تعطيل مسيرة العلم 
ونبه الدكتور الحملاوي الي انه من منظور التنمية يمكن ملاحظة أن استخدام اللغة الاجنبية في تدريس العلوم لم يضف لامتنا اية اضافة تنموية على مدار اكثر من قرن ظلت فيه اللغة الاجنبية هي لغة التعليم الجامعي كما لا توجد امة من الأمم ذات الصدارة العلمية (طبقا للمعايير الدولية) تستخدم لغة غير لغتها القومية في تعليم ابنائها كما لا يمكن لامة ان تضيف للمعرفة ومسيرة الحضارة العالمية بدون ان تكون لها قاعدة علمية داخلية متماسكة وهذه القاعدة لا يمكن ان تكون الا بلغتها التي ينصهر فيها كل المجتمع.
وأشار إلي العديد من الامثلة التي تؤكد هذه الحقيقة ومن أكثرها دلالة حالة الدول ذات الملايين التي تعد على اصابع اليد الواحدة والتي لها حظ من التنمية يفوق بكثير وضعنا التنموي والتي تدرس وتنتج العلم بلغتها و تعلم بها أبنائها وتصب فيها مختلف مناشط المجتمع فاللغة القومية هي أحد البوابات الاساسية التي يجب ان نمر بها حتى يكون لنا حظ من التنمية.
بدراسة حالة بعض دول المنطقة العربية وما جاورها يمكن ملاحظة ما للتدريس باللغة الاجنبية من مردود سلبي على نتائج عملية التنمية وعملية التعليم التي هي مكون أصيل من مكونات التنمية في الاقطار التي لا تعتمد اللغة القومية كلغة وحيدة للتعليم والتعلم كما يمكننا ملاحظة نفس الامر من دراسة مؤشرات التنمية البشرية ومؤشرات السبق التقني الدولية الامر الذي يشير الى ارتباط مؤشرات التنمية بالتعليم والتعلم باللغة القومية.
ففي دراسة حول نتائج التعليم باللغة العربية والتعليم بلغة أجنبية في بعض المدارس المصرية اتضح تفوق طلبة المدارس العربية على اقرانهم طلبة المدارس التجريبية ومدارس اللغات في الدراسة قبل الجامعية وفي الدراسة الجامعية حال تحييد بقية عناصر المقارنة عدا عنصر اللغة موضع الدراسة.
كما تشير بعض الدراسات إلى ان التحسن في التحصيل العلمي في تخصصات تطبيقية كالطب والهندسة يزيد في حالة الدراسة بالعربية عن حالة الدراسة بالإنجليزية بنسبة 66%كما تشير دراسات حديثة أجريت على أوراق الإجابة التي كتبت بالإنجليزية لطلبة إحدى الجامعات العربية أن 10% فقط من الطلاب استطاعوا التعبير عن انفسهم بشكل صحيح.
وحول تجربة مركز تعريب العلوم الصحية في الترجمة العلمية وتعريب العلوم ( المعوقات والحلول)اوضح الدكتور يعقوب الشراح مدير مركز تعريب العلوم الصحية بالكويت ان القضية الأساسية في تعريب العلوم الصحية هي التأكيد علي ان اللغة الوطنية ينبغي ان تكون هي لغة العلم والثقافة وان المتعلم باللغة الام هو الاكثر استيعابا وابداعا ممن يتعلمون العلوم باللغات الاجنبية .
ونبه الي ان جميع دساتير الدول العربية تنص على ان اللغة العربية هي اللغة الرسمية وان لغة التعليم في جميع مراحل التعليم هي العربية وان التدريس بغيرها يحتاج الى استثناء والتاكيد علي العلاقة الوطيدة بين اللغة الوطنية وهوية الامة، كما ان منظمة اليونسكو ومنظمة الصحة العالمية تشدد على ضرورة استخدام اللغة الوطنية في التعليم .
وكشف النقاب عن ان مستوى اللغة الاجنبية في التعليم العام مترد ولا يمكن ان يستوعب علما كالطب بسهولة وبالتالي يؤدي الى انخفاض مستوى الطالب العلمي وان التعليم في أكثر كليات الطب لا يجري بلغة عربية ولا بلغة اجنبية سليمة انما بلغة ثالثة مهجنة مما يساهم في خفض المستوى العلمي للطلاب،مشيرا الي ان العراقيل التي توضع في وجه التعريب هي في الواقع نتاج الوضع الراهن الاجتماعي والسياسي والتعليمي.
واشار الي المصطلح العلمي لايشكل اي مشكلة في التوجه نحو التعريب فهو ليس كل المادة الفكرية ولا يمثل أكثر من 3%، ولكن المشكلة في نقص الكتاب الطبي العربي وخصوصا الاصدارات التعليمية الطبية، الي جانب النقص في الابحاث الطبية العربية.
وقال ان مركز تعريب العلوم الصحية أنشيء عام 1980م ليكون دوره تعريب التعليم الطبي والصحي في الجامعات العربية ،و توفير الوسائل التعليمية لتعليم الطب في الوطن العربي، دعم وتشجيع حركة التأليف والترجمة إلى اللغة العربية في مجالات العلوم الصحية ، وإصدار الدوريات والمطبوعات والادوات الاساسية لبنية المعلومات الطبية العربية في الوطن العربي، تجميع الانتاج الفكري الطبي العربي وحصره وتنظيمه وإنشاء قاعدة معلومات لهذا الانتاج ، إصدار الكتب الدراسية الطبية باللغة العربية وسلسلة الثقافة الصحية ، إصدار المعاجم الطبية التخصصية ، إصدار مجلية "تعريب الطب" ، إصدار الأطلس الطبي العربي .
واشار الي ان اهم معوقات التعريب تتمثل في انتشار التعليم باللغة الأجنبية في مختلف الجامعات والمعاهد والمؤسسات ، التعليم باللغة الأجنبية في المدارس التلكؤ في إصدار القرارات الملزمة لاعتماد التعريب منهجا في التعليم الجامعي ، كون معظم أعضاء هيئة التدريس في الجامعات العربية يأخذون المسار الاسهل وهو التعليم باللغة الاجنبية التي نالوا بها درجاتهم العلمية .
ومن العوائق – يضيف - تشتت الجهود وعدم التنسيق بين العاملين في مجال التعريب غياب منهج موحد متفق عليه ، ضعف مستوي الاجيال الحالية في اللغة العربية بسبب أخطاء طرق ووسائل تدريسها، الي جانب ان تعريب التعليم عملية مكلفة اقتصاديا ويحتاج الى مساهمات الدول في ذلك ، والنظرة الفوقية المستمدة من مكان اللغة الأجنبية على اساس انها لغة تقدم وقوة ، ضعف التنسيق بين الجهات المعنية بالتعريب ، عدم اهتمام الحكومات بالتعليم باللغة الأم ، عدم إصدار قرار سياسي يجعل اللغة الأم لغة التعليم ، وضعف مستوي الاساتذة في كليات الطب في اللغة العربية ، وقلة توافر الوسائل والكتب والادوات المطلوبة للتعليم الطبي باللغة الأم.
وبالنسبة للحلول المقترحة اوضح انه من الضروري اتخاذ القرار السياسي بشأن التعريب ، ووضع خطة متكاملة للتعريب في كل دولة عربية ،وتوفيرالدعم المادي اللازم لتنفيذ الخطط المرصودة للتعريب ، والتركيز على برامج ومناهج التعيلم في المدارس والجامعات وتدريسها باللغة الأم ، التنسيق بين الجهات العاملة في التعريب ومساندتها ماديا وفنيا ، نشر الوعي التعريبي على كافة المستويات في كل دولة ، الاستفادة من أجهزة الإعلام في إيضاح أهمية التعليم باللغة الأم.
 
يتبع