الموضوع: بعض من هذياني
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 15-08-2009, 08:25 AM   #13
ريّا
عضوة شرف
 
الصورة الرمزية لـ ريّا
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2008
الإقامة: amman
المشاركات: 4,238
إفتراضي

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة ريّا مشاهدة مشاركة
- ماكنت يومآ ضعيفة إلا حينما أدركت أنك لم تعد هنا

-أخترت السماء بيتآ لك ......وتركتني هنا قدماي في الارض وعيناي هناك بين النجوم ترقب أبتسامتك كل ليلة


- سأنام الليلة عند أبواب المدينة ,,أرقب الفجر علّه يأتيني بخبر منك

- واثقة من أنك تعلم بوجودي حولك لكني لست واثقة أنك هنا

- سأجعل راحة يدي سلّمتك مابعد الأخيرة خوفآ عليك من أن تتعثر

- سأنثر زهور الأقحوان هذا المساء وأوقد الشموع وبعض من بخور علك تهمس لي أنا هنا

- لا لن ألومك بعد اليوم لأختيارك الرحيل بل سأتخلى عن أنانيتي وأتركك ترقد بسلام






ريا
22-6-2009

سأضع بين أيديكم نقد السيد الفاضل المشرقي ,,,,,,تحية له وشكرا لكل جهد يبذله من أجلنا




--------------------------------------------------------------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم

.. وكما تعلمين أختنا العزيزة أن لا مجاملة في مشاركات الأعضاء ، وعلى بركة الله فلنبدأ ..
هي مجموعة من الخواطر يجمعها رباط واحد


- ماكنت يومآ ضعيفة إلا حينما أدركت أنك لم تعد هنا

مقطع يتسم بالتكثيف ويعتمد بدرجة كبيرة -رغم بساطته- على فكرة مؤداها أن الآخر هو مصدر قوتها ، وأن الفرد قد لا يشعر بضعفه عندما تستغرقه تجربة ما . حقيقة كان هذا التعبير قويًا مؤثرًا معبرًا عن هذه الحالة من الألم لاسيما وأنها تبدأ من الأنثى

-أخترت السماء بيتآ لك ......وتركتني هنا قدماي في الارض وعيناي هناك بين النجوم ترقب أبتسامتك كل ليلة

حقيقة هذا عنصر فيه اختزال لجوانب متعددة ، فمن حيث المكان نجد أن عملية حصر السماء في كونها بيتًا للمحبوب تجسد كم هي ضيقة هذه الدنيا وصغيرة ، ويلعب عنصر الصورة دورًا في إظهار جوانب البراعة في التعبير الماثل بين يدي .. فهذا التعبير على بساطته إلا أنه يوحي بحالة من الحالمية هذه الحالمية لا تكتمل لأن ما بعدها أو موقف كتابتها المحيط به مؤلم . والانتقال بشكل غير مباشر من أحلام اليقظة إلى الواقع أمر مؤلم تجسده هذه الكلمات بصدق وبساطة .. وإتقان لغوي . كذلك عنصر التناقض بين السماء والأرض والصورة الحقيقية والصورة الفانتازية (عيناي هناك بين النجوم ترقب ابتسامتك كل ليلة) جعلت للحدث حالة من الدفء والحضور الذهني المتماشي مع الصورة وتأثيرها في النفس.

- سأنام الليلة عند أبواب المدينة ,,أرقب الفجر علّه يأتيني بخبر منك
المدينة هذه هي النفس ، وتشخيص الفجر أي إعطاؤه سمة الإنسان يعد أمرًا مساعدًا على وصول الفكرة بشكل جيد ، والعبارة سأنام كانت مشعرة بكمّ التشرد أو القلق المكبوت والذي ابتدأ من المقطع الاول ما كنت ضعيفة .
إن من جماليات بعض الخواطر أنها قد توصل ببعضها فتكون بناء متكاملاً وإن لم تفعل ذلك فلا حرج عليها.

- واثقة من أنك تعلم بوجودي حولك لكني لست واثقة أنك هنا
هذه الحالة من التعميق للقلق كانت متميزة للغاية ، فالمحبون يكونون على استعداد لاصطناع أحاسيس معينة وأجواء معينة للآخرين ، وهنا لو أنها تخاطب فردًا راحلاً فالراحل يعلم كل ما حوله لكنه لا يستطيع الرد . حقيقة كان في المقطع قلق كبير يشعر المتلقي بصدقه .

- سأجعل راحة يدي سلّمتك مابعد الأخيرة خوفآ عليك من أن تتعثر
الله الله ! ما أرق هذه المشاعر ! أين هي منذ عهد قديم ؟
تعبير نادر للغاية وفيه توصيف للرقة والتضحية بأن تكون اليد -والتي هي شعار للعطاء- سلمًا إضافيًا .. إنه الحب حينما يكون الطريق لا يحتمل إلا المخلصين ..
إنه الحب حينما يتجاوز الحدود الأخيرة والعطاء لآخر لحظة ، وفي القطعة هذه جانبًا تشكيليًا جميلاً يعرفه العالمون بهذا الفن ولست ُ منهم .كان التأكيد على معنى العطاء قويًا للغاية فإن المحبة لا تعطي وردًا ولا نجمًا وإنما تكون يدها كلها متكئًا لموطئ قدم المحب . إن الذي تثيره هذه القطعة هو السؤال : ما هذه الحيثية التي تجعل المُحِبة تقول ذلك ؟ إن النص يكمن خلفه توترات شديدة تقوي من قيمته وتجعله ذا عمومية تتجاوز حدود العرق والدين والجنس والزمان .. والمكان.
وبقدر ما تكون الخاطرة عامة بقدر ما تكون إنسانية لأبعد الدرجات ولكل الثقافات المختلفة .




- سأنثر زهور الأقحوان هذا المساء وأوقد الشموع وبعض من بخور علك تهمس لي أنا هنا


عنصر الصورة ثانية أتى ثانية لنكون بصورة كأنها صورة من يضع الشموع أمام قبر محبّه . لكن الجميل أن كلمة موت لم تذكر في النص من شدة وقعها النفسي الأليم أو لنقل : إن المحِبة لا تريد أن تزعج المتلقي ولا المحبوب بهذا الاسم الصعب على النفس .

- لا لن ألومك بعد اليوم لأختيارك الرحيل بل سأتخلى عن أنانيتي وأتركك ترقد بسلام

نهاية عبقرية عن الموت أشارت إليها كلمة" ترقد " وكلمة لا جاءت وكأنها تستمع إلى أصداء قلبها تلوم المحبوب على الرحيل .
إن الرحيل لا يختاره أحد ولكن استخدامه في هذا السياق يأتي لإثبات المُحِبة حبها لمحبوبها وتجاوزها عن كل ما كان بينهما -ربما- من قبل وكأنها تقول إن لمتك كثيرًا من قبل فلا وقت الآن لهذا ، وتتجلى قمة التفاني في إنكار الذات حينما تفلسف المرأة حبها غيرها ورغبتها في الحياة معها لآخر قطرة على أنها أنانية رغم أنه مطلب كل البشر !
وتأتي النهاية الموت رغم مجيئها مؤلمة إلا أن طريقة تناولها أتت لتعبر عن رغبة في تقبل الموقف وإنهاء هادئ للحالة ، ليبقى التوتر مكتومًا في الداخل بناء على ما كان بينهما من حب ووصال . ويبدو المحبوب وكأنه في النهاية -من خلال كلمة ترقد بسلام- طفل يطل عليها بابتسامة وفي يده وردة تبحث عمن يلتفطها .
ربما كان ينقص العمل -ولا أمزح- نقطتين .. بعد كلمة ترقد في سلام لتشير إلى حالة تداعٍ نفسي ولفظي لا وقت لقوله كأن الزيارة للحبيب في الحلم أو حلم اليقظة انتهت .
إنه نص عبقري للغاية ، اختفى فيه توتر الحالة وكان الاتكاء على المعنى الرومانسي هو الذي أشعر بشدتها ، كذلك كانت العمومية والإنسانية سمة مميزة لها وتجردها من جميع عوامل الخصوصية الثقافية أو العرقية أو المكانية أو الجنس .
وأخيرًا كانت العبارات بسيطة لكنها أدت دورًا متكاملاً فيما بينها وهذه فنية رائعة الشاعرية بدون استخدام المجاز ، لعبًا على العنصر الفلسفي أو عنصر الاستبطان .
وفي النهاية كان التسلسل المفضي إلى الموت والحالة التي تحتمل أن تكون حالة حلم يقظة أو حلم منام عنصرًا باعثًا على إعطاء العمل قيمة وحيوية ودفئًا شديدًا للغاية .
بلا مجاملة إنه عمل من ضمن ثلاثة أعمال يتعذر عليّ نسيانها بإذن الله .
دمت موفقة وبارك الله إبداعك .
__________________
ريّا غير متصل   الرد مع إقتباس