عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 18-07-2009, 02:26 AM   #4
سيدي حرازم يطرونس
المشرف العام
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
الإقامة: SDF
المشاركات: 1,056
إفتراضي

نعم هذا قلم جبار، قلم مميز.
ولكن التجرية، وقدرة الحياة على التطويع، كفيلة بصقل الفكر وعقلنة الموقف مثلما صقل الحرف.
سمه تطرف الشباب قبل أن تطوعهم الحياة.
أتذكر في هذا المقام الذي أخشى أن أقيم في همذانيته طويلا وأثقل، وقد ذكرني بالأيام الخوالي، منذ سنين، في غمرة متابعاتي للظلم والتقليل والتهجير في حق أمتنا، وقبل استيقاظ الأسئلة الكبرى، كنت قد كتبت رسالة إلى أحد الكتاب في جريدة الشعب، السيد محمد عباس، والذي كان حينها مصفقا ومباركا لأسامة والملا عمر ومن سار على نهجه، إلى كل مفجر لنفسه في الداخل والخارج، كنت حينها في الثانية والعشرين من عمري، والرسالة نشرت في موقع الجريدة آنذاك مثلما تلقفتها ونسختها مواقع أخرى، وكنت قلت فيها :
"
السلام عليكم

أولى الفواصل أبدأها بتحية عميقة ملؤها الصدق و المحبة، و الأخوة الإسلامية بأسمى معانيها.
تحية تترك الصمت يعبر عنها، و بين صمتي وبعدك تمتد المسافات بيننا لأدعوك لاقتراب أكثر، عبر جسر الإسلام الحنيف الذي يجمعنا.

أخي العزيز صاحب القلم الجبار

والله كلماتك يجب أن تنقش على البرونز وتعلق في كل منزل ومدرسة، كلمات يجب
أن يتعلمها بل يحفظها التلاميذ والطلبة بدل إضاعة وقتهم بدراسة جيولوجيا الطبقة الثالثة أو كمية المطر التي تهطل سنويا في البرازيل.. كلمات تحول حياتي وأنا أعيشها.. فأنا أشعر أني قريب جدا منك.
أعرفك بنفسي أولا، فأنا شاب مغربي أقفلت هذا الأسبوع سنتي الثانية والعشرين..
طالب جامعي استفاق مؤخرا فقط، كان مدمنا للمطالعة فصار مدمنا للأحزان وهو يتساءل : على أية أريكة ينام ضمير هذه الأمة ؟ كيف يستطيع وطن لكل هذا القرف صبرا ؟.. نوازل هائلة وهوائل نازلة لم تبق من المجد القديم والدين العظيم إلا أسماء سميناها : عز الدين وسيف الدين وسراج الدين، ولو كنا مخلصين حقا لهذا الواقع المهين لوجب أن نسمي ضبع الدين وثعلب الدين وذباح الدين..

أمـتي كـم صنـم مجدتـه.......لا يحـمـل طهـر الصنــم..
لا يلام الذئب في عدوانه....إن يك الراعي عدو الغنم
فاشجبي الشكوى فلولاك ما كان....في الحكم عباد الدرهم

هي ثلاث أبيات لأبي ريشة صرت أرددها كل لحظة حتى لقد صارت تفوق أحيانا عدد تسبيحاتي في ذكري وصلاتي..
والدي الحبيب.. و اسمح لي أن أناديك بوالدي فلو تعلم كم هذا يسعدني.
إن عدم التوقف أمام هامات رجالات أمتنا المجاهدين الأحرار، المقتولين غدرا سيؤدي حتما لرجال أحرار يقتلون اليوم
وإن عدم إنارة الأنفاق المظلمة سيجعلها طافحة دوما بالعقارب تختبئ في انتظار فرصتها للانقضاض على تباشير الفجر، زنابق و أشواكا في الأعين الحالمة بغد إسلامي كريم.
إن الذين لم يصفوا حسابهم مع هذا الواقع المزري فيعلنون انتماءهم للحق سيفاجئون بأشباح وعناكب غدا تنسج فخاخا وشراكا قاتلة للخطى النبيلة.
إن الذين يدفنون الحقيقة كذبا وتواطؤا يفاجئون بها غدا تشق التراب وتزهر أعشابا سامة في مواسم الزرع والحصاد.
إن الشعوب المسلمة تعلم بشعور باطني فطري، أن امتلاك المستقبل لا يتم في غياب معرفة الماضي الأصل والتشبه به، أو مسامحة الحاضر، لذلك فإن المسلم المجاهد النزيه الذي يتنفس مطامح أمته فإنه في غمرة الأحداث ينسى نفسه ويمضي نحو منعطف الحق بوحي ضميري غريزي يصور أسمى معاني التضحية والجهاد، ذروة سنام الإسلام، الفرد يهون في سبيل المجموع، في سبيل الحق، في سبيل الله..
إن الإيمان العميق بأن جذورنا ضاربة في حضارة نبيلة وتاريخ مجيد وأن ما حدث لم يكن إلا انحرافا ومسخا لا يمت بصلة لعبقرية أمتنا وتراثنا هذا هو بداية الطريق السوي، و الأمم لا تمتلك أعنة مصائرها إلا عندما تأخذ الكلمة، والكلمة هي فرقعة الصمت، ركل الإتكالية، ودحر الخوف، والخنوع ..

والدي الحبيب محمد عباس:
تفضل أحد الفضلاء يوما فقال عن كتاباتك : إنها بعيدة عن الواقعية فصرخت في وجهه : أملغوم أنت أم مزكوم أم ملجوم حتى لايكويك كبريت وكوارث المسلمين في هذه المقالات ؟ إذا كان الزعيم عاجزا عن الدفاع عن شبر من استقلالية قراراته فكيف يدافع عن مثقال ذرة من حقوق أمته ؟ ما أقبحها من شتيمة للزمن ادعاء الحاكم أنه الوطن.. هذا وطننا الممنوح، و هذا الطوفان فساد و قروح، فأين السفينة وأينك يا نوح ؟
بإذن الله النصر لنا، بإذن الله النصر لمن نصر الله، لمن هم في محنة صبروا..
دعائي أن يسلم من الطوفان نوحنا وأن ينجو من الغرق يونسنا..
أبي محمد أحبك في الله
عـــش أنت كل الناس

السلام عليكم.........
إبنك عـصـام، المغرب."

أتساءل اليوم إن كان هذا العصام، يمت لي بصلة.
لا أعتقد.
وهذه هي الحياة، هدم وبناء، تفكير وتغيير، تربية وتجربة.



__________________
"Noble sois de la montaña no lo pongais en olvido"
سيدي حرازم يطرونس غير متصل   الرد مع إقتباس