"قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين" وقال:
"وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين"
ويعتقد بنوا أن جهنم مكان تستكمل فيه الجماعة المشاغل الأرضية أى تعمل فى نفس الأنشطة الاقتصادية لكم بفارق وجود الظلام والكآبة وهو يقول فى معتقده:
"ولا يمكن تصور الحياة فى العالم الآخر إلا بطريقة جماعية وليس لمفهوم العقاب من معنى فى هذا السياق فجهنم هى إذا مكان محايد تتابع فيها الجماعة مشاغلها الأرضية فى محيط مظلم وكئيب عادة وينظر إلى مصير الأموات نظرة تشاؤمية ولكن دون أن يتعرضوا إلى عقاب أليم وإن الذين يطردون خارج الجماعة فى هذه الحياة والذين كانوا بلا نفع للشعب والذين فاتتهم طقوس التدرب على ممارسة الدين التى ترسخ التحام الجماعة هؤلاء وحدهم معرضون لمصير خاص وهم ضحايا عقبات السفر إلى مقر الأموات" ص18
هذا كلام بلا دليل من نصوص سوى ما زعموه مثلا عن دين كدين من يسمونهم الفراعنة كذبا حيث الخدم يقومون بخدمة الملك كما فى الدنيا حيث يعدون له الطعام والشراب وما يستلزم ذلك من وجود زراعة وعمل لإنتاج الطعام
جهنم عندما كمسلمين ليس فيها عمل وإنما هى مكان الطعام والشراب وغيره من متطلبات الحياة موجودة فيه ولكن تلك المتطلبات هى وسائل التعذيب فالطعام كما قال تعالى " لا يسمن ولا يغتى من جوع" فوظيفة الطعام هى تجويع المعذب ووظيفة الشراب هى حرف اجهزة الهضم ووظيفة الظل هو رمى اللهب على المستظل ووظيفة اللباس هو حرق جلود المعذبين
ويقول بنوا أن أكثر المؤلفين اختار مكان جهنم فى أعماق الأرض بسبب تقليد كنسى فى الفقرة التالية:
"وأكثر المؤلفين يضع الجحيم فى أعماق الأرض ويبحثون عن مداخله إما فى أيرلنده أو بالأحرى فى صقلية أو فى جنوبى إيطاليا تبعا لتقليد يستند على سلطة غرغريغوريوس الكبير ويصرح جوليان دو فيزلاى قى منتصف القرن12 أن المحكوم عليهم بعذاب جهنم يدعون إثنيين بسبب جبل إثنا أما توما الأكوينى الذى يصطدم عقله بصعوبة هذه المسألة فيحاذر السؤال كاتبا فى المجموعة اللاهوتية أن ليست الكائنات غير المادية فى المكان على الطريقة المادية والخبرية التى بواسطتها تقول إن من خاصة الأجسام أن تكون هناك غير أنها بوسيلة خاصة يستحيل علينا أن نعرفها معرفة تامة ص60
والمقولة لها جذور وثنية فهاديس اى مقر الأموات التعذيبى الإغريقية فى أعماق الأرض
ويبين بنوا أن جهنم المسيحية ليست كاملة وهو ما يناقض قوله فى أول الكتاب أنها التصور الأكمل والمنطقى فيقول:
"إن جهنم المسيحية الجيدة الإعداد بالرغم من أنها لم تحدد تحديدا كاملا لقد غدت فى العصر الوسيط النموذج الذى لا يمكن الإحاطة به والذى يفرض نفسه على الوعى الفردى وعلى ناشرى الدعوات الدينية"ص67
ويعلن الرجل أن القوم اخترعوا بعد قرون طويلة12 قرن من ظهور المسيحية مقولة المطهر فيقول:
"وفى قلب المسيحية تعترض بعض الحركات الملحدة بشكل جذرى على الجحيم الرسمى الذى يتسع فى مطلع القرن12 لينشأ عنه فرع مؤقت هو المطهر" ص67
ويبين بنوا أن التقليد الإسلامى أخذ من التقليد المسيحى بعض الأمور الخاصة بالنار فيقول:
"وابتداء من القرن7 يستوحى منه التقليد الإسلامى على نطاق واسع ولكنه يحتفظ منه بالمظاهر الشعبية ويبدو مترددا فيما يخص مشكلة الخلود الأساسية "ص67
والحقيقة أن جهنم فى القرآن لا علاقة لها بجهنم المسيحية أى النصرانية على الإطلاق وأما جهنم فى الروايات الحديثية ومعظمها موضوع منحول فهناك تشابهات ولكن ليس مع المسيحية وإنما مع الأديان الأخرى مثل مقولة الصراط الذى كحد السيف
ويستعرض بنوا ما زعم أنه التصور المسلم لجهنم فيقول:
"إن الخطوط العريضة للمصير الفردى ثابتة وواضحة تمثل نفس المتوفى بعد الموت أمام الملاكين منكر ونكير فيسألانها عن معتقدها فإذا لم تستطع الإدلاء بالشهادة يعرضانها لمعاملة سيئة ويريانها مقرها المستقبلى فى جهنم ومكانها فى قبر جدرانه الضيقة الخانقة حتى لتكاد تسحقها إنه عذاب القبر وفى نهاية العالم تقوم القيامة عندما ينفخ إسرافيل فى البوق فيحشر جميع الناس فى مساحة فسيحة تهيمن عليها حرارة لا تطاق وبعد انتظار قد يدوم 40 عاما يحاكم الله كل لإنسان علنا بعد ان يطلع على سجله الشخصى الذى دون فيه ما قام به الميت من أعمال فى حياته وبلى ذلك امتحان الميزان إذ توضع فى إحدى الكفتين جميع السجلات التى دونت فيها الخطايا وفى الكفة الأخرى قصاصة من الورق كتبت عليها الشهادة وهذه العملية تقرر النتيجة يغمر المؤمن عندئذ بالنعم إلى حد يفوق الوصف ويمكن للميت حتى ولو حكم عليه بالهلاك أن يأمل رحمة من الله هذا إن كان من الفاسقين وهم فئة من الناس لم تحدد هويتها بدقة يضعها القرآن على قمة جبل بين الجنة وجهنم وتتحدث بعض النصوص أيضا عن جسر دقيق كالشعرة وحاد كالسيف هو جسر الصراط الذى لا يستطيع الأشرار وقد أمسكت الأبالسة بتلابيبهم أن يجتازوه" ص68
ما قاله بنوا هنا عن المعتقد المسلم فى النار يعتمد فى الغالب على روايات الحديث الموضوعة والتى تناقض القرآن فليس هناك منكر ولا نكير فى القرآن وإنما ملائكة الجنة تستقبل المسلم بعد الموت وتدخله الجنة وملائكة العذاب تستقبل الكافر وتدخل النار حيث العذاب وفى هذا قال تعالى :
"الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون"
وقال:
"الذين تتوفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين"
فلا يوجد حساب فى القبر وإنما تصعد الروح لمقر النعيم والجحيم الموعودين فى السماء كما قال تعالى :
"وفى السماء رزقكم وما توعدون"
وفى الوعد قال تعالى :
"وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات"
وقال:
"وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها"
كما أنه لا توجد حكاية الميزان ذو الكفتين وإنما الموجود الموازين القسط اى العادلة وهى من يعمل خيرا يدخل الجنة ومن يعمل شرا يدهل النار كما قال تعالى " ونضع الموازين القسط ليوم القيامة"
وفى هذا قال تعالى :
الزلزلة "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"
كما لا يوجد حبل بين الجنة والنار وإنما الموجود ألعراف وهى سور بين الجنة والنار كما قال تعالى :
"فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب"
وأما من يقفون على الأعراف فليسوا بفاسقين وغنما مسلمون حلفوا أن بعض الناس يدخلون النار ومن ثم أوقفهم الله على العراف حتى يروا هؤلاء الكفرة فى النار وفى هذا قال تعالى :
"ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون"
ويثول بنوا مستكملاما يعتقد أنه التصور المسلم:
"يحشر الهالكون إلى جهنم بواسطة الشياطين فلهذا المكان الذى يسيطر عليه مالك بنية تقليدية معهودة يلعب فيها العدد 7 وأضعافه دورا أساسيا 7 أبواب و7 طوابق تتضاعف فيها الحرارة70 مرة عند الانتقال من طابق إلى طابق أسفل يجر مجموع الهالكين70000 ملاك وعند المدخل ينادى مالك 70 مرة لجهنم أسماء مختلفة أكثرها انتشارا هى النار وسفر وجهنم ص68
الخطأ هنا هو أن من يحشر الكفار لجهنم هم الشياطين وهو ما يناقض أن الملائكة هى التى تسوقهم لجهنم مع شياطينهم كما قال تعالى "فو ربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا"
فلو كانت الشياطين هى التى تحشرهم فكيف تحشر معهم ؟
والخطأ الثانى أن لجهنم سبعة طوايق ولا يوجد نص فى خذا فالسموات هى التى لها سبع طبقات كما قال تعالى :
"ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق"
واما عدد ملائكة النار فهو19 وليس سبعون ألفا كما فى الروايات وفى هذا قال تعالى " "سأصليه سقر وما أدراك ما سقر لا تبقى ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة"
كما أن مالك لا ينادى 70 مرة فهذا حتى ليس موجودا فى الروايا فضلا عن القرآن
ويستكمل بنوا التصور المزعوم فيقول:
"لجهنم أبعاد هائلة إذا ألقى فيها بحجر من الطابق الأول يستغرق هبوطه 70 عاما حتى يبلغ القعر كل ما فيها لا حدود له فى الزمان وفى المكان تتمدد أجسام الهالكين حتى لتتسع لجميع أنواع العذاب كل عمل يدوم قرون فى حين أن الوقت فى الجنة يتقلص ويستطيع سكان الجحيم أن يرقبوا سكان النعيم ويحسدوهم على سعادتهم ولكن عذاب الجحيم لا ينوه به أمام هؤلاء غير أن مسألة الزمن لم تحدد بدقة إن القرآن الكريم يحدد الأبدية بكلمة الأحقاب التى تعنى إذا استعملت بالمفرد حقبة مرحلة من70 سنة وإذا استعملت بالجمع أحقاب تكون بمعنى الأبدية ومن ناحية أخرى لقد بعثت الآية 107 من سورة هود بصيصا من الأمل" خالدين فيها- النار- ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد " إن المستقبل ليس محدودا عكس ما جاء فى الدين المسيحى ولكل واحد طبعا رأيه فى النهاية فتؤكد مدرسة ابن صفوان أن جهنم ستزول ذات يوم ككل حقيقية مخلوقة وأن الله سيستعيد وحدته المطلقة بينما نميل مدارس أخرى إلى القول بخلود العذاب"ص69
نلاحظ هنا التناقض بين قوله أن الحجر له مدى زمنى70عام وقوله" كل ما فيها لا حدود له فى الزمان وفى المكان"
وأما حكاية تقلص الوقت فلا معنى لها لأن الوقت ممتد لأنه لا يوجد موت فى النار كما قال تعالى " لا يذوقون فيها إلا الموتة ألأولى"
ويناقش الرجل اعتراضات البعض على وجود جهنم فيقول :
ولم يكن كل ذلك سوى دغدغة إلى جانب الهجمات التى شنها بيار بايل الذى يحمل على عمق المسالة لأن مفهوم الجحيم بحد ذاته لا يتفق إطلاقا مع رحمة الله والتذرع بأن للإنسان ملء الحرية بعد كل هذا فى أن يؤمن خلاصه هو حجة باطلة فالله كان يعلم أن الكثيرين يسيئون استخدام هذه الحرية ويحكمون على أنفسهم بالهلاك من المستحيل أن يكون قد ترك الأمور تجرى هكذا حتى جحيم محدود المدى لا يمكن القبول به لا تستطيعون ان تبلغوا أقصى صلاح الله ما لم تتذوقوا عذاب جهنم حتى أخر دقيقة"ص105
وقطعا لا يوجد حل لمشكلة الظلم الدنيوى الذى يمر بدون عقاب فى الدنيا إلا أن يكون هناك عقاب إلهى فى ألاخرة والظلم المراد به عصيان أحكام الله وليس أى شىء أخر
|