حذف فعل الشرط
قد يُحذف فعل الشرطِ بعد (إن) المُردفة بلا، مثل: (تكلم بخير، وإلا فاسكت)
وقد يكون ذلك بعد مَن مردفة بلا، كقولهم (مَنْ يُسلم عليك فسلم عليه، ومن لا، فلا تعبأ به)
ومما يُحذف فيه فعل الشرط أن يقع الجوابُ بعد الطلب، مثل: (جُدْ تسُدْ) والتقدير (جُدْ، فإن تجد تسُد).
حذف جواب الشرط
يُحذف جواب الشرط إن دل عليه دليل، بشرط أن يكون الشرطُ ماضياً لفظاً، مثل: (أنت فائزٌ إن اجتهدتَ)، أو مضارعاً مقترناً بلم، مثل: (أنت خاسرٌ إن لم تجتهد).
ولا يجوز أن يُقال: (أنت فائزٌ إن تجتهد)، لأن الشرط غير ماضٍ، ولا مقترن بلم.
ويُحذف إما جوازاً، وإما وجوباً.
فيحذف جوازاً، إن لم يكن في الكلام ما يصلح لأن يكون جواباً، وذلك بأن يُشعر الشرط نفسُهُ بالجواب، مثل { فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلما في السماء}. أي إن استطعت فافعل، أو بأن يقع الشرط جواباً لكلام، كأن يقول قائل: (أتُكرمُ سعيداً؟) فتقول: (إن اجتهد) أي إن اجتهد أكرمه.
ويُحذف وجوباً، إن كان ما يدل عليه جواباً في المعنى. ولا فرق بين أن يتقدم الدال على جواب الشرط، مثل: (أنت فائزٌ إن اجتهدتَ) أو يتأخر عنه، كأن يتوسط الشرط بين القسم وجوابه، مثل: (والله، إن قمتَ لا أقوم) أو يكتنفه، كأن يتوسط الشرط بين جزئي ما يدل على جوابه مثل: (أنتَ، إن اجتهدتَ، فائزٌ).
حذف الشرط والجواب معاً
قد يُحذف الشرط والجواب معاً، وتبقى الأداة وحدها، إن دل عليهما دليل، وذلك خاصٌ بالشعر للضرورة، كقول الشاعر:
قالت بناتُ العم: يا سلمى، وإن
كان فقيراً معدماً؟ قالت: وإن
وقول الشاعر:
فإن المَنيَّة، من يخشها
فسوف تصادفه أينما
الجزم بالطلب
إذا وقع المضارع جواباً بعد الطلب يُجزم، كأن يقع بعد أمرٍ أو نهيٍ، أو استفهام أو عرض، أو تحضيض، أو تمنٍ أو ترجٍ، مثل: (تعلم تفزْ، لا تكسل تَسُدْ. هل تفعلْ خيراً، تؤجرْ. ألا تزورنا تكن مسروراً. هلا تجتهد تنلْ خيراً، ليتني اجتهدتُ أكنْ مسرورا، لعلك تطيع الله تفزْ بالسعادة).
وجزم الفعل بعد الطلب، إنما هو بإن المحذوفة مع فعل الشرط. فتقدير قولك: جُدْ تسُدْ: وتعني جُدْ فإن تَجُدْ تسُدْ. وتقدير قولك: هل تفعل خيراً؟ تؤجرْ. وتقديرها: هل تفعل خيراً؟ فإن تفعل خيراً تؤجر.
والطلب لا يُشترط فيه أن يكون بصيغة الأمر، أو النهي، أو الاستفهام، أو غيرها من الصيغ الطلب. بل يُجزم الفعل بعد الكلام الخَبَريّ. إن كان طلباً في المعنى، كقولك: (تُطيع أبويكَ، تلقَ خيراً). أي أطعهما تلقَ خيراً. ومنه قولهم: اتقى اللهَ امرؤٌ فعل خيراً، يُثَبْ عليه). ومن ذلك قوله تعالى: { هل أدلكم على تجارة تُنجيكم من عذاب أليم؟ تؤمنون بالله ورسوله، وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون، يغفر لكم ذنوبكم}، أي: آمنوا وجاهدوا يغفر لكم ذنوبكم.
ـ لا يُجزم الفعل بعد الطلب إلا إذا قُصِد الجزاءُ. بأن يُقصد بيان أن الفعل مسببٌ عما قبله، كما أن جزاء الشرط مُسببٌ عن الشرط. فإن لم يُقصد ذلك، وجبَ الرفع إذ ليس هناك شرطٌ مُقدر، ومنه قوله تعالى: { ولا تمنن تستكثر} وقوله: {فاضرب لهم طريقاً في البحر يَبَسَاً، لا تخافُ دَرَكَاً ولا تَخشى} وقوله: {خُذْ من أموالهم صَدَقَةً تُطهرهم}.
__________________
ابن حوران
|