وهذا إخبار عن اليهود والنصارى بلعنة الله وغضبه عليهم ومسخهم قردة وخنازير وعبادتهم للطاغوت وقال تعالى " وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت" وهذا وصف الكفار وقال تعالى " لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون"
وفي الصحيح أن النبي (ص)قال « لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » وقال عن نصارى الحبشة« إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصورا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله » والأدلة على كفر اليهود والنصارى كثيرة ولهذا قال تعالى " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" فهم لا يؤمنون بالله حقا حيث لم يصدقوا رسوله (ص)ولا يستعدون لليوم الآخر وهذا وصف الكفار والله أعلم
وتحريفهم للكلم عن مواضعه كثيرة جدا وقد دعاهم الله إلى الدخول في الإسلام بقوله تعالى " يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا
وكل ذلك دليل كفرهم وخروجهم من الدين الصحيح وأنهم كذبوا بالحق لما جاءهم مع أنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم فلذلك حلت عليهم اللعنة والغضب واستحقوا العذاب في الآخرة قال تعالى
" لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ولا شك أن تكذيبهم لمحمد (ص)وما جاء به هو أعظم الكفر وهم المرادون بقوله تعالى " قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل فتأمل هذه الآيات وما بعدها وما يشبهها في سورة النساء تجد أن جميع من كذب محمدا (ص)أو خرج عن شرعه أو أنكر رسالته أو ادعى أنه رسول العرب أو نصب العداوة للمسلمين أتباع هذه الشريعة المحمدية أنه كافر مستحق لغضب الله ولعنته وعذابه ولا ينفعه انتماؤه إلى الأديان السابقة والمنسوخة المحرفة"
وكرم ابن جبرين هنا صحيح فكل يهودى أو نصرانى عرف برسالة محمد(ص) ولم يؤمن بها كافر بكتب الله التى أخذت الميثاق عليهم أن يؤمنوا بها وبرسولها ألأخير
وتحدث عن صحة الإسلام وتحريف غيره وهو عنوان خاطىء فالمفروض هو صحة القرآن وتحريف كتب الآخرين فقال :
« الإسلام هو الدين الصحيح وغيره محرف ومنسوخ »
وقد أقام الله البراهين والأدلة على صحة هذه الرسالة والشريعة وأمر بإبلاغها للخاص والعام فمن بلغته فعاند وعصى وركب هواه واتبع الأديان الباطلة وتمادى في غيه فإن مصيره إلى النار وبئس القرار
ولا شك أن الأديان السماوية كانت سبيل النجاة قبل تحريفها ونسخها لكن وقع من أهلها التحريف للكلم عن مواضعه وتغيير شرع الله ثم عصيان هذا النبي الكريم فبطل التمسك بها؛ مع أن الأديان الباقية الآن كلها باطلة حيث دخلها الشرك بالله وعبادة الأنبياء كالمسيح وأمه والعزير والصالحين وتغيير دين الله عما هو عليه والتعبد بما لم يأذن به الله؛ فيحكم عليهم بأنهم كفار فلا يدخلون في قوله تعالى " إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون " فالإيمان بالله يستلزم تصديق رسله وخاتمهم محمد (ص)ويستلزم تقبل كلامه القرآن الكريم فلا يدخل في ذلك من كذب محمدا أو طعن في القرآن ولو عمل ما عمل من الصدقات والصلوات الباطلة"
وككلام ابن جبرين صحيح فيما عدا قوله بوجود الأديان السماوية فلا وجود إلا لدين سماوى واحد نزل من السماء وهو الإسلام وفيه قال :
"إن الدين عند الله الإسلام" فقالله لم يطلب من أحد أن يكون على دين غيره ولذا فكل الرسل (ص) مسلمون ومن اتبعوهم مسلمون وهو ما يناقض قول ابن جبرين فى فقرة قادمة :
" ومعلوم أن الإسلام في وقت كل نبي هو اتباع ما جاء به؛ فاتباع موسى في زمنه واتباع عيسى في وقته سمي إسلاما لكن زال بعد أن حرفت تلك الشرائع ونسخ ما بقي منها"
فهنا لا دين سوى الإسلام وصحة الكلام هو الرسالات السماوية وليس الأديان السماوية فالله لم يقل أن اليهودية أو النصرانية أو غيرهما دينه
ثم حدثنا عن أن عبادة اليهود والنصارى وغيرهم لا قيمة لها عند الله فقال :
« أعمال الكفار الصالحة وعبادتهم تكون هباء منثورا :
وقد أخبر الله أن أعمال الكفار تكون هباء منثورا منها أعمال أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا بالله وبرسله وكتبه فقوله تعالى " قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين " دليل على أنهم ليسوا على دين وأن عبادتهم باطلة حيث لم يؤمنوا بما أنزل إليهم من ربهم ولم يقيموا التوراة والإنجيل فإن إقامتها تستلزم اتباع النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل فمن لم يتبعه لم يكن على شيء
وهكذا اشترط الله للأمن الإيمان بالله واليوم الآخر في قوله تعالى " إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون فلا بد من الإيمان بالله الذي يستلزم تصديق رسله وخاتمهم محمد (ص)فلم يقبل منهم الإيمان إلا بشرط وهو التصديق بما جاءت به الرسل
ولا شك أن العمل الصالح الذي اشترطه الله للمؤمنين لا يحصل إلا بما وافق شرع الله المنزل على نبيه (ص)وقد فسر النبي (ص)الإيمان بأركانه الستة ومنها الإيمان بالرسل والكتب وهو يستلزم الاتباع للرسل وخاتمهم محمد (ص)والعمل بالكتب وخاتمها القرآن الكريم فمن لم يتبعه فليس بمؤمن ولا ينفعه عمله ولو عمل أي عمل
ومعلوم أن الإسلام في وقت كل نبي هو اتباع ما جاء به؛ فاتباع موسى في زمنه واتباع عيسى في وقته سمي إسلاما لكن زال بعد أن حرفت تلك الشرائع ونسخ ما بقي منها
|