عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-11-2009, 05:45 PM   #3
محى الدين
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2007
الإقامة: إبن الاسلام - مصر
المشاركات: 3,172
إفتراضي

معارك..فكرية
دخل مصطفى محمود في حياته عدة معارك، ووجهت إليه عدة اتهامات، أهمها:
• اتهام منتقديه له بأن مواقفه السياسية متضاربة، تصل إلى حد التناقض في بعض المواقف، إلا أنه لا يرى ذلك، ويؤكد أنه ليس في موضع اتهام، وأنّ اعترافه بأنه كان على غير صواب في بعض مراحل حياته هو ضرب من ضروب الشجاعة والقدرة على نقد الذات، وهذا شيء يفتقر إليه الكثيرون ممن يصابون بالجحود والغرور، مما يصل بهم إلى عدم القدرة على مواجهة أنفسهم والاعتراف بأخطائهم.
• اتهامه‏ ‏بالكفر‏ ‏‏في‏ ‏نهاية‏ ‏الستينيات‏ ‏بعد‏ ‏سلسلة‏ ‏من‏ ‏المقالات،‏ ‏و‏صدور‏ ‏كتابه‏ "الله‏ ‏والإنسان" الذي‏ ‏تمت‏ ‏مصادرته‏ ‏وتقديمه‏ ‏بعدها‏ ‏للمحاكمة‏ ‏التي‏ ‏طلبها‏ ‏الرئيس‏ ‏جمال‏ ‏عبد‏ ‏الناصر‏ ‏بنفسه، ‏‏‏بناءً‏ ‏على ‏تصريح‏ ‏الأزهر‏، ‏باعتبارها‏ ‏قضية‏ ‏كفر‏، ‏وقد‏ ‏اكتفت‏ ‏لجنة‏ ‏المحاكمة‏ ‏وقتها‏ ‏بمصادرة‏ ‏الكتاب‏ ‏دون‏ ‏حيثيات‏، ‏وإن كان الأمر انعكس في عهد الرئيس أنور السادات، فقد ‏أبلغه‏ ‏إعجابه‏ ‏بالكتاب‏، ‏وطلب‏ ‏منه‏ ‏طبعه‏ ‏مرة‏ ‏أخرى‏، ‏ولكنه‏ ‏استبدل ‏به كتاب‏ ‏"حوار‏ ‏مع‏ ‏صديقي‏ ‏الملحد"‏، لتتوطد‏ ‏بعدها‏ ‏علاقته‏ ‏بالرئيس‏ ‏السادات‏ ‏وتدوم‏ ‏حتى‏ ‏وفاة الرئيس‏، ‏وعندما‏ ‏طلبه‏ ‏السادات‏ ‏ليكلفه‏ ‏بمهام‏ ‏وزارة‏ ‏من‏ ‏الوزارات‏ ‏اعتذر‏ ‏قائلاً:‏ "أنا‏ ‏فشلت‏ ‏في‏ ‏إدارة‏ ‏أصغر‏ ‏مؤسسة‏ ‏وهي‏ ‏زواجي‏، ‏فقد‏ ‏كنت‏ ‏مطلقًا‏ ‏لمرتين‏، فأنا‏ ‏أرفض‏ ‏السلطة‏ ‏بكل‏ ‏أشكالها".
• اشتهر بهجومه المتواصل على الصهيونية، ورأيه بأن اليهود وراء هذه الشبكة الأخطبوطية للفساد والإفساد في العالم كله، مما تسبب في لزوم حارس‏ ‏بباب منزله ‏منذ‏ ‏سنوات‏،‏ ‏بتكليف‏ ‏من‏ ‏وزارة‏ ‏الداخلية،‏ ‏لحراسته بعد‏ ‏التهديدات‏ ‏التي‏ ‏تلقاها‏، أو لعزله عن الحياة العامة كما رأى البعض!.
• نشر في مقالاته أفكارًا كثيرة كانت مثار جدل بين المثقفين، كدعوته إلى علم النفس القرآني، ويقصد به محاولة فهم النفس فهمًا جديدًا مؤسسًا على القرآن والسنة، وهي بمثابة محاولة للخروج بعلم نفس إسلامي جديد، ومثل تنبُئه بسقوط الحضارة الغربية وانهيار الرأسمالية وتوابعها دون أن يطلق المسلمون رصاصة واحدة، بسبب الترف والتخمة وعبادة الشهوات والغرق في الملذات، كحضارات كثيرة ذكرها لنا التاريخ.
• وتأتي الأزمة الشهيرة المعروفة باسم "أزمة كتاب الشفاعة" والتي وقعت عام 2000م لتثير الكثير من الجدل حوله وحول أفكاره، وتتلخص فكرة الكتاب في أن الشفاعة التي سوف يشفع بها رسول الله عليه الصلاة والسلام لأمته، لا يمكن أن تكون على الصورة التي نعتقدها نحن المسلمون، ويروِّج لها علماء وفقهاء الشريعة والحديث!! إذْ الشفاعة بهذه الصورة تمثل دعوة صريحة للتواكل الممقوت شرعًا، وتدفع المسلمين إلى الركون إلى وهم حصانة الشفاعة، التي ستتحقق لنا لمجرد الانتساب إلى رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
وعليه ظهر مصطفى محمود وكأنه منكر لوجود الشفاعة من أساسها!! وانفجرت الثورة في وجهه من جميع الاتجاهات، وكثرت الردود على كتابه، حتى تجاوزت (14) كتابًا أهمها كتاب الدكتور محمد فؤاد شاكر، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة عين شمس، وقد رد على إنكار الشفاعة ردًا مفحمًا وقاسيًا للغاية.
وحاول مصطفى محمود الصمود والانتصار لفكره، خاصة أنه لم يكن يقصد إساءة للدين الذي قضى جل عمره حاملاً راية الدفاع عنه، ودافع عن تصرفه بحرية الفكر والرد والاعتراف بالخطأ، إلا أن هذه الأزمة مع كبر سنه وضعف صحته أدت إلى اعتزاله الحياة الاجتماعية، فامتنع عن الكتابة إلا من مقالات بسيطة في مجلة الشباب، وجريدة الأخبار.
ثم أصيب عام 2003 بجلطة في المخ أثرت على الحركة والكلام، ولكن مع العلاج تحسنت حالته الصحية، واستعاد القدرة على الحركة والنطق مرة أخرى، واستمر في عزلته مع رفيقه الوحيد: الكتاب.
وفي أحد حواراته اعتبر ‏حياته‏ ‏هجرة‏ ‏مستمرة‏ ‏نحو‏ ‏إدراك‏ ‏الحياة‏ ‏والبحث‏ ‏عن‏ ‏الحقيقة‏، ‏وكل‏ ‏كتاب‏ ‏قام‏ ‏بتأليفه‏ ‏هو‏ ‏محطة‏ ‏على‏ ‏طريق‏ ‏هذا‏ ‏السفر‏ ‏الطويل‏، ‏وعلى الرغم من‏ ‏ذلك‏ ‏فهو‏ ‏-‏‏على‏ ‏حد‏ ‏تعبيره‏‏-‏ ‏مازال‏ ‏في‏ ‏بداية‏ ‏الطريق‏، ‏وكل‏ ‏ما‏ ‏كتبه‏ ‏يعد في‏ ‏نظره‏ ‏بعيدا‏ ‏جدًا‏ ‏عن‏ ‏أحلامه‏، ‏وبالتالي‏ ‏ابتعاده‏ ‏عن‏ ‏الحياة‏ ‏الاجتماعية‏ ‏لا‏ ‏يعني‏ ‏أنه‏ ‏أنجز‏ ‏المهمة‏، ‏ولكنه‏ ‏يعترف‏ ‏بالضعف‏ ‏البشري.
كان مصطفى محمود ‏يحتفظ‏ ‏لنفسه‏ ‏بجدول‏ ‏صارم‏ ‏في‏ ‏حياته‏، قائم على الزهد في الحياة والتأمل فيها، ‏وهو‏ ‏دائمًا‏ ‏يقرأ‏ ‏كل‏ ‏شيء‏ ‏سواء‏ ‏أكان تفسيرا‏ ‏أم‏ ‏نقدا‏ ‏ولا‏ ‏يلفت‏ ‏نظره‏ ‏اسم‏ الكاتب‏ ‏فالمهم‏ ‏عنده‏ ‏موضوع‏ ‏الكتاب‏، ‏حياته‏ ‏كلها‏ ‏كانت‏ ‏قراءة‏ ‏لدرجة‏ أن ابنته "أمل" تقول إنهم كانوا يظنون أنه‏ ‏غير ‏موجود‏ ‏في‏ ‏المنزل‏ ‏بسبب‏ ‏اعتكافه‏ ‏على‏ ‏الكتب ‏بالساعات‏،‏ وازداد حبه للقراءة ‏بعدما‏ ‏اعتزل‏ ‏التأليف‏ ‏بكل‏ ‏أنواعه‏‏، ‏وكان لا يشاهد ‏التليفزيون‏ ‏إلا‏ ‏لمتابعة‏ ‏الأخبار،‏ ‏وأصبحت‏ ‏عبارة‏ "شيء‏ ‏مؤسف" ‏تعليقه‏ ‏الوحيد‏ ‏على‏ ‏معظم‏‏ ما‏ ‏يراه‏، وكان ميّالا إلى العزلة ويعترف بأنه ‏فقد‏ ‏ملكة‏ ‏الابتكار.‏
__________________
كـُـن دائــما رجـُــلا.. إن
أَتـــوا بــَعــدهُ يقـــــــولون :مَـــــرّ ...
وهــــذا هــــوَ الأثـَــــــــــر


" اذا لم يسمع صوت الدين فى معركة الحرية فمتى يسمع ؟؟!!! و اذا لم ينطلق سهمه الى صدور الطغاة فلمن اعده اذن ؟!!

من مواضيعي :
محى الدين غير متصل   الرد مع إقتباس