والخطأ الثانى وجود حرز يحفظ القائل من الشيطان المؤذى له وهو يخالف أن سلطة الشيطان وهو الشهوة هو الدعوة أى الوسوسة وفى هذا قال تعالى على لسان الشيطان "وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى " ثم قال : "كثرة ذكر الله عز وجل وهو أنفع الحروز: ففي الترمذي من حديث الحارث الأشعري أن النبي (ص)قال: «إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها -فذكر الحديث- فقال: وآمركم أن تذكروا الله فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعا حتى أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله» قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح، فقد أخبر النبي (ص)في هذا الحديث أن العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله." معنى القول لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله هو طاعة الله هو معنى صحيح وأما ترديد كلمات فليس بحماية وأمامنا الصوفية يرددون الذكر ومع هذا كثير منهم يتركون طاعة الله فمنهم من رفع الشرع عن نفسه ومنهم من يؤسس لدول الكفار باتباعه لحكاية الذكر تاركا الجهاد وقال : "وعنه (ص)أنه قال: «رأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الشياطين فجاء ذكر الله فطرد الشيطان عنه» رواه أبو موسى المديني وقال: حسن جدا" والحديث إن كامن معناه فعرف حكم الله فاتبعه كان معناه صحيح ثم قال : "الوضوء والصلاة: وهذا من أعظم ما يتحرز به من الشيطان فما أطفأ العبد جمرة الغضب والشهوة بمثل الوضوء والصلاة، فإنها نار، والوضوء يطفئها، وفي الحديث: «إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ» [رواه أبو داود]." والصلاة إذا وقعت بخشوعها والإقبال فيها على الله أذهبت أثر ذلك كله، وهذا أمر تجربته تغني عن إقامة الدليل عليه." والخطأ فى الحديث أن الغضب من الشيطان ويخالف هذا وجود غضب إلهى أى من الله مثل غضب موسى (ص)على قومه عندما رأى عبادتهم للعجل وفى هذا قال تعالى "ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح"كما أن غضب المسلمين هو غضب لدين الله وليس معقولا أن يكون الغضب لله من الشيطان ثم قال : "إمساك فضول النظر والكلام والطعام ومخالطة الناس فإن الشيطان إنما يتسلط على ابن آدم وينال غرضه منه من هذه الأبواب الأربعة. وليعلم أن الناس أربعة أقسام: 1- أحدها: من مخالطته كالغذاء لا يستغني عنه في اليوم والليلة وهم العلماء بالله وأمره، ومكائد عدوه، الناصحون لله ولكتابه ولرسوله ولخلقه، فهؤلاء في مخالطتهم الربح كله. 2- الثاني: من مخالطته كالدواء يحتاج إليه عند المرض، فما دمت صحيحا فلا حاجة لك في خلطته، وهم من لا يستغني عن مخالطتهم في مصلحة المعاش وقيام ما أنت محتاج إليه من أنواع المعاملات. 3- الثالث: من مخالطته كالداء على اختلاف مراتبه وأنواعه، وهو من في مخالطته ضرر ديني أو دنيوي، فعاشره بالمعروف حتى يجعل الله لك فرجا ومخرجا. 4- الرابع: من في مخالطته الهلاك كله، وهم أهل البدع والضلالة، فالبعد عنهم خير، وحاول أن تكون جليسا صالحا تنفع من جالسك وترشده إلى كل خير وتحذره من كل شر، [بدائع الفوائد لابن القيم]" وهذه الوسيلة هى جزء من طاعة أحكام فى الموضوعات التى ذكرها وهو كلام صحيح وتحدث عما سماه مظاهر عداوة الشيطان فقال: "من مظاهر عداوة الشيطان: (1) الوسوسة وهي من أعظم مظاهر عداوته إذ لا يزال بالإنسان يوسوس له ويشككه حتى يخرجه من عقيدة الإسلام، ولهذا حذرنا منه المصطفى (ص)فقال: «يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته» وفي حديث آخر يقول (ص)«فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل: آمنت بالله ورسله، فإن ذلك يذهب عنه» [صحيح الجامع 2/74] فإذا ما يئس من الوسوسة على تلك الحال انتقل إلى الوسوسة في أمور العبادة، فيوسوس للإنسان عند وضوئه للصلاة بكثرة صب الماء، ثم يوسوس له في الصلاة حتى لا يعلم ما قال في صلاته، ولعلاج ذلك قال (ص)لعثمان بن أبي العاص الذي جاء يشتكي إليه ويقول: يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وبين قراءتي يلبسها علي، فقال له: «ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا». [رواه مسلم] يقول الصحابي: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. وهكذا يحاول الشيطان أن يدخل من باب الوسوسة، ولكنك تغلق الباب أمامه إذا استعذت بالله منه، يقول الله تعالى: { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم } " والأحاديث المذكورة لا يصح منها شىء فالشيطان فى الصلاة لا يسمى خنزب وهو ما يناقض أن الوسوسة تقع من النفس كما قال تعالى : " ونعلم ما توسوس به إليه نفسه" ثم قال : (2) بث الخوف عند الإنسان فهو لا يزال بك يخوفك عن طاعة ربك؟ فإذا أردت بذل مال في سبيل الله خوفك الفقر ووعدك به: { الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء } وإن أردت الجهاد في سبيل الله خوفك الموت، ومع الموت حر السلاح وشدة الأعداء { إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين } وإن أردت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقف لك مخوفا بسوء العاقبة، ومحذرا باستهزاء الناس فيك، أو بقوله لك: عليك بخاصة نفسك ودع عنك الناس فلن يستجيبوا لك... وما أكثر من أوقعهم الشيطان في هذه المصيدة! إلى غير ذلك من أنواع الطاعات.. فإذا وجدت شيئا من الخوف وعدم الإقدام في أمر من أمور الخير فاعلم أن وراء ذلك الشيطان. (3) التحرش وإيقاع العداوة بين المسلمين يقول الله تعالى: { إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء } ويقول (ص)«إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون، ولكن في التحريش بينهم» [أخرجه مسلم وغيره]. والمرء يرى من مظاهر عداوته في هذا المجال ما لا يعد ولا يحصى، فكم سفكت دماء، وكم وقعت عداوة وشحناء، وكم فرق بين إخوة أشقاء وغيرهم من باب أولى، وكم زرع في مجتمع المسلمين من تناحر وبغضاء، لتحل محل الأخوة والصفاء، وكم.. وكم.. وكل ذلك وراءه الشيطان. (4) الصد عن ذكر الله من فوائد الذكر، أن الذاكر يبقى على صلة بالله { فاذكروني أذكركم }. والشيطان يريد أن يستحوذ على الإنسان ويصده عن ذكر الله { ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون }. ولذلك تراه يزين لهم القبائح كشرب المسكرات، ويشغلهم عن الذكر بلهو الحديث من سماع الغناء، أو الاشتغال بالسب والشتم والغيبة والنميمة، وفي ذلك ضلال عن طريق الهدى حتى قال تعالى: { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله } وقد سئل ابن مسعود عن لهو الحديث فقال: (والله الذي لا إله غيره هو الغناء، يرددها ثلاث مرات). فاحذر يا أخي المسلم أن يشغلك الشيطان بلهو الحديث عن ذكر الله، واعلم أن الفرق بين الذي يذكر الله وبين الذي لا يذكره كالفرق بين الحي والميت، ولا تنس وصية الله لك { واذكر ربك إذا نسيت } وهذه بعض مظاهر عداوة الشيطان لك أيها الإنسان.." وتلك المظاهر ليست من إبليس فإبليس فى النار من يوم أن خرج من الجنة" مذءوما مدحورا"وإنما هى من هوى النفس وهى الشهوات فهى التى تقوم بالوسوسة ومنها التخويف والوقيعة وغيرها وتحدث عما سماه مداخل الشيطان فقال : "أولست ترى بعد ذلك أنه يتحتم عليك أن تعرف طرقه ومداخله؟! وإليك بعضا منها: من مداخل الشيطان (1) الغضب والشهوة فالغضب هو غول العقل، وإذا ضعف جند العقل هجم جند الشيطان، وإذا غضب الإنسان لعب به الشيطان كما يلعب الصبي بالكرة ألا ترى -يا أخي المسلم- أن المرء يقتل إذا غضب ويطلق زوجته، وتنتفخ أوداجه ويفقد صوابه؟! وتراه إذا زال الغضب ربما استدرج به الشيطان فزين له قتل نفسه خشية العار أو القصاص.. فقتل نفسين بغير حق وأورده الشيطان النار وبئس القرار، قال تعالى: { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما } فاملك نفسك -يا أخي- عند الغضب واعلم أن ذلك مدخل من مداخل الشيطان، وتذكر قوله (ص)«ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» [متفق عليه]. يا أخي المسلم إن شهوة الانتقام قد تدفعك إلى الغضب، وشهوة العزة بالإثم قد تؤدي بك إلى رد الحق، ولكن إذا ما أحسست بشيء من هذا فادفع بالتي هي أحسن { فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم } ولا شك أن هذا سيحتاج منك إلى الصبر وترويض النفس، ولكن العاقبة ستكون حميدة، والمثوبة من الله كبيرة { وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم } " والغضب ليس من الشيطان أى من هوى النفس كله فهناك غضب لله كما فى رد المسلمين اعتداء الكفار وأما الشهوى فهى المدخل ثم قال : (2) العجلة وترك التثبت كثيرا ما يفوت المرء على نفسه مصالح كثيرة وسببها العجلة وعدم التريث، ذلك أن الشيطان يروج شره على الإنسان في تلك الحال، على حين لا يستطيع الشيطان على شيء إذا ما تبصر المرء في أمره، ودرسه من جميع جوانبه، ولهذا أرشدنا المصطفى (ص)إلى هذا السلوك فقال: «الأناة من الله، والعجلة من الشيطان» [أخرجه الترمذي]. وليس غريبا أن يقول الرسول (ص)(أشج عبد القيس): «إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة» [أخرجه مسلم وغيره]، وكفى بهدي القرآن { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين } " والخطأ فى الحديث أن الحلم والتؤدة جبل عليهما الأشج والأخلاق حادثة بمعنى أن الإنسان يكتسبها بنفسه وذلك لولادته دون علم سابق بأى شىء مصداق لقوله تعالى "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا "فكيف يكون الأشج مجبولا أى مخلوقا بهما؟ ثم قال : (3) الشبع من الطعام ذلك لأن الإكثار من الطعام -وإن كان حلالا- يقوي الشهوات، والشهوات أسلحة الشيطان... يقول (ص)«ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه» [رواه أحمد والترمذي]. ويقال في كثرة الأكل ست خصال مذمومة: أولها: أنه يذهب خوف الله من قلبه. الثاني: أنه يذهب رحمة الخلق من قلبه لأنه يظن أنهم كلهم شباع.
|