باب بيان أن القُبلة في الصوم ليست محرمة على مَنْ لَم تُحرَّك شهوته
قال الشافعي والأصحاب: القُبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته لكن الأولى له ولا يقال إنها مكروهة له وإنما قالوا إنها خلاف الأولى في حقه مع ثبوت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعلها لأنه كان يؤمن في حقه مجاوزة حد القُبلة ويخاف على غيره مجاوزتها كما قالت عائشة: كان أملككم لإربه وأما من حركت شهوته فهي حرام في حقه على الأصح، وقيل: مكروهة كراهة تنزيه.
قال القاضي: قد قال بإباحتها للصائم مطلقاً جماعة من الصحابة والتابعين وأحمد واسحق وداود وكرهها على الإطلاق مالك وقال ابن عباس وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي والشافعي: تُكره للشباب دون الشيخ الكبير وهي رواية عن مالك. وروى ابن وهب عن مالك رحمه الله إباحتها في صوم (النفل) دون (الفرض)، ولا خلاف أنها لا تبطل الصوم إلا أن ينزل المني بالقبلة.
واحتجوا له بالحديث المشهور في السنن وهو قوله صلى الله عليه وسلم ((أرأيت لو تمضمضت)) ومعنى المضمضة مقدمة الشرب وقد علمتم أنها لا تفطر وكذا القبلة مقدمة للجماع فلا تفطر، وحكى الخطابي وغيره عن ابن مسعود وسعيد بن المسيب أن مَنْ قّبَّل قضى يوماً مكان يوم القبلة.
الحديث (1106) حدثني علي ابن حجر، حدثنا سفيان، عن هشام ابن عروة، عن أبيه.
عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل إحدى نسائه وهو صائم [أخرجه البخاري 1927؛ 1928].
الحديث (1107) وحدثنا يحيى ابن يحيى وأبو بكر ابن أبي شيبة وأبو كُريب، عن الأعمش، عن مسلم، عن شُتير ابن شكل.
عن حفصة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم.
باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جُنبٌ
الحديث (1109) حدثني محمد ابن حاتم، حدثنا يحيى ابن سعيد، عن ابن جُريج، وحدثني محمد ابن رافع (واللفظ له) حدثنا عبد الرزاق ابن همام، أخبرنا ابن جُريج، أخبرني عبد الملك ابن أبي بكر ابن عبد الرحمن، عن أبي بكر قال:
سمعت أبا هريرة يقُصُ، يقول في قصصه: من أدركه الفجر جُنباً فلا يصم، فذكرت ذلك لعبد الرحمن ابن الحارث، فأنكر ذلك، فانطلق عبد الرحمن وانطلقت معه حتى دخلنا على عائشة وأم سلمة فسألهما عبد الرحمن عن ذلك، قال فكلتاهما قالت: (( كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جُنبا من غير حلم ثم يصوم))، قال: فانطلقنا حتى دخلنا على مروان، فذكر ذلك له عبد الرحمن، فقال مروان: عزمت عليك إلا ما ذهبت، الى أبي هريرة، فرددت عليه ما يقول، قال: فجئنا أبا هريرة، وأبو بكر حاضر ذلك كله، قال: فذكر له عبد الرحمن، فقال أبو هريرة: أهما قالتاه لك؟ قال: نعم، قال: هما أعلم.
قال أبو هريرة: سمعت ذلك من الفضل ابن العباس ولم أسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم. قال: فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك. قلت لعبد الملك: أقالتا: في رمضان؟ قال كذلك، كان يصبح جُنباً من غير حُلم ثم يصوم [أخرجه البخاري 1925؛ 1926؛ 1931].
__________________
ابن حوران
|