ننتظرك اخي الكريم
وبكل شوق
خواطر رمضانية : الصوم الصحيح
كثير من عامة الناس يحافظون على العبادات في أيام رمضان.. و كأنهم يستنكرون أن يتركوا العبادتين.. الصوم و الصلاة.. أو يفعلوا عبادة دون عبادة.
فتراهم يستنكرون أن يتركوا الصوم و الصلاة.. و يستنكرون أن يؤدوا الصوم دون الصلاة.. أو يفعلوا شيئاً من المحرمات.
تجدهم في رمضان يتوبون و لكن توبة مؤقتة.. فهم في أنفسهم عازمون على العودة إلى المعاصي. ففي رمضان يحافظون على الصلاة.. و يتوبون عن الخمر أو عن الدخان مثلاً.. أو عن الاستماع إلى الأغاني و الملهيات و نحو ذلك، أو عن بعض الشعارات الباطلة أو عن الصور الخليعة، أو ما أشبه ذلك، و لكن يحدثون أنفسهم أنهم بعد شهر رمضان سيعودون إلى ما كانوا عليه و لهذا يتمنون انقضاء هذه الأيام و إذا أقبل رمضان حثوا أنفسهم.. و تناولوا ما قدروا عليه من الخمر و من غيرها حتى قال بعضهم:
دعاني شهر الصوم لا كان من شهر و لا صمت شهراً بعده آخر الدهر
و العياذ بالله… فهؤلاء ربما يفرقون بين رمضان و ما بعد رمضان.. فيستكثرون من تناول الحرام و فعله قبل أن يأتي شهر رمضان.. لأنهم سيتركونه مدة هذا الشهر فقط.. ثم يعودون إليه..حتى قال بعضهم:
إذا العشرون من شعبان ولّت فبادر بالشراب إلى النـــهارِ
و لا تشرب بأقداحٍ صغـارٍ فإن الوقتَ ضاق على الصغارِ
فمثل هؤلاء لم يتأثروا بصومهم.. فالإنسان يستعيذ بالله أن يكون من هؤلاء الذين ما نفعهم صومهم و لا زجرهم عن المحرمات.. و إذا فعلوا شيئاً من العبادات فعلوها بنية الترك و إذا تركوا شيئاً من المعاصي تركوها بنية الفعل بعد أن ينفصل الشهر، كما قال شاعرهم و أميرهم:
رمضان ولّى هاتها يا ساقي مشتاقة تسعى إلى مشتاقِ
فهو ينادي ساقي الخمر بأن يأتي إليه بالشراب مسرعاً.. لأن رمضان قد انقضى و ولَّى و كأن الخمر حرام في رمضان حلال في غيره.
فالصوم الصحيح هو الذي يحفظ فيه الصائم صيامه.. فيحفظ البطن و ما حوى.. و الرأس و ما وعى.. و يذكر الموت و البلى.. و يستعد للآخرة بترك زينة الحياة الدنيا.. و يترك الشهوات التي أساسها شهوة البطن و الفرج.. و يذكر بعد ذلك ما نهاه الله عنه من الشهوات المحرمة في كل وقت. و يذكر أيضاً أن الصوم هو في ترك هذه الشهوات.. فما شرع الله الصوم إلا لتقويم النفوس و تأديبها.
الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين 