قراءة فى كتاب إغاثة الملهوف
أخي المسلم: كم هو جميل بالمسلم أن يدخل السرور في قلب أخيه؛ فيفرج عنه كربة .. أو يسد له حاجة .. أو يضع عنه دينا، أو يعفو له عنه ..
قال علي بن عبد الله بن عباس: (إن اصطناع المعروف قربة إلى الله، وحظ في قلوب العباد، وشكر باق).
وقال الزهيري: (من زرع معروفا حصد خيرا، ومن زرع شرا حصد ندامة).
وقالوا: (حصاد من يزرع المعروف في الدنيا اغتباط في الآخرة).
أخي المسلم: فلتعلم أن أهل الإحسان، وإغاثة الملهوف؛ هم الناجون غدا .. الآمنون من روعات الفزع الأكبر.
وما هذه الأيام إلا معارة
فما اسطعت من معروفها فتزود
فإنك لا تدري بأية بلدة
تموت ولا ما يحدث الله في غد"
وما سبق هو كلام فى موضوع واحد فقط وهو الاغاثة المالية وتحدث عن كون مغيث الملهوف أرفع الناس درجة فقال:
"** هكذا تكون إغاثة الملهوف! **
أخي المسلم: فلتعلم أن أرفع الناس درجة في إغاثة المحتاجين، هو: من تفقد أخاه المحتاج قبل أن يأتيه فيسأله؛ فعلى المسلم أن يتفقد حال إخوانه وجيرانه؛ ولا يكون مثل ذلك الغافل؛ الذي بات شبعان وجاره جائع!"
وقد سبق القول فى كون المجاهد أفضل درجة من الكل مهما عملوا وطالب الرجل القارىء بتفقد أحوال المسلمين حوله كى يعينهم فقال :
"بل إن المسلم الصادق يتفقد حال إخوانه المسلمين أينما كانوا؛ فيتألم لألمهم .. ويحزن لحزنهم .. فتجده مسارعا إلى إعانتهم .. وتفريج كرباتهم"
ثم حكى لنا حكاية فقال:
"وتأمل في هذه القصة؛ والتي تخبرك عن همة الصادقين في إغاثة الملهوفين ..
أتى رجل صديقا له فدق عليه الباب، فخرج الصديق، وقال له: ما جاء بك؟
قال: علي أربعمائة درهم دين.
فوزن له صديقه أربعمائة درهم، وأعطاه إياها، ثم عاد وهو يبكي!
فقالت له امرأته: لم أعطيته إذ شق عليك؟!
فقال: إنما أبكي لأني لم أتفقد حاله حتى احتاج إلى مفاتحتي!!
فأين أنت أخي من هذه الأخلاق السامية؟!
فكم في مجتمعنا من أولئك المحتاجين الذين لا يسألون الناس، ولا يمدون أيديهم؛ عفة .. وحياء .. فحري بأمثال هؤلاء أن يتفقدهم الناس .. ويكفونهم ذل السؤال "
وهى حكاية تبين مدى ايثار الغيرعلى النفس ونقل لنا كلاما أخر فى الموضوع فقال :
"وما أحسن ما قاله معمر: (من أقبح المعروف أن تحوج السائل إلى أن يسأل وهو خجل منك، فلا يجئ معروفك قدر ما قاسى من الحياء، وكان الأولى أن تتفقد حال أخيك وترسل إليه ما يحتاج، ولا تحوجه إلى السؤال).
ثم أخي هل تعلم أن من عباد الله من حبب إليه تفريج الكربات؛ حتى يرى أن من سأله حاجة؛ فكأنما هو المحسن إليه!
لأن صاحب الحاجة؛ سبب في جلب الأجر والثواب إليك .. فهو محسن إليك من حيث لا تشعر!
عن الفضيل بن عياض، قال: ذكروا أن رجلا أتى رجلا في حاجة له، فقال: خصصتني بحاجتك؛ جزاك الله خيرا، وشكر له!.
وقيل لأبي عقيل البليغ: كيف رأيت مروان بن الحكم عند طلب الحاجة إليه؟ قال: رأيت رغبته في الإنعام فوق رغبته في الشكر! وحاجته إلى قضاء الحاجة أشد من حاجة صاحب الحاجة!.
أخي المسلم: فليكن عونك للمحتاجين؛ غايتك منه: طلب ثواب الله تعالى .. والإحسان إلى أخيك المسلم .. وتفرج كربته ..
ولا تجعل همك: حب الشهرة .. أو طلب الشكر، وذكر الناس ..
وإذا أقدمت على فعل المعروف بهذه النية؛ رأيت الثمرات الطيبة لإحسانك في الدنيا قبل الآخرة ..
وإذا كان يوم القيامة؛ فما أعده الله تعالى من الثواب لأهل الإحسان أعظم
وهذا الكلام يغنى عه عدل الحكام فلن يحتاج أحد إلى أحد غلا نادرا فلو حكموا بعدل الله ما كان هناك ملهوفا ماليا
ووعظ الرجل الأغنياء فقال :
"** كلمات أهديها إلى كل صاحب مال **
إلى كل صاحب مال يرجو أن ينتفع بماله يوم لا ينفع مال ولا بنون!
إلى كل صاحب مال يريد الربح الباقي الدائم!
إلى كل صاحب مال يريد البضاعة التي لا تخسر!
إلى كل صاحب مال يحب أن يضع ماله في مكان أمين .. حريز لا تصل إليه الأيدي!
إلى كل صاحب مال يحب أن يكون ماله غدا حجابا له من النار!
إلى كل صاحب مال يحب أن لا يكون ماله غدا حسرة عليه!
إليك أهدي هذه الكلمات:
* فلتتق الله تعالى في مالك، ولتعلم أن هذا المال أمانة عندك؛ فإن قمت بحقه بورك لك فيه، وإلا محقت بركته، وكان وبالا عليك يوم القيامة!
* ولتعلم أخي أن المال بلاء، وامتحان، حتى يرى الله تعالى أين تضعه؟ فلا يرين الله منك إلا ما يرضيه.
* إذا أديت زكاة مالك؛ فتلؤدها وأنت طيب النفس راضيا.
* حاول أخي أن تعود نفسك كثرة الإنفاق والتصدق .. فإنك إن فعلت ذلك؛ فقد قدمت مالك أمامك في دار ستسر غدا بها إذا رأيت ربح ذلك ..
* أخي: إذا دخلت قبرك فلن يتبعك إلا صالح عملك .. فهل يسرك أن تأتي ربك تعالى خالي اليدين، وكان بإمكانك أن تقدم صالحا؟!
* المال ظل زائل .. فحاول أن تجعل منه ظلا دائما في يوم لا يظلك إلا عملك!
* ولتعلم أن فضل المال؛ إنما يكون إذا بذلته في وجوه الخير .. وأنفقته في الطاعات ..
* أخي: لا تكن عبدا خادما للمال .. ولكن اجعل المال عبدك .. وخادمك فيما تريده ..
وأخيرا أخي: حاول أن تضع أموالك دائما، فيما يعود نفعه على الضعفاء والمحتاجين .. ولتتحر في ذلك؛ حتى يصل مالك إلى مستحقيه ..
أخي المسلم: إغاثة الملهوفين وظيفة كل مسلم؛ يبذل فيها ما يستطيع، وليس ذلك خاصا بالأغنياء وحدهم؛ فالمسلم يحسن إلى أخيه بما يستطيعه، ولو بالكلمة الطيبة ..
ووفقني الله وإخوتي المسلمين إلى سبل مرضاته .. وأعانني وإياهم على طاعاته .. وأقر أعيننا بنعيم جناته "
وما يأخذ على الكتاب هو تحدثه فقط عن الإغاثة المالية مع أن الملهوف كما قلنا قد لا يحتاج إلى مال وإنما لمن يواسيه أو ينقذه من الموت أو يحميه من عدو أو يقع على الأرض ويحتاج لمن يوقف على رجليه أو يسنده غير ذلك مما يحدث فى الحياة
|