عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 24-09-2011, 03:35 PM   #68
جهراوي
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,669
إفتراضي

الصفويون تاريخ من الحقد
أدى الغزو المغولي للعالم الاسلامي ما بين 1250م و1400م الى دمار سياسي واجتماعي وثقافي كبير، وخلف بعد انحساره فوضى أمنية وادارية أثمرت عن نشوء دويلات كثيرة ما بين حدود الصين وشرقي تركيا حاليا، ولم يوقف المغول الا دولة المماليك في مصر والتي حافظت عليها وعلى أجزاء من بلاد الشام والجزيرة العربية.في خضم هذه الفوضى تحولت احدى الطرق الصوفية التي أسسها صفي الدين الاردبيلي (توفي 1334م) في مدينة اردبيل في جنوبي أذربيجان الى حركة سياسية سيطرت أولا على محيطها ثم توسعت بعد ضعف الحكام المغول لتشمل أجزاء مما هو الآن شمال غربي ايران، وحدث ان تحولت هذه الحركة من الصوفية الى التشيع الاثنى عشري أيام زعامة «جنيد الصفوي» (حوالي سنة 1450م) ثم من بعده «حيدر» الذي انشأ تنظيما عسكريا من «القزلباش» ويرتدي جنوده العمامة الحمراء والتي تربط باثني عشرة لفة تعبيرا عن الأئمة الاثنى عشر.
وعندما تولى الشاه «اسماعيل الصفوي» الحكم عام 1501م بدأ حملة عنيفة ودموية لفرض المذهب الشيعي الاثنى عشري على سائر مناطق فارس وخلال العشر سنوات الأولى من حكمه جرى اعدام الآلاف من علماء السنة ومحاربة المذهب السني الشافعي الذي كان غالبا على بلاد فارس واستدعى علماء شيعة من العراق وغيره لنشر المذهب، كما دمر الكثير من المساجد والمدارس السنية.
وحملت اسماعيل طموحاته الى التدخل في جنوب الأناضول مستغلا انشغال العثمانيين بحروبهم مع النمسا وروسيا، واتصل لهذا الغرض بالأوروبيين كما عقد حلفا مع المماليك في مصر، وأدى ذلك الى ان يوقف سليم الأول العثماني قتاله الأوروبيين ويحول 80 ألفا من جنوده الى الأناضول، وزحف بقواته نحو تبريز عاصمة الشاه اسماعيل، وفي 23 أغسطس 1514م التقى العثمانيون والصفويون في سهل «جالديران» على بعد 240 كيلومترا شرقي تبريز، وانتهت المعركة بهزيمة منكرة للشاه اسماعيل الذي هرب وتقدم سليم ليحتل تبريز وسائر أذربيجان.بعد ذلك تحاشى الحكام الصفويون الدخول في مواجهات كبيرة مع العثمانيين الذين عززوا انتصارهم في جالديران بانتزاع العراق من الصفويين ثم بالقضاء على دولة المماليك حلفائهم، لكن سياسة الصفويين المتعصبة مذهبيا استمرت لقرنين، وفي زمن عباس الثاني (1642 م 1666م) توسع اتصال الصفويين بأوروبا التي أمدتهم بالسلاح وبالتدريب لانشاء جيش حديث، وحاول الشاه حسين الصفوي (1694 م 1722م) الذي كان متعصبا جدا ضد السنة غزو أفغانستان ونشبت حرب انتهت بزحف «غلزاي» حاكم أفغانستان الى ايران وانزل الهزيمة بالصفويين واستولى على عاصمتهم أصفهان عام 1722م واعدم الشاه حسين، واضمحل بعد ذلك أمر الصفويين وانتقل حكم ايران الى سلالة القاجار.
ولقد تركت تجربة الحكم الصفوي الذي دام ثلاثة قرون جروحا غائرة في العلاقات السنية الشيعية، اذ لم تعد المسألة خلافا مذهبيا بل حورها الصفويون لتكون صراعا معقدا اندمجت فيه العاطفة المذهبية بالتعصب القومي الايراني (على الرغم من ان الصفويين أنفسهم ليسوا من أصول فارسية)، فغدا التشيع معبرا عن الانفصام القومي الايراني عن الدولة العثمانية غربا والممالك السنية في أفغانستان والهند شرقا.
ومع ان الصفويين كسلالة حاكمة قد انتهوا الا ان «الصفوية» تشكلت كمفهوم أيدلوجي يعبر عن اندماج التشيع بالمشروع القومي الايراني، أو بمعنى أدق تحول التشيع من مذهب الى أداة خادمة للنزعة القومية الايرانية وهو ما نشهده في ايران منذ عام 1979م، وهي النزعة التي تضخمت في السنوات الأخيرة وصارت تعبر عن نفسها بالاختراقات الأمنية الايرانية للمشرق العربي وللخليج، وسعيها لتجنيد الشيعة خارج الحدود الايرانية ليكونوا أدواتاً للصفوية المعاصرة تحت ظل حكم ولاية الفقيه الايراني.
جهراوي غير متصل   الرد مع إقتباس