عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 27-12-2021, 08:34 AM   #2
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,845
إفتراضي

الرجاء هو: تحسين العبد الظن بربه حين غلبة المخاوف عليه وكان السلف يغلبونه حال الاحتضار حين يكون منهم الخوف من سوء الخاتمة والخوف والرجاء جناحان للعبد يطيران به إلى رضى الله تعالى وأجمع العارفون على أن الرجاء لا يصح إلا مع العمل وحال السلف فيهما هو:
1 - تغليب الرجاء في زمن الشدائد؛ وخاصة عند الاحتضار

2 - تغليب الخوف في زمن الأمن والحياة
3 - الجمع بينهما فيما بين الحالين السابقتين"
وهذا الكلام خاطىء فالخوف والرجاء يكونن معا بنفس الدرجة كما قال تعالى " يدعوننا رغبا ورهبا"
وعاد العتيق لحكاية الأقوال والحكايات عن الأمر فقال :
"قال يحيى بن معاذ: لقد رجوت ممن ألبسني بين الأحياء ثوب عافيته أن لا يعذبني بعد الممات، وقد عرفت جود رأفته إلهي: إن كنت غير مستأهل لما أرجو من رحمتك،فأنت أهل أن تجود على المذنبين بفضل سعتك إلهي: لولا ما عرفت من عدلك ما خفت من عذابك، و لولا ما عرفت من فضلك ما رجوت ثوابك إلهي: إن كنت لا تعفو إلا عن أهل طاعتك، فإلى من يفزع المذنبون؟ وإن كنت لا ترحم إلا أهل تقواك؛ فبمن يستغيث المسيؤون؟
هذه كلمات لهذا الإمام الزاهد ملأها رجاء وأملا بربه تعالى
ومن رجائهم فضل الله تعالى ما كان من شأن أبي عبد الرحمن السلمي لما حضره الموت دخل بعض الناس يرجون فقال: أنا أرجو ربي وقد صمت له ثمانين رمضانا وقوله هذا يفيدنا أمرا مهما في الرجاء، وهو: أن الرجاء إنما يكون مع العمل لله تعالى باجتناب المعاصي و المنهيات،وفعل الطاعات والمأمورات وأما الرجاء مع فعل المعاصي وترك الطاعات فهو غرور وليس هو فعل السلف ولم يأمروا به"

ثم نقل الرجل عن ابن القيم تقسيم الرجاء لثلاثة أنواع فقال :
قال ابن القيم،: والرجاء ثلاثة أنواع: نوعان محمودان، ونوع غرور مذموم
فالأول:رجل عمل بطاعة الله على نور من الله، فهو راج لثوابه ورجل أذنب ذنوبا ثم تاب منها؛ فهو راج لمغفرة الله تعالى، وعفوه وإحسانه وجوده وحلمه وكرمه والثالث: رجل متماد في التفريط والخطايا يرجو رحمة الله بلا عمل، فهذا هو الغرور والتمني والرجاء الكاذب "

وهذا التقسيم خاطىء فمن هو الرجل الذى عمل بطاعة الله ولم يعصه أبدا ؟
مثل هذا لا يوجد فالرسل ومنهم محمد(ص) فعلوا العديد من الذنوب كما قال تعالى "إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر"
ثم نقل التالى:
قال الفضيل بن عياض: واصفا قوة رجائه بالله، لو أدخلني النار ما أيست
وقال أحد العباد: لما علمت أن ربي يلي محاسبتي زال عني حزني لأن الكريم إذا حاسب عبده تفضل ولكن هذا إذا كان الرجل صاحب عمل صالح يشفع له عند الله

عن بكر بن سليمان الصواف قال: دخلنا على مالك بن أنس في العشية التي قبض فيها، فقلنا: يا أبا عبد الله كيف تجدك؟قال: ما أدري ما أقول لكم؛ إلا إنكم ستعاينون غدا من عفو الله ما لم يكن لكم في حساب قال: ثم ما برحنا حتى أغمضناه
ولما نزلت بعبد الله بن إدريس الوفاة بكت بنته فقال: لا تبكي، قد ختمت في هذا البيت أربعة آلاف ختمة
قال محمد بن مطرف: دخلنا على أبي حازم الأعرج لما حضره الموت فقلنا: كيف تجدك؟قال: أجدني بخير، راجيا لله، حسن الظن به، والله ما يستوي من غدا أو راح في عقد الدنيا يعمرها لغيره، ويرجع إلى الآخرة، لا حظ له فيها ولا نصيب
ولقد كان لسان حالهم قول ابن أحمد بن العباس النمري:
وإني لأرجو الله حتى كأنني أرى بجميل الظن ما الله صانع وأسوأ الناس هو من غاب عن رجاء الله تعالى

قال ابن المبارك: جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاث على ركبتيه وعيناه تهملان، فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالا؟قال: الذي يظن أن الله لا يغفر لهم
قال محمود الوراق:
ما زلت أغرق في الإساءة دائبا وتنالني بالعفو والغفران
لم تنقصني إذ أسأت وردتني حتى كأن إساءتي إحسان
تولي الجميل عن القبيح كأنما يرضيك مني الزور والبهتان
لا أحد يشك في رحمة الوالدين للولد وشفقتهما عليه، لكن الله تعالى أرحم بعبده من والديه به ومن أجل ذلك كان السلف لو خيروا بين أن يحاسبهم الله أو والديهم لاختاروا محاسبة الله لهم والسبب أن الله تعالى رحيم بعباده، غفار للذنوب، كريم ذو فضل عظيم، فيرجون مغفرته لما سلف من ذنوبهم

قال حماد بن سلمة: والله لو خيرت بين محاسبة الله لي، وبين محاسبة أبوي، لاخترت محاسبة الله؛ وذلك لأن الله أرحم بي من أبوي
ولا نعجب مع هذا أن بلغ بهم الرجاء مبلغا كبيرا حتى أن سعد بن أبي وقاص جزم لنفسه بالجنة من قوة الرجاء قال ابنه مصعب: كان رأس أبي في حجري، وهو يقضي فبكيت، فرفع رأسه إلي، فقال: أي بني ما يبكيك؟قلت: لمكانتك وما أرى بك قال: لا تبك؛ فإن الله لا يعذبني أبدا، وإني من أهل الجنة
ولعل سعدا أخذ ذلك من قول الله تعالى: {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى} وأخذه بها رجاء كبير
والرجاء الذي كانوا يعيشون لحظاته ونفحاته له أسباب ومؤهلات تجعلهم أهلا للرجاء

إليك هذه القصة التي كانت من إمام عالم كبير وهو سحنون :
قال يحيى بن عون: دخلت مع سحنون على ابن القصار وهو مريض، فقال: ما هذا القلق؟قال له: الموت والقدوم على الله قال له سحنون: ألست مصدقا بالرسل والبعث والحساب، والجنة والنار، وأن أفضل هذه الأمة أبو بكر، ثم عمر، والقرآن كلام غير مخلوق، وأن الله يرى يوم القيامة، وأنه على العرش استوى، ولا نخرج على الأئمة بالسيف وإن جاروا؟ قال: إي والله فقال: مت إذا شئت، مت إذا شئت
وقال معتمر بن سليمان بن طرخان: قال لي أبي عند موته: يا معتمر حدثني بالرخص لعلي ألقى الله تعالى، وأنا حسن الظن به
وقال شعيب بن حرب لرجل: إن دخلت القبر ومعك الإسلام فأبشر
ولم يكن رجاؤهم فضل الله ورحمته من عند أنفسهم، وعجز هممهم عن الطاعات، لا، بل كانوا سباقين إلى كل طاعة وبر، وإنما رجاؤهم على كتاب الله تعالى، قال ابن مسعود: إن أكبر آية في القرآن فرجا آية في سورة الغرف الزمر: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا } فعلى مثل هذه كان رجاؤهم بالله قويا

قال أبو بكر السهزراوي: كنت في مجلس أبي القاسم الجنيد وابن عطاء حاضر، ورجل في المجلس قد غلبته شدة الخوف وهو يرجف، فقال له أبو القاسم الجنيد: لا ترع (أي: لا تخف) فما هو إلا أن تبدو عين من عيون الرحمة، فإذا المسيء، قد لحق بالمحسن
قال ابن عطاء: حتى تبدو؟!فغضب الجنيد، وقال: أما والله إنها لبادية، أما علمت أن رسول الله (ص) قال: «يقول الله عز وجل: سبقت رحمتي غضبي»؟!فسكت ابن عطاء
قال الشافعي:
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت رجائي دون عفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود وتعفو منة وتكرما
فإن تنتقم مني فلست بآيس ولو دخلت نفسي بجرمي جهنما
ولولاك لم يغو بإبليس عابد فكيف وقد أغوى صفيك آدما
وإني لآتي الذنب أعرف قدره وأعرف أن الله يعفو ترحما
قال حكيم من الحكماء يناجي ربه تعالى:

إلهي: لو أتاني الخبر أنك غير قابل دعائي، ولا سامع شكواي، ما تركت دعائي ما بل ريقي لساني أين يذهب الفقير إلا إلى الغني؟ وأين يذهب الذليل إلا إلى العزيز؟وأنت أغنى الأغنياء، وأعز الأعزاء يا رب
قال ابن القيم:

لولا التعلق بالرجاء تقطعت نفس المحب تحسرا وتمزقا
وكذاك لولا برده بمرارة الـ أكباد ذابت بالحجاب عرقا
أيكون قط حليف حب لا يرى برجائه لحبيبه متعلقا
أم كلما قويت محبته له قوي الرجاء فزاد فيه تشوما
لولا الرجا يحدو المطي لما سرت بحمولها لديارهم نرجو اللــــــــــــــقا"

وتحدث العتيق عن الجمع بين الخوف والرجاء فقال:
"الجمع بين الخوف والرجاء:
سلك الصالحون في تربية أنفسهم مسلكا بديعا، فهم ما بين ترغيب وترهيب، إن أقبلت على الله بالطاعات أتوا بالترهيب من عدم قبول العمل وغيره، وإن اتبعت هواها وأخذتها نزعاتها أتوها بالترهيب حتى تخاف الله وتخشى عذابه ثم يتبعون الترهيب بالترغيب لها بما عند الله تعالى والسر في ذلك هو:
أنه في إدامة الترغيب لها بفضل الله ورحمته قد تركن إلى ذلك وتترك العمل فيأتون بالترهيب والتخويف وفي إدامة الترهيب من وعيد الله والتخويف من إحاقة مكر الله بالعبد قد تقنط من روح الله وتيأس من رحمته فيرغبونها بما عند الله من سعة الفضل وشمول الرحمة وهذا هو الجمع بين الخوف والرجاء"
الخوف والرجاء فى نفس المسلم مجموعان كأنهما شىء واحد فأى عمل يقوم به المسلم يكون هو خوف من العقاب وفى نفس الوقت رغبة فى جنة الله
ثم نقل الرجل لنا حكايات وأقوال فى الموضوع فقال :
"قال محمد بن واسع وهو في الموت: يا إخوتاه تدرون أين يذهب بي؟والله إلى النار أو يعفو الله
قال أبو عبد الله الشامي: قال لي طاووس: سل وأوجز، وإن شئت علمتك في مجلس هذا القرآن والتوراة والإنجيل قلت: إن علمتنيه لا أسألك عن شيء قال: خف الله مخافة ألا يكون شيء عندك أخوف منه، وارجه رجاء هو أشد من خوفك لغيره، وأحب للناس ما تحبه لنفسك
هذا ما يسر الله كتابته من حياة أولئك الأخيار في خوفهم الله ورجائهم إياه"

ويؤخذ على الكتاب التالى :
أولا أن العنوان هو فى الخوف عامة بينما الموضوع فى الخوف من الله فقط
ثانيا الاكثار من نقل أقوال السلف بلا تمحيص والابتعاد كليا عن كتاب الله بل وحتى عن الأحاديث مع أن الأصل هو وحى الله بينما أقوال السلف لا يعتد بها كلها لأن الحكم هو لله وليس للسلف
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس