عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 29-01-2011, 10:19 PM   #2
اقبـال
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2009
المشاركات: 3,421
إفتراضي

في بغداد كانت المفاجئة كاملة.وأستغرق الأمر نصف ساعة تقريباً – أي حتى 6:00صباحاً ؛ توقيت بغداد الـ 10؛مساء توقيت واشنطن – [كي يستوعب النظام ماحدث و] لتنطلق بعدها صفارات الأنذار ؛سوية مع موجة القصف الجوي الثقيل الثاني على بغداد وتكريت . أنقطع بث راديو بغداد . بعد ذلك وبقليل توالت غارات قاصفات B-52؛من بريطانيا ومن مختلف القاصفات الأخرى من قواعد في الخليج ومن على حاملات طائرات لضرب بضعة أهداف اضافية أخرى .

جرى القصف على شكل ثلاث موجات ملفتة للنظر لأبعاد الأنظار عن - الغارة الكبرى على مزرعة الدورة –و/أو الهدف أو المهمة الحقيقية .مرت قاصفات B-52؛عبر أجواء أسرائيل وصولاً الى العراق من الغرب .عادت أذاعة بغداد للبث في الساعة 6:30صباحاً توقيت بغداد "10:30؛مساءً بتوقيت واشنطن " -رغم تواصل القصف .قرأ المذيع رسالة مو جزة ’يا أبناء العراق العظيم ؛أبناء القائد الكبير صدام حسين المنتصر بإذن الله....المجد للرجال الشجعان ؛ أسود عراق الأمة ؛عراق صدام حسين ؛القائد البطل المنتصر وعنوان الجهاد ....المجد لكم ؛يا أبناء القوات المسلحة العظيمة والبطلة ؛ وياجنود القائد المنقذ صدام حسين ‘.

في 20آذار/مارت قوطع البثان الأذاعي والتلفزيوني مرات عدة لتوجيه نداءات جديدة الى العسكريين للقتال لأجل صدام حسين .وبعد ساعات قليلة من الضربة ظهر صدام حسين بصورة المتحدي الشجاع .كان أشعث الشعر ؛وقد خطت بدايات الشيب شاربيه " لعله لم يصبغهما " وواضعاً نظارتي قراءة واسعتين على عينيه "عوضاً عن العدسات اللأصقة ". وتلى خطابه من ورقة مكتوبة ؛دون مواجهة الكاميرا .أكدت تلك الفروقات الملحوظة في مظهر صدام فكرة التعجل وارتجال الخطاب -كرد فعل سريع على الضربة الفاشلة لتصفيته -ولأقناع العراقيين بأنه مازال حياً ويسيطر على الأمور .لقد دعى كل العراقيين للقتال .’ سلوا سيوفكم ‘ قال صدام ؛و مستنتجاً ’ فلن ينتصر الا الرجل الشجاع ‘ ؛ومنهياً خطابه بالدعوة الى الجهاد بأسم جميع قضايانا التقليدية [المبدأية ].’’ عاش العراق؛عاش الجهاد وعاشت فلسطين ‘‘. ورغم ذلك ظلت ’ مصادر أستخبارية‘؛ ومسؤولون كبار في واشنطن ولندن يلمحون لعدة ايام لاحقة بأمكانية موت أو أصابة صدام بجراح في ’ الضربة الماحقة ‘؛ أما صناع القرار فلم ياسرهم هذا الوهم . لقد أخطأت الأطلاقة الفضية هدفها . وأكثر من ذلك ؛فقد تقرر تأجيل تطبيق منهج ’الصدمة والرعب shock and awe‘؛والضربات الجوية والصاروخية المكثفة لحين زوال معظم تأثير المباغتة لبغداد التي كانت بانتظار المزيد من الأعمال العدائية .

استمرت دوائر أستخبارات U.S؛بتسلم فيضاً من المعطيات data. وأفاد جاسوس لـ CIA؛ كان قريباً من أو خارج مبنى مزرعة الدورة : بأن صدام وولديه كانوا وبـ’التأكيد ‘ داخل أحدى بنايات مزرعة الدورة الثلاث وقت الضربة .وقد أرسل هذا العميل الكثير من التقارير من موقع عمال الأنقاذ الذين واصلوا الحفر بسرعة جنونية في الأنقاض [وكأنهم يبحثون عن شيئ محدد ] وقال مجدداً أن صدام جريح . كما ألتقطت [قاطعت] مراصد تنصت في U.S؛مكالمات تلفونية هستيرية كثيرة بطلب عجلات الأسعاف والخدمات الطبية والخدمات الطارئة الأخرى .أكدت التقارير الأولية التي وصلت CIA؛من وكلاء زعموا أنهم كانوا في الموقع وقت الضربة أن صدام حسين أما قتل أو نقل على نقالة ووجهه مغطى بقناع كبير للأوكسجين . وحتى بعد ظهور صدام ؛واصلت مصادر CIA؛ التأكيد على أن ’طبلتي أذني صدام ‘قد تمزقتا بفعل الأنفجار؛وانه ’يعاني تأثير الصدمة ‘؛ فهو’ظل شارد الذهن وبحالة ...وفي حالة ذهول ‘‘؛ حالياً.

وبعد ظهور صدام التلفزيوني أ؛دعى رسميوا CIA؛أنه تسجيل سابق.كما واصل رسميوا U.S؛ و U.K؛و لعدة أيام بعد ؛تأكيد موت صدام أو إصابته بجروح في الضربة الجوية .

وعلى العكس من ذلك ؛لم يصدق الكرملين أية أوهام قيلت عن نتائج الضربة الأميركية.وقد أشارت خلاصة للأستخبارات الروسية GRU؛يوم 20آذار/مارت عن تلك النتائج أرسلت الى الكرملين جاء فيها ’وفقاً لمعلومات وردت من بغداد ؛لم تحقق الضربة الموجهة للقيادة العراقية أهدافها .فصدام حسين وجميع المهمين من أعضاء وزارته أحياء وقد توزعوا على مواقع مختلفة ‘. وتوقعت GRU؛أن تٌفعلً القيادة العراقية سياقات عمل الطوارئ ؛ومضيفة ....’’من المرجح أن القيادتين السياسية والعسكرية قد نٌظمتا وفق قاعدة محددة ؛ ’شبكة network‘؛ المسؤولين ‘ ؛ومضيفة ’’ بأن عناصر هاتين القيادتين يتنقلون وبأستمرار عبر شبكة ملاجئ وغيرها من المقرات الأمينة ومقتصرين في أتصالاتهم على الخطوط الأمينة فقط ؛ولن يتواجد في أي وقت معين أكثر من عنصرين مهمين في موقع واحد‘‘.وستظل الشبكة الحمايوية هذه فعالة حتى بعد سقوط بغداد .

توالت التقارير ومن مصادر أستخبارية عالية فيما بعد التأكيد بعدم وجود صدام وولديه في أية مواقع قريبة من مزرعة الدورة وقت الضربة .وقد أكد لنا مسؤول أستخباراتي كبير قائلاً ’’ساد شعور عام بين أجهزة أستخبارات U.S؛ بأن صدام ما زال حياً؛ وكلما قيل وأذيع خلاف ذلك تمنيات وأوهام ‘‘.في الحقيقة ؛لم تعثر زمر الجيش الأميركي التي كلفت بالبحث في موقع الضربة على أي شيئ يؤكد تواجد صدام .

وقد صرح رئيس الزمرة العقيد ’ تيم ماديري ‘لشبكة CBS؛ ’’ لم يزد ما رأته زمر الحفر في الأساس سوى عدة حفرة كبيرة ؛ولم تجد أية أنفاق أو مبانٍ تحت الأرض ؛ولا جثث ‘‘. مضيفاً بأن من أختبئوا في المبنى الرئيسي في الدورة قد’ سلموا ‘ من الضربة .ولكن ظل هناك الكثير عن الحادث :فقد أكد بعض كبارالمعارضة العراقية الموثوقين ’’ مقتل خمسة مسؤولين عراقيين كبار كانوا بانتظار صدام حسين لأجتماع معد مسبقاً ‘‘ .وأكدت تلك المصادر عدم ’وصول لا صدام ولا أي من ولديه ‘. كانت هذه نقطة مهمة ولكنها لم تحض بأنتباه كاف أبان الفوضى التي سادت بعد الضربة المكثفة . عدم حضور صدام في اللحظة الأخيرة لا يعني فقط عدم صحة أوعدم دقة المعطيات التي أرسلت الى CIA؛ ؛بل وتوكد بعد أن هذه المعطيات قد أوصلت أو’ زرعت‘ عن عمد disinformation؛لتظليل وأرباك واشنطن . وما كان لحقيقة مقتل مسؤولين عراقيين أن تعني شيئاً لمحللي أستخبارات U.S؛ لو تذكرنا قسوة صدام وتكرار تصفياته لكبار مساعديه طوال عقود من حكمه ؛وما كان صدام سيتأثر قليلاً أو كثيراً ؛أو يابه للتضحية بكبار مسؤوليه كطعم أو لخدع خصومه أو ليؤكد مرة أخرى نجاحه في تظليل أعداءه .قاد هذا الأدراك لبروز مناقشة هامة الى السطح حول مصداقية الأستخبارت الخام1[1] Raw؛ في صياغة سياسات وأستراتيجيات U.S؛ أتجاه العراق .
اقبـال غير متصل   الرد مع إقتباس