السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنها مشكلة جديرة بالاهتمام وجدارتها آتية من أنها ستولد مشاكل أخرى، وقد أصبح معلوما سواء مما جاء في المشاركة الأساسية الأولى، أو من التعليقات أو مما هو معروف أصلاً.
لكن، هل تشخيص المشكلة ووضع الحلول النظرية سيحل تلك المشكلة؟ وهل تنفرد بلداننا العربية أو الإسلامية بهذا النوع من المشاكل؟ وهل هناك نموذجاً تاريخياً أو جغرافياً يمكن الاحتذاء به لحل هذا النوع من المشاكل؟ وهل تكفي المناشدة والتهويل من الخطر في حل تلك المشكلة؟
المسببات الجديدة التي أوجدت تلك المشكلة بشكلها الحديث:
1ـ أسباب تتعلق بتغير القيم والأعراف:
قسم العرب منذ قبل الإسلام النساء الى (حرائر وإماء) وقد ورد في شرائع حمورابي في المادة 226 أنه (من ضرب امرأة وأسقط ما في جوفها، فعليه أن يدفع عشرة شواقل من الفضة إذا كانت حرة، وخمسة شواقل إذا كانت أَمَة).. وقد كانت العرب في الجاهلية توأد البنات من الضيق حتى لا تجبر الظروف أهلهن على دفعهن للبغاء. كما كانت الظروف الصعبة تدفع الأسر كاملة لانتحار جماعي (الاعتفاد) لكي لا يلجئوا للتسول أو العيش بوضع ذليل. وقد نهى الإسلام عن تلك الحلول ووضع مجموعة من الضوابط، وجعل من كرامة الأسرة شرطا ثابتا (إياكم وخضراء الدِمن: أي النبتة التي تنبت منبت السوء).
في الوقت الحاضر، لم يعد انتقاء العرائس يلتزم بتلك النظرات المشددة من ناحية (القيم والأعراف)، فمن الممكن أن نجد طالبا أتى من روسيا ومعه زوجة روسية أو حتى الاقتران بخادمة من (تايلاند) أو غيرها. فقد اختلت القيم والأعراف في هذا الشأن لتضيف سبباً هاما من أسباب توليد مثل تلك المشاكل.
2ـ تأخير سن الزواج بحكم الوضع الاقتصادي والتعليمي
تأخر سن الزواج حوالي 11 سنة عما كان عليه قبل 40 عاما، بالنسبة للجنسين: الذكور والإناث. ففي الوقت الذي كان الناس يحتاجون فيه الى الأيدي العاملة من ذكور وإناث ليعوضوا ما تقتلهم الأمراض والأوبئة فيقولون: (زوِج الحراث ينجب حراثاً، وزوج الراعي ينجب راعياً). فكان الناس يزيفون عمر الفتاة بشهود وهي بعمر 13 سنة ليكملوا عقد القران.
أما اليوم فإن المرحلة الدراسية (حتى الجامعية) تترك الفتيات حتى يصبحن بعمر 23 سنة أو أكثر، وهن اليوم قد أدخلهن المجتمع بنمط جديد يترتب عليه التكافؤ بالمستوى التعليمي ومن ثم إيجاد فرصة عمل الخ، وهو ما يخلق فرص في إعاقة إتمام الزواج.
3ـ تغيير أنماط الحياة الاجتماعية
كان من الشروط الميسرة لمن يريد الزواج، هو البلوغ عند الطرفين وتهيئة غرفة واحدة وقبول الطرفين للزواج. أما اليوم فاشتراط الحصول على سكن منفصل وعمل يؤمن القدرة على الصرف لبيت الزوجية خلق ظرفاً إضافيا لتصعيب عملية الزواج.
4ـ وسائل الإعلام وتغيير التراتب الاجتماعي بين المجتمع
فتحت وسائل الإعلام والتحرر الكاذب أعين الشباب والفتيات على أحلام يصعب تحقيقها للجميع، ففي الوقت الذي لم تكن النساء يلبسن فيه إلا نوعا واحدا من الملابس وتعيش فيه كل طبقات المجتمع في حالة متقاربة، كان الزواج يتم بطريقة أيسر وأسرع. أما اليوم فإن الصورة التي يرسمها الشاب أو الفتاة عن شريك حياتهما قد أصبح مضللا، وعندما تسأل أحدهما: عن سبب تأخره في الزواج يجيب: لم أجد شريك حياتي المناسب!
لو عدنا للنقطة الأولى التي اقترحها أخونا (المسك) لتكون نقطة للنقاش فنقول: إن حلها لا يكون بعيدا عن ما حدث من تغيير في نظرة المجتمع.
فلماذا ينذر أحدهم حياته ليسهم في حل تلك المشكلة؟ وهل يمكن إن يكون هذا هو الحل؟ ولو عملها أحدهم لانقلبت حياة الزوجين الى جحيم، عندما لا يفتأ ويذكر زوجته أنه مَنَ عليها بزواجه منها.
إن الزيادة المستمرة في عدد السكان وتطور الصحة العامة، قد أوجدت أعدادا من السكان، لم تحسب الدول ولا المجتمعات حسابها في ظهور مثل تلك المشكلات، ولا يستطيع فردٌ أو فئة أن تزعم أن لديها وصفة جاهزة لحل مثل تلك المشكلة والتي لا أعتبرها مشكلة بل أحد أعراض المشاكل التي تعاني الأمة منها وأساسها التخلف والفساد وعدم تناقل السلطة بين المجتمع بشكل عادل، مما أخر ظهور منظمات المجتمع المدني التي تتصدى لوضع حلول تفصيلية لكل مشكلة.
أعتذر عن الإطالة
وشكرا لكم أخي المسك لاستفزاز الآخرين على التفكير بمثل تلك المشاكل الحيوية
__________________
ابن حوران
|