عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 04-02-2022, 08:59 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,039
إفتراضي

وقد كان محمد بن سيرين يضحك في النهار حتى تدمع عينه ، فإذا جاء الليل قطعه بالبكاء والصلاة .. ومن خير الناس ( بسام بالنهار بكاء في الليل )
الإخلاص سر بين العبد وبين ربه لا يعلمه ملك فيكتبه ، ولا شيطان فيفسده .
اللهم ارزقنا الإخلاص في أقوالنا وأعمالنا واجعلها خالصة لوجهك ثوابا على سنة رسولك
آمين يا رب العالمين
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم"
وتحدث عن ما يحجب الإخلاص من الأسباب فقال :
"اتقوا الله عباد الله ..
ومن تقواه إخلاص العبودية لله رب العالمين..
اعلموا أن الإخلاص ينافيه عدة أمور. من حب الدنيا ، والشهرة ، والشرف ، والرياء ،والسمعة ، والعجب ."
والحقيقة أن الأسباب التى ذكرها لا تحجب الإخلاص لأنه عملية قلبية ومن ثم فما يعارضه هو مشيئة الإنسان عدم الإخلاص
وعرف الرياء فقال :
"والرياء : هو إظهار العبادة لقصد رؤية الناس فيحمدوا صاحبها...فهو يقصد التعظيم والرغبة أوالرهبة فيمن يرائيه.
وأما السمعة : فهي العمل لأجل إسماع الناس.
وأما العجب : فهو قرين الرياء ، والعجب : أن يعجب الإنسان بعبادته ، ويرى نفسه بعين الإعجاب ..
وكل هذه من مهلكات الأعمال"
والحق أن ليس كل إظهار للعمل رياء بدليل أن الله أباح النفقة فى السر وفى العلن فقال:
"الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية"
فالعطاء فى العلن قد يكون عملا مخلصا وكذلك هناك أعمال لا يمكن أن تكون إلا فى العلن كصلاة يوم الجمعة والجهاد فالقتال لا يكون فى السر والزواج والطلاق
وتحدث عما سماه الرياء الخفى فقال :
"وهناك أحبتي مسالك دقيقة جدا من مسالك الرياء يوقع الشيطان فيها العبد المؤمن من حيث يشعر أو من حيث لا يشعر..
سأذكر بعضا منها .. سأذكر بعضا منها وإلا فالحديث طويل جدا عن الرياء والعجب، ولكن حسبي أن أورد لك ثلاثة من تلك المسالك الدقيقة للرياء ، وهذه المسالك غالبا ما يقع فيها الصالحون إلا من رحم الله.
أما أولها :
فما ذكره أبو حامد الغزالي حيث قال أثناء ذكره للرياء الخفي ، قال : وأخفى من ذلك أن يختفي العامل بطاعته بحيث لا يريد الإطلاع ، ولا يسر بظهور طاعته . ولكنه مع ذلك إذا رأى الناس أحب أن يبدئوه بالسلام ، وأن يقابلوه بالبشاشة والتوقير، وأن يثنوا عليه ، وأن ينشطوا في قضاء جوائحه ، وأن يسامحوه في البيع والشراء ، وأن يوسعوا له في المكان .. فإن قصر فيه مقصر ثقل ذلك على قلبه ، ووجد لذلك استبعادا في نفسه كأنه يتقاضى الاحترام على الطاعة التي يفعلها ..كأنه يتقاضى الاحترام على الطاعة التي يعملها.. أخفاها عن الناس ولكنه أراد ثوابها توقيرا واحتراما من الناس وذلك أمر يوشك أن يقع فيه الكثير من الناس إلا من رحم الله.
أما ثانيها :
فهو أن يجعل الإخلاص لله وسيلة لا غاية ولا قصدا ، فيجعل الإخلاص وسيلة لأحد المطالب الدنيوية .
وقد نبه شيخ الإسلام ابن تيمية على تلك الآفة الخفية فكان مما قال:
حكي أن أبا حامد الغزالي بلغه أنه من أخلص لله أربعين يوما تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ..قال : فأخلصت أربعين يوما فلم يتفجر شيء .. فأخلصت أربعين يوما فلم يتفجر شيء ، فذكرت ذلك لبعض العارفين فقال لي : إنما أخلصت للحكمة ولم تخلص لله تبارك وتعالى .. إنما أخلصت لتتفجر الحكمة بين يديك وعلى لسانك ولم تخلص لله رب العالمين."
والخطأ مخالفة الحديث للأجر فى القرآن وهو فى الحديث تفجر ينابيع الحكمة والأجور فى القرآن هى عشر حسنات للعمل الصالح غير المالى مصداق لقوله تعالى "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها "و700أو 1400للعمل المالى مصداق لقوله تعالى "مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء "
وحدث عن بعض الأعمال التى يعملها الناس وليست بإخلاص فقال :
"وهذا مسلك خطير كما سمعت وقليل من يتفطن له والأمثلة عليه كثيرة من الواقع .. فتجد بعض الناس يكثر من الأعمال الصالحة في أيام الاختبارات كصيام النوافل ، وقيام الليل ،وكثرة الصلاة ، والخشوع .. وقلبه منعقد على أنه إذا أكثر من العبادات سيوفق في اختباره ، أو سيفوز بوظيفة ما ..فهذا إنما أخلص للإختبارات والوظيفة ، وما أخلص لله رب العالمين .
ومن ذلك أيضا أن يذهب بعض الناس إلى المسجد ماشيا ، أو يحج كل سنة ، أو غير ذلك من العبادات التي فيها رياضة..إنما أراد أن ينشط جسمه ، وما أراد وجه الله تبارك وتعالى ."
وما قاله فيه خطأ فالأخذ بالأسباب ليس من ضمن الرياء كمن زاد وزنه عن الحد المعقول فيذهب للوظيفة أو المسجد ماشيا كعلاج
وتحدث عن وجود نيات متعددة فقال :
"قال الحافظ بن رجب: فإن خالط نية الجهاد مثلا نية غير الرياء مثل أخذ أجرة للخدمة ، أو أخذ شيء من الغنيمة ، أو التجارة ، نقص بذلك أجر جهادهم ولم يبطل بالكلية ..
بل اجعل مشيك وحجك وجهادك عبادة خالصة لله تعالى .
وهذه الأشياء تحصل تبعا للإخلاص .. وهذه الأشياء تحصل تبعا للإخلاص الذي ينعقد في القلب.
أما ثالث هذه المسالك الدقيقة :
وهو ما أشار إليه الحافظ بن رجب بقوله : ها هنا نكتة دقيقة وهي أن الإنسان قد يذم نفسه بين الناس.. أن الإنسان قد يذم نفسه بين الناس يريد بذلك أن يري الناس أنه متواضع عند نفسه ، فيرتفع بذلك عندهم ويسقط من عين الله .. فيرتفع عند الناس ويسقط من عين الله ، فيمدحونه وهو ساقط من عين الله.
وهذا من دقائق أبواب الرياء ، وقد نبه عليه السلف الصالح ..( يأتي أقوام يوم القيامة بأعمال مثل جبال تهامة بيضاء يجعلها الله هباء منثورا ) { الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا }"
وأنهى الرجل خطبه بالدعاء فقال :
"اللهم اجعل عملنا في رضاك خالصا لوجهك الكريم
اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئا ونحن نعلمه ونستغفرك اللهم مما لا نعلم.
اللهم طهر قلوبنا من النفاق وأعمالنا من الرياء وألسنتنا من الكذب وأعيننا من الخيانة إنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ..
اللهم حبب إلينا الإيمان ، وزينه في قلوبنا ، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان
اجعلنا يا ربنا من الراشدين وأرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه....."
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس