عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 22-11-2009, 02:52 AM   #2
علي
مشرف الخيمة المفتوحة
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: الوطن العربي - ومن القطر الفلسطيني تحديدا !
المشاركات: 4,769
إرسال رسالة عبر MSN إلى علي
إفتراضي

هذا الموقف كان امبارح الظهر.. امبارح بعد الظهر، دى القرارات اللى أنا اتخذتها، وبدأت - أيها الإخوة - القوات تتحرك، وتحرك الأسطول، وتحركت الطائرات تحمل جنود المظلات، كان فيه ٢٠٠٠ من جنود المظلات علشان ينزلوا فى اللاذقية، ولكن ماذا حدث؟ لقد استطاعت هذه الحركة الصغيرة أن تقضى على أساس العناصر الوطنية.
حدث فى حلب بالأمس إنهم راحوا الإذاعة.. إنهم موتوا ناس فى الإذاعة.. أعلنوا إنهم بينضموا.. أعلن أحد الضباط أنه ينضم إلى الحركة الانفصالية الرجعية، وأعلنت اللاذقية أيضاً أنها تنضم إلى الحركة الانفصالية الرجعية.. أقصد بهذا القادة للقوات المسلحة.
وكان الموقف يستدعى التفكير.. هل يسفك دم العربى بدم العربى؟ هل يتقاتل العربى مع العربى؟ ولمصلحة من نسفك الدماء؟ ولمصلحة من نحارب بعضنا البعض وهناك الأعداء يتربصون بنا؟ فأصدرت الأوامر قبل منتصف الليل بقليل بالأمس بأن تعود جميع الطائرات التى كانت متجهة إلى اللاذقية.
ولكن صدر الأمر بعد أن أسقط ١٢٠ فرد بالباراشوت فى اللاذقية، ولكن الباقين.. باقى الألفين ادينالهم أوامر بالرجوع أو عدم التحرك، وكانت قوة المظلات التى تحركت بالأمس قوة فيها مصريين وسوريين؛ لأن فيه هنا قوة مظلات سوريين؛ كتيبة مظلات سوريين، في أفراد منها قالوا لازم نروح، دى معركتنا ودى بلدنا ودى أهدافنا ودى قوميتنا، ولكن هل كان الهدف أن ندخل فى معركة بين القوات المسلحة للجمهورية العربية؟ أبداً لم يكن هذا هو الهدف، كان الهدف أن نحمى الشعب الذى انطلق على روحه، وعلى سجيته بالأمس؛ ليعلن تأييده للقومية العربية، ومساندته للجمهورية العربية المتحدة.
وقد أصدرت الأمر للقوات التى نزلت قبل منتصف ليل أمس فى اللاذقية بألا تطلق طلقة واحدة، وبأن تقدم نفسها وتسلم نفسها إلى قائد المنطقة البحرية هناك؛ حتى لا يسفك دم العربى بدم العربى بعد أن سحبنا باقى القوات التى كانت حسب الخطة الموضوعة.. التى كان مقرراً لها أن تسقط كلها قبل أول ضوء من هذا اليوم، وكانت القوات البحرية قد وصلت إلى مشارف اللاذقية وقرب اللاذقية، فماذا حدث؟ أصدرت لها الأوامر بأن تعود.
ولهذا اللى نزلوا طبعاً فى اللاذقية ١٢٠ فرد.. ١٢٠ فرد مش قوة تحارب.. بعتنا لهم طيارة اتصلت بهم باللاسلكى، وقالت لهم إنهم ما يطلقوش طلقة واحدة، الأوامر اللى أخذوها قبل ما يطلعوا من هنا إنهم رايحين ليؤمنوا الشعب، وليس الهدف من إرسالهم أن يطلقوا النار على الشعب ولا على الجيش.
ألغيت هذه الأوامر كلها وعاد الأسطول، وعادت القوات التى كانت تحركت بالأمس، وعادت القوات التى كانت محملة فى الطائرات.
وأنا اليوم - أيها الإخوة - ونحن نواجه هذه الظروف، ونواجه هذه اللحظات الحاسمة فى تاريخ الوطن العربى والأمة العربية.. أريد فى هذه اللحظات أن يعرف الشعب العربى - هنا فى مصر - أنه ليس هناك وقت يدعونا إلى التمسك بعروبتنا أكثر من هذا الوقت.. أكثر من هذه اللحظات.
إننى أعرف - أيها الإخوة المواطنون - أن فى النفوس هنا مرارة، وأن فى النفوس هنا ألم، ولكن يجب - أيها الإخوة - ألا نجعل الشعور بالمرارة يغلب العقل أو يغلب الحكمة. إننى أعلم - أيها الإخوة - بل قد استمعت - أيها الإخوة - أعلم أن هناك الآن أصواتاً جريحة بتفتكر التاريخ، بتقول: ان احنا طعنا فى الظهر فى ٤٨ واحنا بنحارب فى فلسطين، وإن الوقت اللى كنا بنحارب فيه، والوقت اللى كان الجيش بيواجه الصهيونية وإسرائيل، طعن الجيش من الخلف.
فى هذا الوقت اللى كنا بنقاتل فيه كان الملك عبد الله بيتفاوض مع اليهود، ولكن ليست هذه أول الخيانات، وليست هذه أخر الخيانات، ليست هذه أول الطعنات، وليست هذه أخر الطعنات.
بعد تأميم قنال السويس إيه اللى كان بيعمله نورى السعيد؟ كان نورى السعيد بيعرض على "إيدن" وبيقترح على "إيدن" ويقوله: أن لابد من انتهاز هذه الفرصة للتخلص من الثورة فى مصر. طعنا، ولكن هل أثرت فينا طعنات نورى السعيد؟ أو هل أثرت فينا طعنات الملك عبد الله؟ أبداً.. إنها زادتنا تمسكاً بعروبتنا، وزادتنا تمسكاً بقوميتنا.
أيها الإخوة المواطنون:
لقد ناصرنا دائماً كل حركة تحريرية من أجل الأمة العربية ومن أجل الوطن العربى، وقد طعنا أو واجهنا التنكر من هؤلاء الذين وقفنا معهم وحدنا فى وجه الأخطار التى كانت تجابههم.
فيه ناس بتقول نفس الشىء بالنسبة لما حدث بالأمس؛ ناس بتقول: هو احنا طلبنا وحدة؟ هم اللى طلبوا الوحدة.. وهذا صحيح، هذا حقيقى، ولكنا أمة عربية واحدة.
فى سنة ٥٨ اتجهت كل الأحزاب السورية وكل الكتل فى الجيش السورى وقابلتنى، وطلبوا منى أن أقبل بالوحدة، وأنا فى هذا الوقت لم أقبل، قلت لهم: إن الوحدة صعبة.. الوحدة حاجة مادية سيتكتل لهدمها كل أعداء الوطن العربى، وكل أعداء القومية العربية، ستتكتل لهدمها الرجعية والاستعمار، الوحدة شىء مادى، مش شىء معنوى، حينما تقوم سيجد الأعداء الهدف الذى يوجهون إليه الطعنات. وقلت لهم فى هذه الأيام فى سنة ٥٨ فى يناير، أو يوم ١٥ يناير سنة ٥٨ بالذات، قلت لهم: ان احنا يجب أن ننتظر خمس سنوات، ونجرب وحدة اقتصادية، ووحدة عسكرية، ووحدة ثقافية، ثم نتجه بعد ذلك إلى الوحدة الدستورية.

ليه قلت هذا الكلام؟ لأنى أعرف إن الوحدة حينما تقوم كل صاحب مصلحة عايز مصلحته بس هى اللى تتحقق، فيه تناقص فى المصالح، فيه تناقض فى أهداف السياسيين، فيه تناقض فى أهداف الرأسماليين، كل واحد طلب الوحدة لمصلحة تختلف عن الآخر، هم أجمعوا على الوحدة.. السياسيين - أنا ما باقولش الشعب - أجمعوا على الوحدة، ولكن كل واحد كان له سبب.
حينما عرضت الوحدة للاستفتاء وافق الشعب بالإجماع على هذه الوحدة، بعد كده قالوا لى إيه؟ قالوا لى ولكن سوريا تتعرض للأخطار، سوريا تتعرض للضياع، وبرفضك الوحدة إنما تتنكر لكل ما قلت بالنسبة للقومية العربية والوحدة العربية، إن الوحدة هى الحل الوحيد لإنقاذ سوريا.
وقلت لهم إن الشعب هنا فى مصر لا يمكن أن ينسى للشعب العربى وقفته معه فى ٥٦، لا يمكن أن ينسى الشعب السورى وقفته معه حينما حطم أنابيب البترول حينما اعتدى الإنجليز والفرنسيين وإسرائيل علينا، قلت لهم إن الشعب العربى هنا فى مصر لا يمكن أن يرضى بأن يمس الشعب العربى فى سوريا سوء؛ ولهذا فأنا أقبل بهذه الوحدة، أقبلها وأنا أعلم المصاعب التى ستقابلنى، أقبلها وأنا أعلم العقبات التى ستقف فى طريقى، أقبلها وأنا أعرف المشاق التى سألاقيها.
وفعلاً - أيها الإخوة - فى الـ ٣ سنين اللى فاتوا - الـ ٣ سنين ونص - قابلنا متاعب كثيرة فى سوريا، قابلنا مشاق كثيرة فى سوريا، قابلنا متاعب لا أول لها ولا أخر، يعنى يمكن تلات أرباع وقتى كان يضيع فى محاولة حل هذه المشاكل، وفى محاولة تذليل هذه الصعاب وهذه المشاق.
وهل نحن نادمين على كل ما فعلناه؟ أبداً.. لم نندم لأننا استجبنا إلى ضميرنا.. إلى عروبتنا.. إلى روحنا.

أيها الإخوة: أنا أعرف أن ما حدث بالأمس قد يسبب من الناحية الإنسانية شعوراً عميقاً بالمرارة، ولكنى أجد من واجبى فى هذه اللحظات أن أرفع صوتى محذراً: إن هذه الجمهورية يجب أن تبقى دائماً قلعةً للقومية العربية.


إن هذه الجمهورية جمهوريتكم يجب أن تبقى دائماً سنداً للحرية العربية، دعامةً للتطور العربى نحو الكفاية والعدل، لا يمكن بأى حال إن الغدر أو الخيانة يؤثروا فينا بأى حال من الأحوال مهما حصل لا يمكن أن ننسى أهدافنا، ولا ننسى عروبتنا، ولم يكن - أيها الإخوة - خافياً أن هناك عناصر كثيرة تتألب على هذه الثورة العربية التى قامت فى القاهرة، والتى تفاعلت معها سوريا بإرادتها فى وحدة شاملة، أملاها الشعب السورى إملاء.

لم يكن هذا خافياً أبداً.. لم يكن خافياً أن الطريق إلى البناء السياسى والاقتصادى والاجتماعى هو طريق شاق، ولم يكن خافياً أن هناك عناصر رجعية تتربص بنا على الطريق، ولم يكن خافياً أن هناك استعمار، ولم يكن خافياً أن هناك مصالح معادية للوحدة، نحن نعرف - أيها الإخوة - هؤلاء جميعاً.. حاربناهم وانتصرنا عليهم، ولقد فقدنا بعض المعارك، ولكن النتيجة النهائية للصراع كانت دائماً لصالح المبادئ التى وقفنا دفاعاً عنها، كان هذا - أيها الإخوة المواطنون - هو المرحلة الأخيرة فى كل المعارك، كانت دائماً المبادئ تنتصر.
وأنا قلت لكم كتير إن بتنتكس المبادئ وبتنتكس الثورات.. بتنتكس الانتفاضات.. بتنتكس حركات التحرير، ولكن الشعوب الحية لا يمكن أن تموت، وشعوبنا شعوب حية، الشعب العربى شعب حى لا يمكن أن يموت بأى حال من الأحوال.
أيها الإخوة المواطنون:
فى سنة ٥٦ واجهنا العدوان الإنجليزى - الفرنسى - الإسرائيلى، واستطاعت قوات العدوان أن تحتل بورسعيد، واستمرت فى بورسعيد حتى ٢٣ ديسمبر، كان كل واحد من أبناء هذه الأمة بينادى بأن لابد أن نقاتل، وكان الشعب العربى فى كل مكان يطالب بالقتال. هل خلدوا فى بورسعيد؟ أبداً.. مشيوا.. دول عظمى كانت ضد إرادة الشعب وضد أهداف الشعب، وأنا أعتقد - أيها الإخوة - أن الرجعية لم تحقق فى سوريا أكثر مما حققه الاستعمار سنة ٥٦.
إن الرجعية فى سوريا، وأعوان الاستعمار فى سوريا، استطاعوا ان يأخذوا رأس جسر فى دمشق، ولكن كل ما حول الحركة يكشف الحركة، فرح إسرائيل اليوم يكشف الحركة.. تهليل الإذاعات الاستعمارية يكشف الحركة، أول تهنئة لهم وتهليل كان من الملك حسين ومن التلهونى، ودا طبعاً بيكشف الحركة، إعلان إيران.. إعلان الأنباء إن إيران مستعدة أن تعترف فى الحال بالحكومة. تكوين الحكومة اللى أعلنتها القيادة الرجعية الانفصالية فى دمشق بيدل على وجه الحركة وبيكشف وجه الحركة، الهجوم على القرارات الاشتراكية وعلى المكاسب اللى حققها الفلاح واللى حققها العامل، وعلى المكاسب اللى تتلخص فى القضاء على الاستغلال، الهجوم على هذا يدل على أن هذه الحركة لا يمكن بأى حال من الأحوال إلا أن تكون تعبير عن الاستعمار والرجعية، ولا يمكن أن تكون تعبيراً عن الشعب السورى، فالهجوم على القرارات الاشتراكية كشفها، تأييد الدوائر الرجعية والدوائر الاحتكارية والدوائر الاستغلالية لهذه الحركة الانفصالية الرجعية يكشفها.

__________________

ان الثورة تولد من رحم الاحزان

لو نستشهد كلنا فيه ..صخر جبالنا راح يحاربهم !

إن حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية - جمال عبد الناصر



الاختلاف في الراي لا يفسد للود قضيه
علي غير متصل   الرد مع إقتباس