عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 19-01-2010, 06:27 PM   #115
جهراوي
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,669
إفتراضي

وإذا كانت هذه بعض الدلالات السياسية لحادثة اخترق كابول والأسباب التي دفعت طالبان للقيام بها في هذا التوقيت, فإن العملية أيضا تركت انطباعات متعددة عن الوضع في أفغانستان, خاصة في شقه الأمني والعسكري.
أول هذه الانطباعات عن وضعية قوات الأمن الأفغانية, فهي على ما يبدو ليست أكثر من قطعة من الجبن الفرنسي الطري ملئت باختراقات من كافة الجوانب والاتجاهات, وليس أدل على ذلك من قدرة طالبان على اختراق هذه القوات في أعلى درجاتها وأكثرها قربا والتصاقا بمركز السلطة.
وهو ما قد يفسر حالة الاندهاش التي تملكت بعض الصحفيين والمحللين, حيث تمكن مسلحي طالبان من اقتحام المباني الحكومية، رغم آليات التفتيش المعقدة التي يخضع إليها عادة كل من يريد أن يدخل هذه المباني, حيث يمر على الأقل بخمس محطات تفتيش قبل الوصول إلى هدفه, فكيف بعشرين مسلحا بمعدات وأسلحة وعربات مصفحة تابعة لجهات أمنية وشرطة من الوصل إلى قلب كابول ورئيسها ومراكزها الحيوية.
وهذا الانطباع يؤكد التصور المسبق عن مقاتلي حركة طالبان بأنهم ليسوا مجرد هواة ببنادق بدائية يجوبون الصحراء هائمين, بل هناك فكر وتخطيط ميداني على قدر عالٍ من الكفاءة والحرفية, خاصة في مجال الاختراق والتموية, خاصة إذا وضعنا إلى جوار هذه الحادثة, عملية الاختراق غير المسبوقة التي مكنت الأردني همام البلوي من الوصول لقاعدة خوست الاستخباراتية الأمريكية والقيام بعملية تفجير أردت سبعة من الاستخبارات الأمريكية قتلى في أفغانستان قبل عدة أيام.
كما يؤكد, من زاوية أخرى, أن هذه القوات الأمنية إما أنها على قدر كبير من الفساد حتى أعلى المستويات, بما يسهل عملية شرائها بالأموال, ومن ثم السماح وتمرير مثل هذه العمليات, أو أن ولاء قيادات كبيرة منها ليس على حقيقته الظاهرة للحكومة الحالية وقوات الاحتلال, فثمة من يدعم طالبان وهو في موقعه كقيادة عليا في الجيش والقوات الأمنية.
بل, وقد يمكن القول بأن هناك توجهات من البعض الساسة الأفغان ترفض جملة توجهات حكومة الرئيس كرزاي, وتستغل أذرعها الأمنية والعسكرية لإحراج هذه الحكومة وإسقاطها وإظهار عورتها أمام الشعب الأفغاني.
أضف إلى الانطباعات المتولدة من عملية كابول أن قوات الاحتلال تتوارى وراء بروج شيدتها وحصون أقامتها وتدفع في المقدمة على الدوام قوات الأمن والجيش الأفغاني, ولا تتدخل إلى في حالات محدودة حينما تخرج الأوضاع عن السيطرة ومن خلال الطائرات تقليلا لخسائرها البشرية المتفاقمة, وتجنبا لمواجهة مباشرة مع طالبان.
فقد نجحت الحركة في تحويل وسط العاصمة الأفغانية إلى ميدان معركة على مدى حوالي أربع ساعات تخللتها تفجيرات وإطلاق نار كثيف بالأسلحة الأوتوماتيكية والرشاشات الثقيلة, ولم يكن هناك ما يشير إلى وجود قوات الناتو في ساحة المعركة إلا من خلال طائراتها التي كانت تحلق استطلاعا للموقف.
إن هذه العملية مهدت طريق طالبان نحو كابول, وكشف حقيقة حكومة كرزاي, وكونها ليست أكثر من نمر من ورق مقوىيخفي من ورائه ضعفا سياسيا وأمنيا
جهراوي غير متصل   الرد مع إقتباس