ذكرت في مجمع حضرته الهيئة التعليمية ببلادنا أن المشكلة الحقيقية تكمن في افتقار
مناهجنا التعليمية لتربية عقلانية سليمة تتمثل في جعل الفرد يجاهر برأيه ويدافع عنه
باستماتة ليعبر عن قناعاته الخاصة باستحضار أدلة دامغة لإقناع الآخرين بوجهة نظره
شريطة الاعتراف بأخطائه إن كان مجانبا للصواب..
أرى أن الأسلوب الحجاجي خير منهج يمكن أن يرقى بمسار الشعوب إلى أعلى
المستويات.. إنه جوهر العلاقات السليمة بين الأفراد التي تنبني على أساس متين
جدا لأنه ينبثق من العمق ويلغي السطحية.
لا يمكن أن يحدث هذا التأثير الرخيص على عقول الأفراد إلا إذا كانوا مفتقرين لأدوات
الحجاج. إن الاستجابة لسلطان العقل، لحظة الغواية، أمر مقدور عليه حين تكون الذات قد
حظيت بفرصة التعلم بانتهاج أسلوب حجاجي في عدم قبول أي منتوج سواء كان سلعة أو
فكرة دخيلة دونما فتح هامش لتفكير عقلاني رشيد نحتكم إليه لنصدرأحكامنا في قبول ما
يوافق القواعد السليمة ويبعدنا عن الوقوع في التهلكة.
ومن الطريف حقا أن وسائل الإعلام السمعية البصرية تتخذ أسلوبا حجاجيا ذكيا على
مستوى التأطير والإيقاع السريع فيما يخص المونطاج وكذا الاقتصاد في الكلام.
فمكونات الوصلة الإشهارية على سبيل المثال ترتكز بالأساس على تفاصيل الوجه
باعتباره أداة حجاجية بامتياز، ذلك أن الوجه يعد عنصرا مركزيا في الدلالة الجسدية .
إنه الصورة الأولى التي تحدثنا عن أحاسيس الفرد وميولاته وانتمائه..ومن ثم ليس من
باب المصادفة أن يراهن عليه الإشهاري كثيرا لإغراء المشاهد والتأثير فيه.
لن تتوقف وسائل الإعلام عن إعادة إنتاج السلطة وابتلاع الأفراد مادام المشاهد
يعاني نزفا حادا في جهاز مناعته الذاتية.
تحياتي.
__________________
" كان بودي أن آتيكم ,, ولكن شوارعكم حمراء ,,
وأنا لا أملك إلا ثوبي الأبيض ",,
* * *
دعــهــم يتــقــاولــون
فـلــن يـخــرج الـبحــر
عــن صمته!!!
آخر تعديل بواسطة صلاح الدين ، 03-04-2010 الساعة 03:14 AM.
السبب: تنسيق إخراج هذه المداخلة القيمة .
|