عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 28-11-2009, 06:17 PM   #16
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

لم يعد حينها -خ- الذيعرفت من قبل. في تلك الأيام وفي غمرة الحماس والاستعداد حصل الامتحان. هكذا سماه. بعد المناداة عليه لتسلم وظيفة جيدة براتب شهري مغري وامتيازات كبيرة تناسب شهاداتهالعليا. كان قد ربط الخيوط ووجد الطريق السالك. قال لي :
"إنه اختبار من الله فهوسبحانه يمتحن عباده ليعلم الصادقين من الكاذبين "
ثم تلا قوله تعالى(قل إنكان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشونكسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتيالله بأمره. والله لا يهدي القوم الفاسقين).
لا أريد أن أكون من هؤلاءالقوم الفاسقين ....لم يتأخر لحظة ورحل عند أول فرصة تاركا الدنيا والوظيفة وكل شيءخلف ظهره.
أذكر تلك الليلة الأخيرةكأنها البارحة . كنا أربعة بتنا الليلة في بيت - ز- بدا سعيدا كعريس في ليلة دخلته. تحدثنا الساعات الطوال. لأول مرة دون توقف. تكلم كمن سيموت في اليوم الموالي ويخشىالرحيل دون قول ما كان يحتاج قوله. ضحكنا طويلا بعد أن حلق ذقنه وارتدى بدلةإيطالية الصنع بربطة عنق سماوية اللون . تغير شكله تمتما, وأجاب على تعليقاتناالساخرة بكلمات مقتضبة:
" الحرب خدعة ...هلتريدونني أن أسافر بلباس عسكري؟؟!!"
قبل أن يغادر بكى ونحنننشد بصوت جماعي خافت:
وداعا أيها البطل لفقدكتدمع المقل
بقاع الارض قد نذبت فراقكواشتكى الطلل
لإن ناءت بنا الأجسادفالأرواح تتصل
ففي الدنيا تلاقينا وفيالأخرى لنا الأمل
فنسأل ربنا المولىوبالأسحار نبتهل
بأن نلقاك في فرح بدار مابها ملل
بها أبطال أمتنا بهاشهداؤنا الأول
بها الأحباب قاطبة كذاالأصحاب والرسل
فيا من قد سبقت إلى جنانالخلد ترتحل
هنيئا ما ظفرت به هنيئاأيها البطل
أي وجه أواجه به أميالحاجة؟؟؟ لا أدري... وكيف أتصرف في الوصية؟؟ بالأمس القريب وقبل يومين من تسلميللرسالة. كنت لا أزال أمارس تمويهي وكذبي على المسكينة. زرتها كالعادة للسؤال عنرفيق الطفولة المسافر إلى ألمانيا. وهل من رسائل جديدة؟ وكيف هي أحواله البردهنالك؟؟ في داخلي كنت أشعر بالألم والخجل وهي تحدثني عن رسائله وشوقه وأحوال الطقسالتي لم يتعود على قساوتها. لم تكن تنسى إبلاغي سلامه الحار وشوقه لمعرفة أخباري. أهز رأسي أمامها ببلاهة مصطنعا السعادة والإصغاء لحديثها . كنت أنا كاتب الرسائل ( التمويهية) هكذا ارتأى رحمه الله قبل أن يرحل . لم يترك لي أي فرصة لمجردالإستفسار.
وإلا لكنت امتنعت عن هذهالمهمة المعقدة والمشبوهة. ربما تعمد مفاجأتي بذلك في آخر لحظات الوداع , أو ربمالضيق الوقت حين سلمني الورقة الصغيرة وهو في طريقه إلى المطار: " هذا إيميل الأسرة, تصرف أكتب لهم بين الفينة والأخرى رسالة حدثهم فيها عن أي شيء. عن ألمانيا وظروفالدورة التدريبية وضيق الوقت وكثرة الإنشغالات....و..و...و
أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس