ويحتمل أن يكون مراد النسائي من المتمتع في الترجمة المتمتع الذي ساق الهدي فإنه لا يحل قبل النحر بل يدخل الحج على العمرة يوم التروية فلا يسعى يوم النحر لأنه في حكم القارن .
ثم لو سلم أن مراد الإمام النسائي من أن المتمتع لا يسعى يوم النحر فهذا خطأ اجتهادي لا يخلو عنه مجتهد .
فالعجب ان صاحبنا يجعل قول الإمام النسائي حجة إذا وافق قوله ولا يجعل قوله حجة إذا لم يوافق قوله مثلا عقد النسائي باب رفع اليدين للسجود وذكر فيه حديث مالك بن الحويرث أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا سجد وإذا رفع رأسه من السجود فلم يقبل صاحبي قوله هذا واعتل لدم قبوله بباب آخر وهو قوله ترك رفع اليدين عند السجود كأنه يقول إن هذا الرفع عند السجود ترك فصار منسوخا وهذا خطأ عظيم من صاحبي فإنه ليس ذلك مقصود النسائي بل مقصوده من هذا الباب بيان الرخصة في ترك رفع اليدين عند السجود كأنه يقول ليس رفع اليدين عند السجود فرضا بل هو مستحب يجوز تركه .
وحجتي في هذا ما ذكره الإمام في سننه من قوله : باب رفع اليدين للركوع حذاء المنكبين ذكر فيه حديث ابن عمر في ذلك ثم عقد بعده باب آخر بلا فصل في ترك ذلك فهل يقال أنه أراد أن رفع اليدين للركوع حذاء المنكبين منسوخ ومتروك فمن فهم هذا فمبارك له هذا الفهم."
والاحتجاج فى موضوع أخر خارج موضوع التمتع لا يصح ثم أكمل الهاشمى كلامه فقال:
"ثم أسأل صاحبي حين يحتج بأقوال هؤلاء الأئمة الثلاثة ابن تيمية وابن القيم والشوكاني هل تحتج بأقوالهم كلها أم ببعضها فإن قال أحتج بهم في جميع أقوالهم فأقول أن الإمام ابن تيمية وتلميذه قائلان بفناء النار فهل تقول بهذا((( وهذا غير صحيح زيدة مني أنا )))) والشوكاني قائل بجواز الجمعة قبل الزوال فهل تقول أنت بهذا ؟ وابن القيم قائل بإيصال ثواب قراءة القران للميت فهل أنت قائل بهذا فان قال أنا قائل بجميع أقوالهم فمسلم له هذا التقليد الأعمى وان قال أنا احتج ببعض أقوالهم إذا رأيتها موافقة للسنة فهذا ما نقول به "
وما ذكره الرجل عن أقوال الفقهاء المفروض عدم الاحتجاج به فالقول هو قول الله وليس قول بشر مهما كانت مكانة هذا البشر والغريب أن بعد كل هذا لجأ الهاشمى للتدليل على صحة رأيه بروايات أخرى فقال :
"ونقول أن هذا القول منهم بأن السعي ليس على المتمتع يوم النحر ليس موافق للسنة فلا نقول به وعلى ذلك دلائل:
الدليل الأول:على أن هذا القول ليس موافق للسنة.
ما رواه البخاري عن ابن عمر قال وأفاض أي رسول الله صلى الله عليم وسلم فطاف ثم حل من كل شيء حرم منه وفعل مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهدى وساق الهدي من الناس فهذا الحديث نص على أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين ساقوا الهدي اكتفوا بالطواف بالبيت ولم يسعوا لأنهم كانوا قارنين وروى الإمام احمد عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسممن قرن بين حجه وعمرته أجزأه لهما طواف واحد فهذا الحديث فيه دليل صريح على ان القارن لا يسعي يوم النحر.
الدليل الثاني:
ما رواه البخاري من حديث عائشة قالت طاف الذين أهلوا بالعمرة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد ان رجعوا من منى ثم جمعوا بين الحج والعمرة فطافوا واحدا.
فهذا الحديث صريح في ان المراد بقولها طوافا آخر هو الطواف بالبيت مع السعي فانه لو كان المراد الطواف بغير سعي فما الوجه في هذا التفصيل .
الدليل الثالث:
ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه قال أهل المهاجرون والأنصار وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فلما قدمنا مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلد الهدي فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة وأتينا النساء ولبسنا الثياب ثم أمرنا عشية التروية أن نهل بالحج فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة فقد تم حجنا وعلينا الهدي كما قال ( فما استيسر من الهدي ) .
المراد بقوله واتينا النساء غير المتكلم لأن ابن عباس في ذلك الوقت لم يكن بالغا ولا متزوجا .
وروى ابن حزم عن ابن عمر قال للقارن سعي واحد وللمتمتع سعيان .
وروى عن جابر لو أهللت بالحج والعمرة جميعا لطفت لهما طوافا واحدا.
واعترض علي صاحبي فقال قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري هذا الحديث موقوف. انتهى. قال فلا حجة فيه .
قلت لم يفهم صاحبي مراد الحافظ فإن مراده أن أول الحديث إلى قوله وقد تم حجنا مرفوع والباقي وهو في مكة وعلينا الهدي الى اخره موقوف فافهم."
كل الروايات المستشهد بها من الجانبين تناقض كلام الله ومن ثم لا يصح منها رواية فى أى كتاب رويت وهى تناقض فى قوله تعالى :
"الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج"
فهنا الحج سواء كان الحج الأكبر أو الحج الأصغر وهو العمرة لا يجوز لمن نواهما إتيان النساء بعد إحرامه ومن ثم فالمتمتع والقارن والمفرد لا يجوز لهما بعد إلإحرام التحلل على الإطلاق حتى ينتهى وقت الحج
ورأى الهاشمى لو اتبع كلام الله فى الاستدلال صحيح وهو :
وجوب سعى أى طواف المعتمر أولا وهو المتمتع بالصفا والمروة وعند الحاج ثانيا لكونهما شيئين مختلفين فى الوقت كما قال تعالى "إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما"
فهنا السعى بين الصفا والمروة واجب على المعتمر أولا وواجب على الحاج ثانيا ومن ثم لابد من سعيين سعى المعتمر قبل الحج وسعى الحاج بعد الاعتمار واما القارن فهو سعى واحد لأنهما فى نفس الوقت وأما المتمتع فله وقتين وقت العمرة وحده ووقت الحج وحده كما قال تعالى :
"فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى"
|