عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 26-12-2020, 07:56 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,027
إفتراضي

وهذا ما تشير إليه الآية، حيث عدل تعالى عن خطابنا إلى خطابه، مع أنه (ص) ليس في حاجة إلى كل تلك التواكيد، فكان التوكيد لنا والخطاب موجه له، ففيها وفي ما سبق من الآيات والتي أتت في معرض الذب عن جنابه الشريف، أسلوب رفيع من العناية الربانية
وكأن الحق تعالى حينما أعرض عنهم ولم يخاطبهم، فيه تحقير لشأنهم، وتعظيم لشأن المعصوم (ص)، بل وفيه إعراض حتى عن المؤمنين، لعجزهم عن إدراك تلك العظمة، فما خاطب إلا من يدركها (ص)"
السفلية والنورانية تعبيرات الصوفية وهى تعبيرات لا تدل على الحقيقة فليس محمد(ص) وحده من له نور وإنما كل مسلم له نور جعله الله كما قال تعالى :
"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به"
وانتهى الحسنى إلى التالى:
"خلاصة:
وبالجمع بين هذه التأويلات الدقيقة، ندرك معنى العظمة التي أثنى بها الحق تعالى على حبيبه (ص)، حتى كلت ألسنة الخلق بعده عن مدحه وتعظيمه، وشتان بين تعظيم العظيم - جل جلاله - وبين تعظيم الخلائق، ولله در القائل:
يا مصطفى من قبل نشأة آدم والكون لم تفتح له اغلاق
أيروم مخلوق على ثناءك بعدما أثني على أخلاقك الخلاق
وعليه فإن المعنى العميق الذي دار عليه بحثنا، هو أن تلك العظمة ليست مجرد عظمة بشرية عادية، بل هي عظمة قدسية ربانية، بمقتضى الصبغة الجبروتية التي تتوجت بها الحضرة المحمدية، في مضمار الحضرات الإلهية
ولهذا نجد أن لآية العظمة هذه أخوات، كمثل قوله - جل جلاله - (وكان فضل الله عليك عظيما)، وقوله - جل جلاله - (إنا أعطيناك الكوثر)، وقوله - جل جلاله - (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم)، وقوله - جل جلاله - (فسبح باسم ربك العظيم)
إذا فكأن تولي الحق تعالى التعظيم لحبيبه (ص) بنفسه، فيه إشارة إلى عظمة تلك الحضرة وإطلاقها، حيث أن الخلق عاجزون عن معرفتها ووصفها، ولهذا لما سئلت السيدة الصديقة عن خلقه (ص)، علقته بالقرآن العظيم، الذي هو بحر بلا سواحل
كما جاء في السير أن يهوديا من فصحاء اليهود جاء إلى سيدنا عمر - - في أيام خلافته فقال: أخبرني عن أخلاق رسولكم، فقال عمر: اطلبه من علي فلما سأل سيدنا عليا قال: صف لي متاع الدنيا حتى أصف لك أخلاقه، فقال الرجل: هذا لا يتيسر لي، فقال سيدنا علي - -:
عجزت عن وصف متاع الدنيا وقد شهد الله على قلته حيث قال: قل متاع الدنيا قليل فكيف أصف أخلاق النبي وقد شهد الله تعالى بأنه عظيم حيث قال: (وإنك لعلى خلق عظيم) "
الخلاصة كمعظم الكتاب تدل على الجهل فكما أن الله ذكر للنبى (ص)محاسنه فقد ذكره له مساوئه وهى ذنوبه كما فى قوله تعالى " واستغفر لذنبك " وقوله "" إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر" وقوله " عيس وتولى أن جاءه الأعمى "وقوله " هقا الله عنك لم أذنت لهم"
وهذا الكلام عن ذنوب النبى(ص) وأخطائه هو من أدلة صحة القرآن فلو كان من عند غير الله لمحا النبى(ص) منه تلك الأقوال
بالقطع نشهد للنبى (ص) بأنه أدى الرسالة وعمل الصالحات وتاب من السيئات وتوفاه الله على الإسلام ولكن لا يجب أن نعمى عن الحق فنصفه ونمدحه بما لم يمدحه الله متناسين انه طلب ألا يتم اطراءه كما أطرى السابقون عليه رسلهم حتى جعلوهم آلهة
واختتم الحسنى كتابه بنقول من بطون كتب المتصوفة بها نفس الأخطاء التى قالها تقريبا وهى :
"خاتمة:
وأختم البحث بهذه النبذة، من تأويلات العارفين لآية العظمة:
يقول الإمام جعفر الصادق - عليه السلام -:
«(وإنك لعلى خلق عظيم)، أي: على النور الذي خصصت به في الأزل»
قال الإمام الجنيد
«(وإنك لعلى خلق عظيم) كان على خلق عظيم لجوده بالكونين»
وقال الإمام الجنيد
«لأنه (ص) لم يكن له همة في سوى الله تعالى»
وقال الإمام الحسن البصري
«لأنك لم يؤثر فيك جفاء الخلق، مع مطالعة الحق، وهذا غاية في كمال أدبه (ص)»
وقال الإمام ابن عطاء
«كأنه يقول لنبيه (ص) أفترضى بالعطاء عوضا عن المعطي، فيقول: لا؛ فقيل له (وإنك لعلى خلق عظيم) أي على همة جليلة، إذ لم يؤثر فيك شيء من الأكوان، ولا يرضيك شيء منها»
يقول الإمام القشيري
«(وإنك لعلى خلق عظيم)، لا بالبلاء تنحرف، ولا بالعطاء تنصرف»
ويقول الشيخ الحسين بن منصور الحلاج
«لما دنى السفير الأعلى من الحق في المسرى أيده، فقال: (سل تعط) فقال: ماذا أسأل وقد أعطيت، وماذا أبتغي وقد كفيت، فنودي: (إنك لعلى خلق عظيم)، حيث نزهت بساطنا عن طلب الحوائج»
ويقول الشيخ أبو علي الدقاق
الخلق العظيم: هو لسيدنا محمد (ص)، حيث طويت له الدنيا وشاهد مشارقها ومغاربها، ورقي إلى قاب قوسين أو أدنى، فلم يساكن شيئا من الدنيا والعقبى، لأنه (ص) على همة عظيمة
ويقول الشيخ أبو الحسين النوري
«كيف لا يكون خلقه عظيما وقد تجلى الله لسره بأنوار أخلاقه»
ويقول الشيخ نجم الدين الكبرى
يقول: «كان خلقه (ص) القرآن، بل كان هو القرآن»
ويقول الشيخ محمد بهاء الدين البيطار
«أخلاقه الكاملة (ص): هي أخلاق الله العظيم، فإن الله غيور على عظمته أن يوصف بها سواه، فهو (ص) إكسير التطهير، لأنه السراج المنير، فأخلاقه معنى الكمال الإلهي»
ويقول الامام الاكبر :
«(وإنك لعلى خلق عظيم) فكان ذا خلق لم يكن ذا تخلق»
ويقول الامام الفخر الرازي :
«لما كانت أخلاقه الحميد كاملة لا جرم وصفها الله بأنها عظيمة ولهذا قال: (قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) أي لست متكلفا فيما يظهر لكم من أخلاقي لأن المتكلف لا يدوم أمره طويلا بل يرجع إلى الطبع
وإن الله تعالى وصف ما يرجع إلى قوته النظرية بأنه عظيم، فقال: (وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما)
ووصف ما يرجع إلى قوته العلمية بأنه عظيم فقال: (وإنك لعلى خلق عظيم) فلم يبق للإنسان بعد هاتين القوتين شيء، فدلى مجموع هاتين الآيتين على أن روحه فيما بين الأرواح البشرية كانت عظيمة عالية الدرجة، كأنها لقوتها وشدة كمالها كانت من جنس أرواح الملائكة»
الإمام الكتاني
«(وإنك لعلى خلق عظيم) على قراءة الإضافة بدون تنوين، أي وإنك أيها الهيكل الجامع لعلى خلق عظيم، وهو الحق إذ لا أعظم منه»
ولاشك أن أخلاقه (ص) لا تحصى، وهاهنا اثبت له الحق أنه اكتنف الأخلاق الإلهية و لم يحصرها في جنس معين، فأبقينا هذا اللفظ على ما تعطيه صراحته، والمراد أنه حائز لجميع الكمالات الإلهية بدليل الآية»
الشيخ كمال الدين القاشاني
«قال تعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم) وذلك الخلق العظيم: هو التحقق بالقرآن العظيم علما وعملا»
الشيخ محمد بهاء الدين البيطار
«(وإنك لعلى خلق عظيم)، لأن الله تعالى خلقه، فهو بأخلاقه الكريمة كالبحر يسع كل شيء ولا يسعه شيء، وقد قال (ص) في وصف البحر: (الطهور ماؤه، الحل ميتته)، فبحره لا يقبل النجاسات، لأنها تنقلب فيه ماء مطلقا طهورا، يطهر به كل شيء، كما أن ميتته التي هي كناية عن الأخلاق الردية، تنقلب في بحره أخلاقا إلهية، فالجهل في بحره يعود علما، والخبث يعود طيبا، والإثم يعود قربا وطاعة»
الشيخ علي الخواص
«" إذا الشمس كورت " بطنت، وباسمه الباطن ظهرت، ولم تظهر، ولم تبطن " إنك لعلى خلق عظيم " وانقست بعد ما توحدت ثم تعددت، وانعدمت بظهور المعدود " والقمر إذا تلاها " ثم تنزلت بما عنه انفصلت لما به اتصلت، واتخذت " والنجم إذا هوى " ثم تنوعت بالأسماء، واتحدت بالمسمى، وظهرت من أعلى عليين إلى أسفل سافلين، ثم رجعت إلى نحو ما تنزلت »
الشيخ ابو طالب المكي
«(وإنك لعلى خلق عظيم) قيل على أخلاق الربوبية، وقرئت بالإضافة ليكون عظم اسم الله سبحانه لا يظهر من حاله ونصيبه شيئا لقوة التمكين»
ويقول الشيخ نعمة الله علوان (الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية):
«(وإنك) من كمال تخلقك بالأخلاق الإلهية وتحققك بمقام الخلة والخلافة (لعلى خلق عظيم) لا خلق أعظم من خلقك لحيازتك وجمعك خلق الأولين والآخرين حسب جامعية مرتبتك وبالجملة»
ويقول الشيخ إسماعيل حقي الحنفي الخلوتي (روح البيان):
«قال الله تعالى لنبيه (ص) وهو الإنسان الكامل (ولقد آتيناك سبعا) هي سبع صفات ذاتية لله - جل جلاله - "السمع والبصر والكلام والحياة والعلم والارادة والقدرة"
(من المثاني) أي من خصوصية المثاني وهى المظهرية؛ (والقرآن العظيم) أي حقائقه القائمة بذاته تعالى وخلقا من أخلاقه القديمة بأن جعل القرآن العظيم خلقه العظيم كما قال تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم) ولما سئلت السيدة عائشة عن خلق النبي (ص) قالت: (كان خلقه القرآن)»
ويقول الشيخ في (روح البيان):
«(وإنك لعلى خلق عظيم) لكونك متخلقا بأخلاق الله، واخلاق كلامه القديم، ومتأيد بالتأييد القدسي، فلا تتأثر بافترائهم، ولا تتأذ بأذاهم، إذ بالله تصبر لا بنفسك، كما قال تعالى (واصبر وما صبرك الا بالله)
وكلمة "على" للاستعلاء، فدلت على أنه (ص) مشتمل على الأخلاق الحميدة، ومستول على الافعال المرضية، حتى صارت بمنزلة الأمور الطبيعية له، ولهذا قال تعالى (قل لا أسالكم عليه أجرا وما أنا من المتكلفين) أي لست متكلفا فيما يظهر لكم من أخلاقي، لأن المتكلف لا يدوم أمره طويلا، بل يرجع إليه الطبع »
ويقول الشيخ ابن عجيبة (البحر المديد):
«كان خلقه عظيما، لأنه مظهر العظيم - جل جلاله -، فكان خلق العظيم عظيما، فافهم جدا»
وقال الشيخ عبد الرحمن العارف
كان (ص) على خلق عظيم؛ لشرح صدره بالنور، كما قال تعالى: (ألم نشرح لك صدرك)، ولحديث شرح صدره وشقه وتطهيره، ونزع حظ الشيطان منه، ثم إفراغ الحكمة والنور فيه، حتى ملىء بذلك، فكان شيئا محضا لله تعالى، لا تعلق له بغيره، فناسب القرآن، وصار خلقا له، منقوشا فيه، من غير روية، ولا تكسب في ذلك، بل طبع على ذلك، وسرى فيه أمر الوحي، وجرى على مقتضاه في جميع أحواله، ولذلك تجد السنة مشرعة من القرآن، وخارجة منه خروج اللبن من الضرع، والزبد من اللبن، فصار متخلقا بالقرآن، وفي الحقيقة متخلقا بخلق الله، ومظهر أوصافه، ومجلاة سره وشأنه، (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله)، ومن رآه فقد رأى الحق، فالسيدة عائشة إحتشمت وسترت، حيث عبرت بالقرآن، ولم تقل كان خلقه خلق الرحمن» "
بالقطع النقول فيها أخطاء أخرى غير ما ذكرناه فى كلام الحسنة منها حكاية الكونين والأكوان فالمعروف أنه كون واحد وحكاية القوتين النظرية والعلمية بينما هما قوة الجسم والعلم كما قال تعالى "وزاده بصطة فى العلم والجسم"وحكاية أنه من جنس الملائكة وهو ما ينافى قوله تعالى " قل إنما أنا بشر مثلكم" وتفسير السبع المثانى بغير ما فسرها الله وهى عندهم السمع والبصر والكلام والحياة والعلم والارادة والقدرة بينما فسر الله المثانى بأنها الكتاب وهو الوحى ""الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثانى"
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس