عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 28-11-2009, 06:05 PM   #12
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
Lightbulb الحلقة الثانية

2
كانتتلك آخر رسائله, انقطعت بعدها أخباره عني . أحسست حينها بغربة ووحدة قاتلة ضلتتحاصرني من كل الجهات. كنت عن طريقه أتنسم أخبار الأحبة,أعيشها لحظة بلحظة. أفرحلأفراحهم,وأحزن وأبكي أحيانا طويلا لأحزانهم وحسرة على عدم اللحاق بهم . حين حدثنيعن ملحمة الفلوجة الأولى,وعن جوعهم وعطشهم لأيام عدة. عافت نفسي الطعام وفقدت شهيتهكنت كلما جلست أمام المائدة تذكرتهم. تذكرت حكاية الشباب الذين حملوا أرواحهم علىأكفهم حين تطوعوا لخرق الحصار المضروب قصد جلب جرعات ماء لإخوانهم ,وكيف مروا منبين دبابات الصليبيين وآلياتهم وسمعوا أصواتهم وقرع أكوابهم وآنيتهم,دون أن يفطنواأو يحسوا بهم وكأنما غشيت أبصارهم وجعل وجعل في آذانهم وقرا. كانت تلك كرامة منعشرات الكرامات التي حدثني بها وعن تفكيره في جمعها وتدوينها حين يجد فرصة ووقتالذلك.
رأيتهفي منامي بجناحين يطير ويخاطبني مبتسما,مشيرا بيمينهمناديا
"إلحقبنا لقد تأخرت, ولا تنس الوصية"
استفقتمرعوبا مذعورا كعادتي مع كل حلم أتصبب عرقا. قلبي يخفق بسرعة وأكاد أسمع ضرباته: اللهم اجعله خيرا. أي وصية يقصد؟! رسائله التمويهية أرسلها بانتظام لأسرته! لم أرهقنفسي في حل رموز الرؤيا وتأويلها . رأسا توجهت صوب الأنترنت . الأيقونة تشير إلى أنلدي رسالة جديدة, أحسست بنشوة من فرح لم تدم طويلا. لم يكن عنوان المرسل عنوانه... وبريدي هذا لا يعرفه أحد سواه... ارتبت في أمرها مما جعلني أتوقف عن فتحها إلى أناستعنت بما أعرفه من إجراءات الحماية الأمنية الإكترونية في مثل هذه الحالات. ثمتوكلت على الله وفتحت الرسالة. تسمرت حينها مكاني وأحسست بحمام عرق بارد يغسل كاملبدني, أعدت قراءتها بسرعة واضطراب. رسالة من دون مقدمات. وجمل متقطعة. يبدو أنصاحبها كتبها في عجلة وتوتر.
"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, أنا أخوكم أبو....العراقي مسؤولفي هيئة الإعلام أزف لكم نبأ استشهاد صديقكم وأخوكم –خ- الدكتور نسأل الله أنيتقبله. وصيته التي عهد إلي بإبلاغكم إياها هي وبعض صوره وكتاباته ستجدها على هذاالرابط .... لطالما حدثني عنك وانتظر وصولك على أحر من الجمر. يبدو أنه رحمه اللهكان يعزك كثيرا. ولك مكانة خاصة في قلبه الكبير... أحبه الجميع هنا,مهاجرون وأنصار. منذ دخوله المبكر ارتأى الإخوة أن يضعوه في مكان يناسب تخصصه عملا بمبدأ الرجلالمناسب في المكان المناسب وأبدع وأفاد في مجال الإعلاميات والإلكترونيات ونفع اللهبه إخوانه وأمته. فكان من تفانيه وإخلاصه لاينام سوى أربع ساعات في اليوم والليلةحتى هزل جسمه وشحب لونه, فكان كلما طلب منه إخوانه أخذ قسط من راحة يجيب الراحةهنالك في الجنة ويشير بسبابته نحو السماء... وكان رحمة الله عليه يبكي بحرقة وتأثركلما همت مجموعة من الشباب بالخروج إلى الميدان حسرة على عدمإشراكه في العملياتوشوقا للنزال. إلى أن اختير تطييبا لخاطره أكثر من أي اعتبار آخر. في عملية الثأرلأعراض المسلمات التي انتهكت في إحدى البلدات. سجد سجدة شكر وعانقني حين أعلمتهببشرى الإختيار التي كنت حريصا على أن أكون أول من يزفها له... لم ينم تلك الليلةمن الفرح...
أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس