عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 11-08-2009, 11:29 AM   #2
البدوي الشارد
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2009
الإقامة: حزيرة العرب
المشاركات: 760
إفتراضي

لقد تمخض الجبل فولد فأرا. ذلك أن ثمة إجماعاً فيالتقارير الصحافية، الأميركية والإسرائيلية، على أن الذي فاز حتى الآن هو خيارمطالبة الطرفين بتقديم ما يثبت حسن النية. للدخول في مفاوضات التسوية النهائية،وبات معلوما للجميع أن المطروح هو تجميد المستوطنات من جانب إسرائيل، مقابل الشروعفي إجراءات التطبيع من جانب العرب. وذلك طرح خبيث من ناحيتين: الأولى أن العرض لميشر بكلمة إلى جوهر القضية المتمثل في الاحتلال. والثانية أنه يثبت وضع المستوطناتالتي أقيمت، وكلها باطلة طبقا لقرار محكمة العدل الدولية، ويطالب فقط بوقف التوسعفي الاستيطان. بما يعني أنه يطالب إسرائيل بموقف سلبي يدعوها إلى الامتناع عنالتوسع، في حين يطالب العرب بخطوات إيجابية تتمثل في بدء التطبيع مع الدولةالعبرية.
الأدهى من ذلك الأمر، أننا اكتشفنا من الأخبار المنشورة في الصحافةالإسرائيلية أن الكلام كله يتحدث عن وقف «مؤقت» للاستيطان، مقابل القيام بخطواتلتطبيع دائم مع الدول العربية، قبل أي تقدم على الأرض في مسألة إنهاء الاحتلال. بلذكرت «هآرتس» في 6/8 أن المبعوث الأميركي جورج ميتشل يتحدث عن وقف الاستيطان لمدةسنة، في حين أن نتنياهو وافق على ستة أشهر فقط! فهل تكون هذه هي البداية المبشرةللتحرك الأميركي «الجبار»، الذي نطالب بالاستعداد للاحتفاء به؟
(3)
خذ كذلكمسألة المظلة الدفاعية الأميركية للشرق الأوسط. التي فاجأتنا بها السيدة هيلاريكلينتون في تصريحات لها في بانكوك يوم 11/7 وقالت إنها تستهدف تبديد مخاوف دولالمنطقة من التهديد الإيراني، وحماية مصالح الولايات المتحدة التي قد يشملهاالتهديد. وقد هونت أغلب الصحف العربية شأن المفاجأة الكبيرة التي تعيد العالمالعربي إلى عصر الحماية الأجنبية (الأميركية هذه المرة)، في تطوير مثير لحالةالوصاية المخيمة. لكن صحيفة «الشروق» كانت أكثرها اهتماما بالموضوع، الذي كانالمانشيت الرئيسي لصفحتها الأولى في يومي 3 و5 أغسطس الحالي، في ما نُشر خلال هذيناليومين وردت المعلومات التالية:
[ إن المظلة ستتخذ شكل نصف قوس كامل، يمتد منغرب إيران عند بحر قزوين إلى منطقة بحر العرب. مرورا بالبلقان والبحر الأحمر وبابالمندب وشرق أفريقيا.
[ ستتوافر للمظلة جميع الإمكانات المطلوبة عسكريا. منقواعد عسكرية دائمة إلى قواعد مستأجرة، وتسهيلات عسكرية تخدم المرور البحري، فضلاعن اتفاقيات دفاع مشترك، كتلك التي تم توقيعها بين الولايات المتحدة والعراق (وداعاً لاتفاقية الدفاع العربي المشترك).
[ الدول المرشحة لتمويل هذهالترتيبات هي السعودية والإمارات والكويت والبحرين.
[ إن المظلة الدفاعية تتكونمن مجموعة من نظم البطاريات المضادة للصواريخ «باتريوت»، ومراكز تحميل معلوماترئيسية وقواعد اتصالات مركزية. كما ستتضمن أيضا طائرات «أواكس» من النوع بعيدالمدى، وستتولى الولايات المتحدة تزويد القاهرة والرياض بهذه المنظومات الحديثة،حيث تعد الدولتان عضوين أساسيين في المظلة.
[ في سياق ترتيب الوضع المستجد،أجرت الولايات المتحدة وإسرائيل مناورات بحرية مشتركة سراً في شهر يوليو الماضي،عند آخر نقطة بحرية في المثلث الجنوبي للحدود المصرية، على بعد 120 ميلاً بحرياً.ولأجل ذلك سمحت مصر بعبور المدمرتين الإسرائيليتين من قناة السويس.
نقلت «الشروق» عن خبراء استراتيجيين قولهم إن لمصر مصلحة في إقامة تلك المظلة، بالنظرإلى حرصها على أن تكون مشاركة في أي ترتيبات لأمن الخليج. وبالنظر إلى رغبة مصرالأكيدة في موازنة النفوذ الإيراني في منطقة الخليج.
في هذه الأجواء، أبرزتالصحف المصرية الصادرة في 4/8 تصريحات الرئيس حسني مبارك التي قال فيها: إن مصر «هيالدولة الوحيدة في المنطقة التي ليس على أرضها قوة أجنبية، وترفض سياسة القواعدالأجنبية على أراضيها، بما يجنبها أي تدخلات أو فرض نفوذ أجنبي عليها». وهو كلاممهم بطبيعة الحال، يثير أسئلة عدة تتعلق بالدور الذي تقوم به مصر في ظل الوضعالمستجد. عِلماً بأن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي آفي ديختر كان قد ذكر فيمحاضرته الشهيرة والخطيرة التي ألقاها في 4/8/2009 في معهد أبحاث الأمن القومي مانصه: إن الولايات المتحدة وإسرائيل تقومان بتدعيم الركائز الأساسية التي يستندإليها النظام في مصر. ومن بين هذه الركائز نشر نظام للرقابة والرصد والإنذار قادرعلى تحليل الحيثيات التي يجري جمعها وتقييمها ووضعها تحت تصرف القيادات في واشنطنوالقدس والقاهرة. من الركائز أيضا الاحتفاظ بقوة تدخل سريع من المارينز في النقاطالحساسة بالعاصمة، ومرابطة قطع بحرية وطائرات أميركية في قواعد داخل مصر وبجوارها.في الغردقة والسويس ورأس بيناس. إلى غير ذلك من المعلومات التي كانت تستحق نفياً فيحينها، وفي غيبة النفي فإنها تبقي على الحيرة وتعمقها.
(4)
الحلقة الرابعةفي مسلسل البلبلة والحيرة محورها مياه النيل، التي هي بالنسبة لمصر ليست قضية أمنقومي بل قضية وجودية بالدرجة الأولى. ذلك أن التصريحات الرسمية تجمع على أنه لامشكلة حقيقية بين مصر والسودان من ناحية، وبين دول حوض النيل السبع. هذا ما قالهالرئيس حسني مبارك وهو ما ردده وزير الري، الذي أضاف أن الأزمة ستنتهي في شهرفبراير المقبل، بتوقيع اتفاقية دول حوض النيل في شرم الشيخ، بعد الاتفاق بين اللجانالفنية على تقريب وجهات النظر في ما يتعلق بالنقاط الخلافية، وهذه النقاط تتركز فيثلاث نقاط هي: الحفاظ على الحقوق التاريخية في مياه النيل (المتعلقة بحصة مصروالسودان) ــ والإخطار المسبق قبل إقامة أي مشروعات على النيل ــ والتصويت علىالقرارات بالإجماع لا بالأغلبية.
هذا الكلام المطمئن يتعارض مع التصريحاتالصادرة عن المسؤولين، خصوصا في إثيوبيا وأوغندا، الذين يرون ضرورة تعديل اتفاقيةتوزيع مياه نهر النيل، التي تعطي مصر حق الاعتراض على استخدامات مياه النهر. وقالتوزيرة المياه والبيئة الأوغندية ماريا موتا جامبا في تصريح نشرته صحيفة الدستور (عدد 9/8) إنها أخبرت دول المنابع الست بأنه يجب التوصل إلى اتفاقية جديدة لتوزيعالمياه خلال ستة أشهر، وأن التركيز في التعديل ينصب على المادة 19 من اتفاقية مياهالنيل التي تمكن مصر والسودان من الهيمنة على استخدامات النهر ومياهه.
في الوقتذاته، فإن الكلام الرسمي المطمئن يتعارض مع الأخبار الواردة من السودان التي تتحدثعن دور لإسرائيل في إثيوبيا لإفشال المفاوضات الجارية حول اتفاقية دول حوض النيل،والتي تحفظ لمصر حقوقها التاريخية، وتمكنها من الاحتفاظ بحصتها في المياه (55.5مليار متر مكعب سنويا). وإزاء هذه البلبلة، فإن الحقيقة ستظل تائهة، في حين سيضاففصل جديد إلى سجل الحيرة وأزمة الثقة، بحيث يظل المستقبل العربي مسكونا بالغموضالمختلط بالإحباط وخيبة الأمل.
البدوي الشارد غير متصل   الرد مع إقتباس