عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-10-2011, 06:52 PM   #3
جهراوي
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,669
إفتراضي

وليت شعري !! أيُّ شيء من هذا العقد السياسي في الشريعة الإسلامية متوفـرٌ في نظام طاغية اليمن ، أيُّ عدل ، وأيّ إنصاف ، وأيّ فروض الأمـّة أقام ، وأيُّ دين حرس ، وأيُّ بيضةٍ حمى ، وقـد انتهكت سيادة اليمن في عصره بما يسبق مثله ، وأيُّ سياسة أمـةٍ نهض بها ، وأيُّ حراسة ملّة اضطلع بها ؟!!



كما أنهم يعلمون _ إن كانوا حقـَّا تعلموا الفقه _ أنه حتى في النظام السياسي ذي المرجعية الإسلامية الكاملة ، لايجري على الخارجين على السلطة الحائـدة عما ذكر في هذا العقـد ، ما يجري على السلطة الراشـدة ، العادلة ، من وجوب إعانتها على من يخرج عليها بالسـلاح _ فضلا عمن يعارضها سلميا _ كما في الشرح الكبير للشيخ الدردير : ( وأما غير العدل فلا تجب معاونته ، قال مالك رضي الله عنه : دعـه ، وما يُراد منـه .. كما أنـَّه لا يجوز له قتالهم ، لاحتمال أن يكون خروجهم عليه لفسقه ، وجوره ) أ.هـ أي : إن كان جائـراً ، لم يحلّ له أصلاً أن يقاتل من خرج عليه !



وأنَّ الفقهاء قد علَّلوا إعانة السلطة ضد البغاة ، بخشية تفريق صفِّ الأمـة الإسلامية ، ووقوع الفساد في الأرض من البغاة ، وسفكهم الدمـاء .



فإذا كان الواقع هو العكس تماما ، فالمخالفون للسلطة الفاسـدة ، ليسـوا بغاة أصلا ، بل هم ملايين من الشعب في تحرك إصـلاحي سلمـي ، يتحـرَّك بوسائل حضارية أبعد ما تكون عن وصـف الإفساد ، والنظام هو السافك للدماء ، فيجب أن ينعكس الحكـم ، وتلك لعمري قاعدة شرعية متفق عليها ، فالعلة تدور مع المعلول وجوداً ، وعـدما .



ومعلوم أنَّ الأنظمة العربية ، هي التي فرَّقـت الأمـّة ، وهي التي ملأتهـا فساداً ، وأرهقت شعوبها طغياناً كبيـراً ، وأوضعت خلالها تبغيهـا الفتـن ، والضلال ، والضعف ، والوهـن ، وسلطت عليها الأجنبي ، وأضاعت كلَّ أسباب قوتها .



بينما هذه الثورات المباركة هي التي تقـرِّب الأمـَّة من توحِّدها ، وتـرفع عنهـا ذلهـّا ، وهوانهـا ، وتقرّبـها من إقامة العـدل ، وردّ الحقوق ، وإعادة الحكم الراشد في ديارها .



فكان الواجب على الذين دعاهـم طاغية اليـمن ليصدروا له فتوى تبيح دماء شعبـه ! إن كانوا حقا يريدون أن يمثـِّلوا علمـاء هذه الشريعة العظيمة ، أن يقفوا مع من تتحقق بهم مصالح أمّة الإسلام ، ويُدرءُ بهـم الضرر ، والفسـاد عنها ، وهم الشعـوب العربية الثائرة التي نهضـت لتعيد أمّتنا إلى سمـوِّ حضارتها ، ولتوحِّـدَ رايتها ، وتصلح أحوالها .



ولكن .. إنا لله وإنا إليه راجعون .. وقد صح عن عمر رضي الله عنه : (‏ يهدم الدين _ وفي لفظ ‏:‏ يهدم الإسلام _ ثلاثة ‏:‏ زيغة عالم ، ومجادلة منافق بالقرآن ، وأئمة مضلُّون‏ ) ، فنعوذ بالله تعالى مما تخوّف منه أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه على أمـّة الإسلام .



ونخـتم مذكرين بما في كتاب الله تعالى من الزجـر الأكيـد ، والوعيد الشديد من جريمـة إعانة الظـلمة ، كما قال الحقَّ سبحانه : ( ربّ بما أنعمتَ علـيّ فلن أكون ظهيـراً للمجرمين ) ، وقال جل وعــزّ : ( ولاتركنوا إلى الذين ظلموا فتمسّكم النّار ، وما لكم من دون الله من أولياء ، ثمّ لاتُنصرون ) ، وقال سبحانه : ( ولاتكن للخائنيـنَ خصيماً ) وقال تعالى : ( ولا تجادل عن الذين يختانون أَنفسهم ) ، وقال : ( هاأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أمّن يكون عليهم وكيلا ) ..



وقال صلى الله عليه وسلم : ( إنها تخلف مـن بعدهم خلوف ، يقولون مالا يفعلون ، ويفعلون مالا يؤمرون ، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ، وليس وراء ذلك من الإيمان حبّة خردل ) رواه مسلم



وفي الحديث : ( إنَّ الناس إذا رأوْا الظالم فلم يأخذوا على يديه ، أوشك أن يعمّهم الله بعقاب منه ) رواه احمد ، وأصحاب السنن



والله المستعان ، وهو حسبنا ، عليه توكلنا ، وعليه فليتوكل المتوكـلون .




الكاتب: حامد بن عبدالله العلي


التاريخ: 01/10/2011
جهراوي غير متصل   الرد مع إقتباس