رابعا الإكثار من الطاعات والمسارعة في الخيرات فإن ذلك يزيد الإيمان و تستقيم الأمور كما سبق ومن أهم ذلك مداومة الذكر قياما وقعودا وعلي جنبه وكتب الأذكار متوفرة ..."
وما عدده الرجل كعلاج هو شىء واحد وهو طاعة أحكام الله وحديثه عن الاستعاذة خطأ فقول أعوذ بالله لا يمنع شىء وإنما الاستعاذة الاحتماء من عقاب الله بطاعته وليس بمجرد كلمة قد يقولها أى كافر مدعيا الإسلام بها
ثم طرح السؤال التالى وأجاب عليه ناقلا من هنا وهناك فقال:
"سؤال هل في المال حق سوي الزكاة ؟ ؛ لأن كثيرا من أصحاب الأموال يكتفون بالزكاة معتقدين أنه لا يجب عليهم غيرها ؟
الجواب ذلك من الجهل الذي يوافق هوي البخيل فيبرر به بخله بل في المال حقوق كثيرة سوي زكاة المال المفروضة فإذا لم تكف الزكاة مصارفها الثمانية المعروفة أصبح توفية ذلك فرضا من فروض الكفاية لو قام بها أحدهم سقط عن الباقين فإذا لم يقم به أحد أثم الجميع والجهاد بالمال والنفس في سبيل الله من أفرض الفروض وذلك لا يقتصر علي الزكاة ولو وجد المسكين في قرية أهلها قادرون علي الإنفاق ثم لم يقضوا حاجته إلا أثموا جميعا ويسألون عنة يوم القيامة " مع أنهم أخرجوا زكاة أموالهم من قبل " قال تعالي " وفي أموالهم حق للسائل والمحروم " وذلك بخلاف الحق المعلوم في الآية الأخرى وفي الحديث " للسائل حق وإن جاء على فرس " وقال تعالي " فلا اقتحم العقبة * وما أدراك ما العقبة * فك رقبة * أو إطعام في يوم ذي مسغبة * يتيما ذا مقربة * أو مسكينا ذا متربة " وفي الحديث " ما آمن بي من بات شبعان و جاره جائع إلى جنبه و هو يعلم به "
ومن أقوي الأدلة قوله تعالي في آية البر " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملآئكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسآئلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة …" فجمع سبحانه في الآية بين إيتاء المال علي حبه للمصارف المذكورة وإيتاء الزكاة فهذا حق في المال سوي الزكاة
...ولما سمعها الأصحاب أتي بعضهم بأنفس ما عندهم وتركوها لرسول الله يتصرف فيها لله يقول أحدهم فإني سمعت الله يقول " لن تنالوا البر حتى … " ومنهم أبو طلحة كان له قطعة أرض مقابلة لمسجد النبي (ص)الذي كان يشرب من ماء فيه طيب فكم تكون قيمة هذه الأرض ومع ذلك أنفقها أبو طلحة لينال البر
وفي الحديث الصحيح " على كل مسلم صدقة قيل أرأيت إن لم يجد قال يعتمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق قال قيل أرأيت إن لم يستطع قال يعين ذا الحاجة الملهوف قال قيل له أرأيت إن لم يستطع قال يأمر بالمعروف أو الخير قال أرأيت إن لم يفعل قال يمسك عن الشر فإنها صدقة "
فيا عجبا للأغنياء لا يتركون شيئا من الترف ..ثم يقولون لقد أخرجنا زكاة المال !!
ويا ليتهم يخرجونها فعلا بحساب صحيح وإنما كما يقولون " بالبركة " ...وهذه كلمات للإمام العظيم ابن حزم في ذات موضوعنا أنقلها بتمامها " وفرض علي الأغنياء من أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم ويجبرهم السلطان علي ذلك إن لم تقم الزكوات بهم ولا في سائر أموال المسلمين بهم فيقام لهم بما يأكلون من القوت الذي لا بد منه ومن اللباس للشتاء والصيف بمثل ذلك وبمسكن يكنهم من المطر في الصيف والشمس وعيون المارة برهان ذلك قول الله تعالي " وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل " وقال تعالي " وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم "
فأوجب تعالي حق المسكين وابن السبيل وما ملكت اليمين من حق ذي القربى وأفترض الإحسان إلي الأبوين وذي القربي والمساكين والجار وما ملكت اليمين والإحسان يقتضي كل ما ذكرنا ومنعه إساءة بلا شك وقال تعالي "ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين""
وهذا الكلام من ابن حزم صحيح المعنى فالمسلمون يكفل بعضهم بعضا ثم نقل كلاما صحيح المعنى فقال :
"...وعن رسول الله(ص) في غاية الصحة أنه قال " ما لا يرحم الناس لا يرحمه الله
وعن أبو عثمان أنه حدثه عبد الرحمن بن أبي بكر أن أصحاب الصفة كانوا أناسا فقراء وأن النبي (ص)قال مرة من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس أو سادس "
وعن عبد الله بن عمر أن رسول الله (ص)قال " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه "
ومن تركه يجوع ويعري وهو قادر علي إطعامه وكسوته فقد أسلمه وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (ص)قال " من كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ومن كان عنده فضل زاد فليعد به على من لا زاد له قال فذكر من أصناف المال ما ذكر حتي رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضله " وهذا إجماع الصحابة يخبر بذلك أبو سعيد الخدري وبكل ما في هذا الخبر نقول
ومن طريق أبي موسى الأشعري عن النبي (ص)قال " أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني " والنصوص من القرآن والأحاديث الصحيحة في هذا كثيرة جدا
..وقال علي " إن الله تعالي فرض علي الأغنياء في أموالهم بقدر ما يكفي فقرائهم فإن جاعوا أو عروا وجهدوا فيمنع الأغنياء وحق علي الله تعالي أن يحاسبهم يوم القيامة ويعذبهم عليه "
وعن ابن عمر أنه قال " في مالك حق سوي الزكاة " ..."
وأما وجود حقوق فى المال سوى الزكاة فأمر مسلم به فالنفقة على الأولاد والزوجة كما قال تعالى " وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف "
والنفقة على الوالدين واجبة فضلا على النفقة على النفس كما قال تعالى
"يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين"
|