عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 22-05-2021, 07:58 AM   #2
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,853
إفتراضي

وعلى هذا نجد أن الإسلام يكون الشخصية الإسلامية بالعقيدة الإسلامية، فبها تتكون عقليته وبها نفسها تتكون نفسيته ومن هذا يتبين أن العقلية الإسلامية هي التي تفكر على أساس الإسلام، أي تجعل الإسلام وحده المقياس العام للأفكار عن الحياة، وليست هي فقط العقلية العالمة أو المفكرة بل مجرد جعل الإنسان الإسلام مقياسا لجميع الأفكار عمليا وواقعيا يجعل عنده عقلية إسلامية
وأما النفسية الإسلامية فهي التي تجعل ميولها كلها على أساس الإسلام أي تجعل الإسلام وحده المقياس العام للإشباعات جميعها وليست هي فقط المتبتلة أو المتشددة، بل مجرد جعل الإنسان الإسلام مقياسا لجميع الإشباعات عمليا وواقعيا يجعل عنده نفسية إسلامية فيكون حينئذ بهذه العقلية وهذه النفسية شخصية إسلامية، بغض النظر عن كونه عالما أو جاهلا، قائما بأداء الفروض والمندوبات وبترك المحرمات والمكروهات، أو قائما بذلك وبما هو أكثر من ذلك من الطاعات المستحبة والبعد عن الشبهات فكل منها شخصية إسلامية لأن كل من يفكر على أساس الإسلام ويجعل هواه تبعا للإسلام يكون شخصية إسلامية "

والخطأ هنا والذى تكرر سابقا هو تكون الإنسان أو الشخصية من عقل ونفس وهو ما يخالف أن العقل وهو البصيرة جزء من النفس كما قال تعالى "بل الإنسان على نفسه بصيرة "
ونفس الإنسان تتكون من العقل وهو ممثل الخير والشهوات وهى ممثل الشر الذى يسميه الكاتب النفسية والإرادة أى المشيئة وهى التى تقرر اتباع العقل أو إتباع الشهوات
ثم ناقض الكاتب نفسه فبعد أن حدثنا عن وجود شخصية إسلامية واحدة عاد وبين أن الأفراد وهم المسلمون يتفاوتون فى تلك الشخصية وهذا دليل على أن كل فرد يختلف عن الأخر رغم كونهم مسلمين يجمعهما الإيمان وطاعة الله وفى ذلك قال :
"نعم إن الإسلام أمر بالاستزادة من الثقافة الإسلامية لتنمو هذه العقلية وتصبح قادرة على قياس كل فكر من الأفكار وأمر بأكثر من الفروض ونهى عن أكثر من المحرمات لتقوى هذه النفسية وتصبح قادرة على ردع كل ميل يخالف الإسلام ولكن هذا كله لترقية هذه الشخصية وجعلها تسير في طريق المرتقى السامي، ولكنه لا يجعل من دونها غير شخصية إسلامية بل تكون هي شخصية إسلامية ويكون من دونها من العوام الذين يعتبرون سلوكهم بالإسلام، والمتعلمين الذين يقتصرون على القيام بالواجبات وعلى ترك المحرمات، شخصية إسلامية، وإن كانت تتفاوت هذه الشخصيات قوة، ولكنها كلها شخصيات إسلامية والمهم في الحكم على الإنسان بأنه شخصية إسلامية هو جعله الإسلام أساسا لتفكيره وأساسا لميوله ومن هنا يأتي تفاوت الشخصيات الإسلامية وتفاوت العقليات الإسلامية وتفاوت النفسيات الإسلامية"
وبعد ذلك حدثنا الكاتب عن أن المسلم ليس ملاكا فقال:

ولذلك يخطئ كثيرا أولئك الذين يتصورون الشخصية الإسلامية بأنها ملاك وضرر هؤلاء في المجتمع عظيم جدا لأنهم يبحثون عن الملاك بين البشر فلا يجدونه مطلقا، بل لا يجدونه في أنفسهم فييأسون وينفضون أيديهم من المسلمين وهؤلاء الخياليون إنما يبرهنون على أن الإسلام خيالي، وأنه يستحيل التطبيق، وأنه عبارة عن مثل عليا جميلة لا يمكن للإنسان أن يطبقها أو يصبر عليها، فيصدون الناس عن الإسلام ويشلون الكثيرين عن العمل مع أن الإسلام جاء ليطبق عمليا وهو واقعي أي يعالج واقعا، لا يصعب تطبيقه وفي متناول كل إنسان مهما بلغ تفكيره من الضعف ومهما بلغت غرائزه وحاجاته من القوة فإنه ممكن له أن يطبق الإسلام على نفسه بسهولة ويسر بعد أن يدرك العقيدة ويصبح شخصية إسلامية لأنه بمجرد جعله عقيدة الإسلام مقياسا لمفاهيمه وميوله وسار على هذا المقياس كان شخصية إسلامية قطعا وما عليه بعد ذلك إلا أن يقوي هذه الشخصية بالثقافة الإسلامية لتنمية عقليته، وبالطاعات لتقوية نفسيته حتى يسير نحو المرتقى السامي ويثبت على هذا المرتقى بل يسير من علي إلى أعلى لأنه عالج بالعقيدة أفكاره إذ جعل له بها قاعدة فكرية يبني عليها أفكاره عن الحياة، فيميز الفكر الصائب من الفكر الخاطئ حين يقيس هذه الأفكار بالعقيدة الإسلامية يبنيها عليها باعتبارها قاعدة فكرية، وبذلك يأمن زلل الفكر، ويتقي الفاسد من الأفكار، ويظل صادق الفكر سليم الإدراك"
والخطأ فى الكلام هو أن الملاك وهو فرد الملائكة يطيع الله باستمرار ولا يعترض عليه وهو ما ينقضه اعتراضهم على خلق آدم(ص) فالملائكة هم فصيل من الجن خصهم الله بالاختيار من بين الجن ليؤدوا مهام معينة
واستمر الرجل فى حديثه مكررا نفس الخطأ عن العقلية والنفسية وإن كان كلامه عن أن الله أراد تنظيم عمل كل منهم صحيحا فقال:
"وعالج بالأحكام الشرعية ميوله حين عالج أعماله الصادرة عن حاجاته العضوية وغرائزه معالجة صادقة تنظم الغرائز ولا تضر بها لمحاولة القضاء عليها، وتنسقها ولا تطلقها، وتهيء له إشباع جميع جوعاته إشباعا متناسقا يؤدي إلى الطمأنينة والاستقرار ولذلك كان المسلم الذي يعتنق الإسلام عن عقل وبينة، ويطبق الإسلام كاملا على نفسه، ويفهم أحكام الله فهما صحيحا، كان هذا المسلم شخصية إسلامية متميزة عن غيرها، لديه العقلية الإسلامية في جعله العقيدة الإسلامية أساسا لتفكيره، والنفسية الإسلامية في جعله هذه العقيدة أساسا لميوله ومن هنا كانت للشخصية الإسلامية صفات خاصة يتسم بها المسلم ويعرف بسيماه بين الناس، ويظهر فيهم كأنه شامة وهذه الصفات التي يتصف بها نتيجة حتمية لتقيده بأوامر الله ونواهيه، ولتسييره أعماله بهذه الأوامر والنواهي، بناء على إدراك صلته بالله، ولذلك لا يبتغي من تقيده بالشرع إلا رضوان الله تعالى
والمسلم حين تتكون لديه العقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية يصبح مؤهلا للجندية والقيادة في آن واحد، جامعا بين الرحمة والشدة، والزهد والنعيم، يفهم الحياة فهما صحيحا، فيستولي على الحياة الدنيا بحقها وينال الآخرة بالسعي لها ولذا لا تغلب عليه صفة من صفات عباد الدنيا، ولا يأخذه الهوس الديني ولا التقشف الهندي، وهو حين يكون بطل جهاد يكون حليف محراب، وفي الوقت الذي يكون فيه سريا يكون متواضعا ويجمع بين الإمارة والفقه، وبين التجارة والسياسة وأسمى صفة من صفاته أنه عبد لله تعالى خالقه وبارئه ولذلك تجده خاشعا في صلاته، معرضا عن لغو القول، مؤديا لزكاته، غاضا لبصره، حافظا لأماناته، وفيا بعهده، منجزا وعده، مجاهدا في سبيل الله هذا هو المسلم، وهذا هو المؤمن، وهذا هو الشخصية الإسلامية التي يكونها الإسلام ويجعل الإنسان بها خير بني الإنسان
وقد وصف الله هذه الشخصية في القرآن الكريم بالعديد من الآيات حين وصف صحابة رسول الله، وحين وصف المؤمنين، وحين وصف عباد الرحمن، وحين وصف المجاهدين قال الله تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} وقال: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه}
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس