21-09-2009, 08:23 PM
|
#4
|
عضو فعّال
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
|
سادساً :
هذه العملية مصداق قول الله تعالى : { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً } , وعند البيهقي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها " , وهذا يرسخ ما نعتقده واقعاً عملياً وهو أن للموت زماناً ومكاناً قدرهما الله وليس لذلك أن يتقدم ولا أن يتأخر طرفة عين , وكما قيل : ومن كانت منيته بأرض فليس يموت في أرض سواها , فلا يزيد في العمر الحذر ولا يقصره الإقدام , وكم قد رأينا ورأى غيرنا من مات مع اجتهاده في أسباب النجاة ومن نجا مع تفريطه فيها , و من لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحدُ , وليس ذلك دعوة إلى إهمال الأسباب فإن الذي علمنا الإيمان بالقدر صلى الله عليه وسلم هو الذي كان يجتهد في أخذ الأسباب مع اهتمامه بالتوكل على الله .
ولكني أتخذها فرصة لأقول لمحمد بن نايف : لقد أراد الله لك عبرة إن كان في قلبك حياة , ها قد رأيت الموت بين عينيك ثم أنجاك الله ليجعل لك فرصة للتوبة والرجوع , أليس جديراً بك أن تحسن العمل وتقلع عن ما أنت فيه من الظلم و حرب الإسلام ؟ إن الجدير بمن هو في مثل سنك ورأى ما رأيت أن يتوب من حلق لحيته وإسبال ثوبه فكيف بما هو أعظم من ذلك من موالاة أعداء الله وحرب المجاهدين ؟ وأما إذا أبيت إلا التمادي فيما أنت فيه من الطغيان فلا يغرنك حلم الله عليك وتذكر قول الله سبحانه : { وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم عندما قال كما في الصحيح : " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته , ثم تلا : { وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } . واعلم أنك مهما علوت فإن الله أعلى منك , ومهما تكبرت فإن الله أكبر , ومهما قدرت فإن الله على كل شيء قدير , إن سجونك قد امتلأت بالآلاف من الصالحين أفلا يكون بين هؤلاء ولو رجل واحد إذا أقسم على الله أبره ؟ وإن الأكف لترتفع كل ليلة بالدعاء عليك , ألا تخشى أن يكون منها دعوة واحدة يرفعها الله فوق الغمام ويقول لها : وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين . أما لك في هذا عظة ؟ لقد كان آخر كلمة تكلم بها أبو الخير رحمه الله عندما كان بجوارك أن قال : أحسنوا الظن بالله إحسان الظن بالله مفتاح كل خير في الدنيا والآخرة , فجدير بك أن تحسن الظن بالله , و من إحسان الظن إحسان العمل , ولا تغرنك ألسنة المنافقين الذين يرضونك , يعطونك دينهم لينالوا من دنياك , هذه نصيحة نرسلها لك كما قال الصالحون من بني إسرائيل : { مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } , فإن اهتديت فوالله الذي لا إله غيره لهدايتك أحب إلي من قتلك على هذه الحال , وإن أبيت فأسألُ الله الذي هو على كل شيء قدير أن ينتقم منك وأن يشفي صدور من ظلمتهم من عباده المؤمنين وأن يرينا فيك سنته في الجبابرة والظلمة , وأن يريك سوء صنيعك في الدنيا والآخرة , وأن يجمع لك خزي الدارين وأن يجعل خزيك على يد المجاهدين .
وأسأل الله أن يتغمد بواسع رحماته الأخ عبد الله عسيري وأن يجعله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين , وأن يدخله الجنة بلا حساب ولا عذاب ويسكنه الفردوس الأعلى منها .
اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين , اللهم أنزل عليهم سكينة من عندك تشرح بها صدورهم ورحمة تحفظهم بها من ظلم الظالمين وعدوان المعتدين , اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان وأمدهم بمدد من عندك , ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين وصلِّ اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
__________________
|
|
|