عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 21-09-2009, 08:21 PM   #3
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

ثالثاً :

تكلم كثير ممن تكلم واصفين العملية بالغدر , ولو عقل أولئك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم لعلموا أن هذه العملية ليست من الغدر في شيء , يُظهر ذلك تتبع تفاصيل العملية .


لقد ذكر الشيخ ابن جبرين رحمه الله في شرح عمدة الأحكام أن للإنسان أن يخدع عدوه بإظهار التسليم , وهو عين ما فعله الأخ عبد الله عسيري رحمه الله , حيث أظهر التسليم فأوصلوه إلى كبيرهم ولما تمكّن منه نفذ العملية ولم يعطهم عهداً ولا أماناً , وإنما خدعهم بطلب المقابلة وظنوا ذلك تسليماً , والحرب خدعة , وهذا تسجيل العملية نشره آل سعود ليكون شاهداً عليهم , ومن اعتبر ذلك غدراً فما عرف الفرق بين الغدر والخدعة , إن الخدعة هي إيهام العدو والتلبيس عليه , أما الغدر فهو ما كان بعد عهد وميثاق , فهل يعقل ذلك من تكلم وحكم بناء على تقرير وزارة الداخلية ؟ ولو كان صادقاً في إدانة الغدر لأدان غدر محمد بن نايف بعلي الفقعسي وغيره من ضحايا الغدر , فهل محمد بن نايف غُفر له ذنبه أم رُفع عنه القلم ؟!

لقد انتدب محمد بن مسلمة لقتل كعب بن الأشرف , ولما قابله فوضه على أن يسلفه ثم وعده أن يأتيه في نفر من أصحابه , ولما أتوه تماشوا وإياه قليلاً ثم استأذنه محمد أن يشم رأسه حيث تفوح ريح العطر , فأذن له فشم , ثم استأذنه أن يشم أخرى فإذن له , فلما استمكن منه قال دونكم عدو الله فقتلوه , فهل كان ذلك غدراً أم أنه من نفس الخدعة التي خُدع بها محمد بن نايف ؟ وانتدب عبد الله بن أنيس رضي الله عنه لقتل خالد الهذلي فقتله بعدما أظهر له أنه جاء ليقاتل معه , فهل كان ذلك غدراً أم هي الحرب والمكيدة ؟ مع أن في القصة ضعفاً لكن يستأنس بها , ولقد قام عبد الله بن عتيق بقتل ابن أبي الحقيق وهو في بيته بين أهله بعدما فعل ما أوهم بواب الحصن أنه من أهل الحصن , فهل يقال أن ذلك غدر ؟ لقد حرض رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل اليمن على قتل الأسود العنسي فقتله فيروز الديلمي بعد ما أظهر متابعته , فقال رسول الله صلى الله عليمه وسلم : " قتله رجل مبارك من أهل بيت مباركين " , وقال الطبري في ذلك : إن فيروز ومن معه احتالوا على الأسود وأظهروا متابعته حتى تمكنوا من قتله غيلة وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على فيروز .

رابعاً :

لقد أظهرت العملية إفلاس كثير ممن يُحسبون على العلم الشرعي وكشفت عمالتهم للسلاطين , فتكلموا بما يرضي سلاطينهم , ولم يكن في كلامهم ريح الإنصاف , وزاد سوؤهم عندما ضللوا الناس ولبسوا الحق بالباطل , ظهروا في القنوات يحمدون الله على سلامة من يشهد القاصى والداني أن أقل أحواله الفسق والظلم , وأنه لو مات لاستراح منه البلاد والعباد والشجر والدواب , وتمادى بعضهم حتى وصفوه بالمجاهد ! وهو من هو في حرب الجهاد وأذية المجاهدين , وليس في ذلك عجب فقد قال ابن المبارك رحمه الله : وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبارُ سوء ورهبانها , لو كان هؤلاء صادقين في إنكارهم لهذه العملية لقالوا كما قال الله : { قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ } فمن الذي تخفى عليه جرائم طغاة آل سعود ؟! لكنهم طلبوهم رغبة ورهبة فتكلموا فيما يرضيهم وسكتوا عما سوى ذلك .

إن علماء السوء الذين كانوا في بني إسرائيل لا بد أن يكون لهم في أمتنا خلف , إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كما في الصحيح : " لتتبعن سنن من كان قبلكم " , وإني أقول لهؤلاء : لا شك أنكم تخافون من الصدع بالحق لأن الصدع بالحق سيؤدي بكم إلى الحائر والرويس وغيرهما من سجون المباحث , ولكن إذا كنتم تدعون العجز عن الصدع بالحق فإن ذلك لا يجيز لكم الجهر بالباطل والتلبيس على الناس , فاتقوا الله في آل سعود ولا تتقوا آل سعود في الله , إن شمس آل سعود التي تستضيؤون بها أشرقت بعد مغيب وستغيب بعد شروقها فأرضوا الله على كل حال فهو الذي يدوم سلطانه ولا يزول ملكه , وكأني بكم إذا أعز الله دينه وأظهر المجاهدين أعدتم مثال سلفكم { وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ } .

إن تقرير مثل هذه المسائل لا نريد أن نسمعه في قنوات آل سعود لأنه لا بد أن يكون في صالحهم , وليس أهلاً لتقريره من يأخذ الإذن في الفتوى ونشر العلم من آل سعود لأنه لن يعارضهم , ولا يستحق أن يبين الحكم في هذه المسألة من يستلم مرتبه من آل سعود لأنه سيتكلم وعينه على الخامس والعشرين من كل شهر ! ولا بد أن يعتذر من يتكلم ويتذكر قيود المباحث ويرهب سطوتهم . وإنما نريد أن نسمع تقرير هذه المسألة وغيرها من المسائل المهمة ممن تحرر من كل هذه القيود , يتكلم في الهواء الطلق لا يخاف إلا الله , أولئك الذين يُرجى منهم التجرد من خوف السلاطين , أما غيرهم فيحتاج إلى أن يقال له : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت " , وإن الأمة في غنى عن سماع صوتك إذا كنت لا تجرؤ على الصدع بالحق.

خامساً :

إن في هذه العملية لمعتبراً لمن كان ذا قلب , وهي بمثابة دعوة لجنود آل سعود , أيها الجنود المرتزقة أما آن لكم أن تتركوا إفساد دينكم من أجل صلاح دنياكم ؟ إلى متى تكونون حماة لأولئك الطواغيت الذين يتخذونكم أداة يضربون بها عباد الله ؟
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله لجلسائه : "أخبروني بأحمق الناس" . قالوا : "رجل باع آخرته بدنياه" , قال : "ألا أنبئكم بأحمق منه ؟" قالوا : "بلى" , قال : "رجل باع آخرته بدنيا غيره" .
كيف ترضون لأنفسكم أن تكونوا جنوداً لمن يحاربون الله ورسوله وعباده الصالحين حرصاً على رواتبكم ؟ كيف تفسدون دينكم لأجل أرزاق ضمنها الله لكم ؟ فوالله لأن تعملوا بكنس الشوارع خير من أن تغتنوا من حرب المجاهدين ولا تغتروا بفتاوى المضللين من علماء السوء الذين يقولون لكم إنكم في جهاد , فلو كانوا صادقين لجاهدوا معكم ! واعلموا أن لله يوماً سيُظهر فيه المجاهدين ويمكّن لهم في الأرض , فما أنتم فاعلون في ذلك اليوم ؟ إن المجاهدين بفضل الله وصلوا إلى كبيركم الذي تقدمون أمره على أمر الله , وهم على الوصول إليكم أقدر بإذن الله , فهل أنتم متعظون ؟
لقد حان الوقت لكي تتركوا هذه الوظائف المقيتة إن كان لكم في أنفسكم حاجة , وإن كنتم باقين فيها ولا بد فكفوا عن المجاهدين عدوانكم , فإن سنة المجاهدين ألا يتعرضوا إلا لمن وقف في طريقهم , ولكم عبرة في مصير الصواط والعثمان وأخيراً محمد بن نايف.
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس