وسبب الكذب هنا واضح؛ وهو الشعور بالنقص، ويلجأ إليه الأطفال لاستدرار العطف والشعور بالقبول في البيئة، وأيضا للأطفال المدللين في الصغر إذا تغيرت معاملة الوالدين لهم على أساس أنهم لم يعودوا أطفالا صغارا. وقد يتهم الطالب أيضا بعض المدرسين بأنهم يعذبونه أو يضربونه أو يضطهدونه، وهو بذلك يحاول أن يستدر عطف الوالدين، ويجد لنفسه سببا ليسوغ عدم نجاحه في دروسه ..
وهذا النوع يجب الإسراع في علاجه بتفهم الحاجات النفسية التي يخدمها الكذب ومحاولة إشباعها.
رابعا: الكذب بغرض الاستحواذ.
وهذا النوع من الكذب يقوله الطفل الذي يعامل بقسوة من والديه، أو يتصف والداه بالرقابة المبالغة له؛ فنجده دائما يلجأ لذلك لتحقيق رغباته، فإذا سألته: هل معه نقود؟ أجاب بالنفي، أو يدعي ضياع لعبة ليشتري له والده لعبة أخرى، كل ذلك بهدف الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من الأشياء، وذلك لفقدانه الثقة في أقاربه.
خامسا: الكذب الانتقامي.
قد يسقط الطفل اللوم على شخص يكرهه أو يغار منه .. وهو من أكثر أنواع الكذب خطرا؛ لأنه كذب مع سبق الإصرار، ويحتاج من الطفل إلى تفكير وتدبير مسبق مصحوبا بالتوتر النفسي بقصد إلحاق الضرر .. وقد يحدث بين الإخوة في الأسرة الواحدة، بسبب التفرقة في المعاملة بين الإخوة، أو في المدرسة بسبب الغيرة؛ وأذكر في هذا الباب قصة مشهورة لأحد المشايخ تحدث فيها عن طالب وضع بعض المخدرات في حقيبة أحد المتفوقين دراسيا وذلك بغرض الحقد والحسد والكره والانتقام، وبلغ الشرطة بذلك، وقدمت الشرطة وفتشت الحقيبة فوجدت المخدرات، فأخذت الطالب إلى السجن، ثم ثبتت براءة الطالب المتفوق؛ ولكن بعد ماذا؟؟! .. بعد أن انهارت نفسية الطالب وتغيرت نظرة الطلاب والمدرسين له، وأصبح الجميع يسأله عن هذه الحادثة، فأصبح حديث الطلاب والمدرسين والطلاب وشغلهم الشاغل، مما أدى بالطالب إلى التدهور الدراسي، وترك المدرسة وضعف وأصابه وهن في الجسم، ثم الذهاب إلى المستشفيات النفسية للعلاج، ثم يكمل الشيخ قاصا روايته أن الله عز وجل بقدرته أنزل على هذا الطالب الذي كذب عقابا من عنده وأخذ يترجى الطالب الذي كان متفوقا أن يسامحه، ولكنه رفض وذكر أنه قد حطم حياته ومستقبله .. وبذلك انهارت حياة الطالبين معا ..
كما يحدث الكذب الانتقامي في مجتمعاتنا بين الفتيات وذلك بسبب الغيرة .. لذلك فعلى المدرسين والآباء مقابلة هذه الاتهامات بالحذر والإشفاق الشديدين.
سادسا: الكذب الدفاعي (الخوف من العقاب).
ويبدر هذا النوع من الكذب من الأسر التي يسود فيها نوع من النظام الصارم والعقوبة الشديدة، فترى الطفل يكذب ليهرب من العقاب، وقد يلصق التهمة ببريء سواء كان أخا له أو زميلا خوفا من أن تقع عليه عقوبة ما. لذلك فإن الآباء الذين يميلون إلى ضرب أطفالهم وعقابهم بهدف أن يقولوا الصدق، إنما يدفعونهم دفعا إلى الكذب، بل وإلى إدمانه؛ لأنهم يضطرون للكذب مع مصاحبة شيء من الغش والخداع، وقد أظهرت الدراسات أن 70% من أنواع سلوك الأطفال الذي يتجه إلى الكذب ترجع إلى الخوف من العقاب."
عند دراسة ما يسمى بالكذب فى الطفولة يجب أن يفرق أى باحث بين مرحلتين :
الأولى الطفولة المبكرة وهى المرحلة التى لا يدرك الطفل فيها الفرق بين الأزمنة ولا الفرق بين الواقع والخيال وهذه المرحلة بدايتها معروفة ولكن نهايتها متنوعة من طفل لأخر ولا يمكن تحديدها
الثانية الطفولة المتأخرة ولا يمكن معرفة بدايتها عمريا ولا نهايتها وفى هذه المرحلة يدرك الطفل الفروق الزمنية والفرق بين الواقع والخيال
ومن ثم فما يحدث فى الطفولة المبكرة لا يمكن وصفه بالكذب لأن الطفل لا يدرك المعانى جيدا
واستعرض المؤلف علاج الظاهرة فقال :
"علاج ظاهرة كذب الأطفال:
1 - الضبط: فالضبط من القواعد العامة لتحفيز السلوك الإيجابي لدى الطفل، وهو أسلوب تربوي إيجابي، يشعر الطفل بالجائز من الأمور والمحظور منها، ومن خلال عملية الضبط يتشرب الطفل معايير المجتمع وقيمه، ويتعلم أيضا احترام الآخرين وحقوقهم، ومن أمور الضبط للأبناء تعليمهم وتوجيههم أن الكذب من التصرفات المخالفة للشرع وغير المستساغة اجتماعيا ..
2 - التزود بالقيم الدينية.
3 - أن تكون البيئة المحيطة بالطفل بيئة صالحة والجميع فيها صادقون وقدوة حسنة.
4 - إذا اعترف الطفل بذنبه يجب أن لا يعاقب، بل يكافأ.
5 - القيام بتشجيع الطفل على قول الصدق.
6 - التروي في إلصاق تهمة الكذب بالطفل لئلا يألف اللفظة.
7 - ألا نترك الطفل يمرر كذبته على الأهل أو المدرسين؛ لأن ذلك يشجعه ويعطيه الثقة بقدرته على ممارسة الكذب.
8 - المساواة بين الإخوة.
9 - تنمية ثقة الطفل بنفسه."
وما قيل هنا ليس علاجا فالعلاج الوحيد هو :
تعريف الطفل الحلال والحرام فى الكذب والصدق فكلمة علاج فى الفقرة السابقة تعنى أن الكذب كله حرام وأن الصدق كله حلال وهو ما يناقض أحكام الله فى وجود محرمات فى النوعين
|