التدمير المنهجي لمؤسسات التعليم
وعلى نحو يتكامل مع المجزرة الامريكية فى العراق تعرض العراق منذ الاحتلال عام 2003 ولا يزال، إلى هجوم شامل واسع النطاق يهدف إلى تدمير بنيته التحتية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية... ومن أخطر عناوين هذا الهجوم التدميري ما يتعلق بعمليات اغتيال منهجية لصفوة العلماء والأكاديميين العراقيين، إذ يتضح من هويات العلماء المغتالين أنهم ذوو تخصصات متنوعة (علوم، طب، هندسة، زراعة، تاريخ، جغرافية، علوم دينية، لغات)، فهناك في العراق "كلما كانت درجتك العلمية أكبر فأنت مستهدف أكثر، وإذا كنت أستاذا جامعيا فإن حياتك على كف عفريت، أو كف ملثم يحمل بندقية" (الجزيرة).
وكتب الصحفي البريطاني المشهور روبرت فيسك في هذه الكارثة قائلا: "يشعر منتسبو الهيئات التدريسية في جامعات العراق بوجود مخطط لتجريد العراق من علمائه وأكاديمييه لاستكمال تدمير الهوية الثقافية للعراق في أعقاب احتلاله عام2003".
وقالت المصادر نقلا عن تقارير صادرة عن وزارة الخارجية الأميركية "إن 74% من العلماء والأكاديميين تعرضوا للتصفية الجسدية بينما بقي حوالي 26% تحت وطأة التهديد المستمر ويحاول الكثير التغاضي عن تلك الإحصاءات والأرقام فيما تبادر جهات مسؤولة بتكذيب تلك الإحصاءات الصادرة عن جهات متخصصة".
وتشير تقديرات جامعة الأمم المتحدة إلى أن 84% من مؤسسات التعليم العالي قد حرقت أو نهبت أو دمرت، علمًا بأن النظام التعليمي في العراق كان الأفضل في المنطقة وأن أهم ثروات العراق كان المستوى التعليمي المتقدم لأبنائه.
فنحن هنا أمام عملية تدمير منهجي وتصفية منهجية لصفوة العلماء والمثقفين والمفكرين العراقيين في سياق حرب شيطانية تستهدف العلم والتعليم والثقافة والحضارة في العراق.
وفي السياق التدميري أيضا تأتي سياسات الاعتقالات والتهجير والتجهيل والتفقير المنهجية التي تستهدف إعادة الشعب العراقي إلى القرون الوسطى كما خططوا.
فعن معسكرات الاعتقال والتهجير الجماعي في العراق، أكدت نقابة المحامين العراقيين وجود السجون السرية وقالت إن مئات الضباط الكبار والعلماء العراقيين ما زالوا محتجزين لدى القوات الأميركية منذ الغزو ولا يعرف أحد مصيرهم. (الجزيرة نت 12/01/2010).
العرب اليوم الأردنية "إن عدد السجناء العراقيين يصل إلى 400 ألف سجين منهم 165000 حدث و50 آلاف امرأة، تم اغتصاب 95% منهن"، مضيفة "أن العراق سيصبح صاحب أكبر عدد ممكن من السجون والمعتقلات. فعلاوة عن سجون الاحتلال هناك سجون أخرى للحكومة العراقية ووزارة الداخلية ووزارة الدفاع ووزارة الأمن القومي والمخابرات وكذلك السجون الخاصة بالأحزاب السياسية، ولا شك أن هذه السجون تشهد أبشع الصور لانتهاكات حقوق الإنسان والسجناء فيها دون أمر قضائي، ويقبعون فيها لمدد طويلة دون عرضهم على المحاكم".
ووفق الشهادات المختلفة، فإن العراق يعتبر عمليا أكبر معسكر اعتقال جماعي على وجه الكرة الأرضية.
في مسألة التهجير الجماعي القسري للعراقيين، قال الكاتب العراقي عبد الواحد الجصاني في صحيفة الخليج "إن التهجير القسري لستة ملايين عراقي هو من أكثر جرائم هذا الاحتلال البربري خسّة"، مضيفا "في البدء لا بد من تأكيد حقيقة أن التهجير القسري للعراقيين ليس ناتجا عرضيا غير مقصود من نتائج الاحتلال، بل هو جزء مركزي من مشروع الاحتلال الأميركي الهادف إلى نزع هوية العراق العربية وتقسيمه إلى دويلات طوائف".
و كان العراق قد أعلن عن القضاء على الأمية عام 1991 و الأمية خطر يهدد العرب والمسلمين علما أن حجم الأمية في بلاد العرب والمسلمين تبلغ حدود 25% إلى 30%"، خمسة ملايين أمي في العراق وحده وأكثر من 60% إلى 65% منهم من النساء، وأكد أن تقديرات عام 2010 تفيد أن هذا العدد ازداد كثيرا وتجاوز سبعة ملايين.
ويضاف هنا الفقر إلى الأمية، فتذكر دراسة أكاديمية أعدها أستاذ العلوم التربوية والنفسية بجامعة بابل الدكتور عبد السلام جودت، ونشرت تفاصيلها صحيفة الصباح العراقية في عددها الصادر يوم02/01/2010 "أن نحو عشرة ملايين عراقي يعانون الفقر، وهو ما يقارب ثلث سكان البلاد الذين تجاوز عددهم 32 مليون نسمة، حسب إحصاءات لوزارة التجارة العراقية، وأضافت الدراسة "أن هذا العدد مرشح للارتفاع مستقبلا".