه تصور الروابط والقيم في ميزان الله {أولئك كتب في قلوبهم الإيمان} فهو مثبت في قلوبهم بيد الله مكتوب في صدورهم بيمين الرحمن فلا زوال له ولا اندثار، ولا انطماس فيه ولا غموض! {وأيدهم بروح منه} وما يمكن أن يعزموا هذه العزمة إلا بروح من الله وما يمكن أن تشرق قلوبهم بهذا النور إلا بهذا الروح الذي يمدهم بالقوة والإشراق، ويصلهم بمصدر القوة والإشراق
{ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها} جزاء ما تجردوا في الأرض من كل رابطة وآصرة، ونفضوا عن قلوبهم كل عرض من أعراضها الفانية
{رضي الله عنهم ورضوا عنه} وهذه صورة وضيئة راضية مطمئنة ترسم حالة المؤمنين هؤلاء في مقام عال رفيع وفي جو راض وديع ربهم راض عنهم وهم راضون عن ربهم انقطعوا عن كل شيء ووصلوا أنفسهم به: فتقبلهم في كنفه، وأفسح لهم في جنابه، وأشعرهم برضاه فرضوا رضيت نفوسهم هذا القرب وأنست به واطمأنت إليه
{أولئك حزب الله} فهم جماعته المتجمعة تحت لوائه المتحركة بقيادته المهتدية بهديه المحققة لمنهجه الفاعلة في الأرض ما قدره وقضاه فهي قدر من قدر الله {ألا إن حزب الله هم المفلحون} ومن يفلح إذن إذا لم يفلح أنصار الله المختارون!!

رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس