(74)
وقد رأينا كيف نبه ؤرواد التحديد في شعرنا ونقدنا المعاصرين إلى هذ االعيب منذ وقت مبكر ، ومن ثم فإن الصور الحسية التي عرضنا لها من شعر ابن المعتز وسواه في مثل هذه الصور عند حدود رصد التشابه المادي الملموس بين عناصر الصورة وأطرافها .
وعلى هذا الأساس فإن تشبيه نزار قباني لشعر المرأة الأصفر بسنابل القمح في قوله من
قصيدة :"تعود شعري عليك "(70):
تعود شعري الطويل عليك
تعودت أرخيه كل مساء
سنابل قمح على راحتيك
صورة معيبة فنية لوقوفها عند تسجيل التشابه الحسي المتمثل في اللون والشكل بين الشعر الأصفر من ناحية ، وسنابل القممح من ناحية أخرى ، ولم يستطع الشاعر النفاذ من هذا التشابه الحسي إلى الإيحاء ببعد نفسي أو شعوري .
ومن هذا القبيل أيضًا قول نزار في تشبيه عيون الإسبانيات الواسعة السوداء باللؤلؤ الأسود في مقطع "اللؤلؤ الأسود" من قصيدة" أوراق أسبانية "
71)
شوارع غرناطة في الظهيرة
حقول من اللؤلؤ الأسود
فمن مقعدي
أرى وطني في العيو ن الكبيره
فالشاعر هنا أيضًا يقف عند تسجيل التشابه الحسي في اللون بين أعين الإسبانيات الوساعة السوداء التي تمتلئ بها الشوارع وبين حقول اللؤلؤ الأسود ، وواضح أنه لا صلبة بين الطرفين سوى اللون وهو صلة حسية لم يستطع الشاعر أن يصور من خلالها إحساسه الخاص بهذه العيون ، بل إن هذا التشابه الحسي يحجب لونًا من التباعد في الواقع النفسي بين الطرفين لم يفطن إليه الشاعر في غمرهم فرحه باكتشاف هذا التشابه الحسي ، فأين الواقع الذي تتركه لؤلؤة سوداء في نفس القارئ من ذلك الوقع العميق الذي تتركه العيون السوداء ، ولا سيماء أن الشاعر بمعرض تصوير جمال هذه العيون وقوة تأثيرها في نفسه .
________________________
(70) :نزار قباني :ديوان الرسم بالكلمات .الطبعة الثانية .منشورات نزار قباني .بيروت 1967ز ص 188.
(71)السابق ص 170