وليتأمـّل كـلُّ بصيـر الإرتباط العجيب بين غذاء الروح في رمضان ، ثـمّ التوجـّه في مسيرة حاشدة إلى صلاة العيـد ، ويُستحب إليهـا المشـي ، لأنـّه أدعـى إلى تحقيق الهدف ، حيـث تكبـّر فيه أمّة الخيـر التكبير الذي يملأ العـيـون هيبـةً ، ويُغمِـر القلـوب رهبـةً ، ثـم يخطـب فيهـم الخطيب خطبة جامعة يذكـِّر فيها الأمة برسالتها ، ويختصـر مهمّتـها ، ويحرضـّها على القيـام بدعوتها ، إذ قد تهيأت بشهر الصوم لهذه الوظيفـة الحضاريـّة ، واستعـدت بتصفية الروح لهذه الأمانة العالميـّة .
فيـا أمـّة الإسلام العظيـمة ،
نهنئكـم بشهـر البركـات أولاً ، ونقـول ثانيـا: الحمد لله الذي مـنّ علينا بإنطـلاق مشروع النهضة ، بهذه الثورات المباركة ، وأنعـم علينا بيقظـة شعوبنا من سباتها ، واكتشافها أنّ سـرّ قـوّتهـا في إسلامها ، فانطـلقت من صلاة الجمعـة لتزلـزل ما بنـاه الظلـم ، في عقود الظـلام ، وتحـرِّر الأمـّة من ربقـته ، إلى رحاب نور العدل في الإسلام .
فلنجعـل رمضان هذا العام ، وقـودَ نهضتِنا الذي يزيدها إشعـالا ، ونبراس يقظتـنا الذي يملؤها تـلألأً وجــلالاً .
وليكن شعارنا فيـه : اللهم أعنـّا على الصيام ، والقيام ، وإسقـاط فاسـد النظـام .
ولندعم ميادين الجهاد بالمال والعـُدَد ، وعواصم الثورات بالدَّعـم والمـدد.
حتـى يؤتي جهاد السلاح أكلـَه بالنصر ، ويحـقق نضال السياسة أهدافه بالظفـر ، فتعـود الأمـَّة إلى سابق عـزها ، وتالد مجدهـا ، وتحرر من أغلالها الثلاث :
الطواغيت المحلية ـ والهيمنة الأجنبيـة ـ والفهـم المغلوط لرسالة الإسلام العالمية العليـّة.
فهذا هو ديننا الذي به صـرنا خيـرَ أمـَّة أخرجت للناس ، وتلك هي رسالتنا التي بها أصبحـنا أكـرمَ الأمـَّم على الله تعالى .
والله المستعان ، وهو حسبنا ، عليه توكّـلنا ، وعليه فليتوكّـل المتوكّـلون.