عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-07-2009, 07:08 PM   #1
سيدي حرازم يطرونس
المشرف العام
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
الإقامة: SDF
المشاركات: 1,056
إفتراضي ليتني كنت موريتانيا..



قبل عدة أشهر، كتبت أنه سيأتي زمن قريب، سيضطر فيه "المشاغبون" المغاربة إلى طلب اللجوء السياسي في دول مثل السينغال وبوركينا فاصو ولم لا موريتانيا.
وفي الواقع فإن هذه الخلاصة ليست من باب التنكيت، بل أملتها مجموعة من المعطيات، أولها أن المنافي التقليدية في فرنسا وإسبانيا وغيرهما من الدول الأوروبية لم تعد مفتوحة في وجه طالبي اللجوء السياسي، خاصة ممن يحملون الجنسية المغربية، بسبب أن البلد تحول إلى جنة ديموقراطية وتصالح مع جزء من الماضي، ودفن جزءا آخر، وغطى جزءاً ثالثاً بستائر مخملية..
وقد زكت الانتخابات الجماعية الأخيرة هذه القناعة لدي وأكدتها، بعدما اتضح أنه لا أمل في أن يدخل المغرب نادي الديموقراطية الحقة.
فالعنوان الوحيد لما حدث طيلة شهر يونيو الماضي هو "العبث"، ما دامت 53 سنة من الاستقلال، ومسار طويل من "التجارب" الانتخابية لم يفضيا سوى إلى المشاهد الدراماتيكية التي تابعها الرأي العام على الهواء مباشرة وبدون رتوشات.
ولأن هذه "المحطة" سيكون لها ما بعدها حتما، لابد من تسجيل الملاحظات التالية:
- أمام الهجمة الشرسة للمال الانتخابي، وعجز "الدولة" عن مواجهة الظاهرة، ولم لا تواطؤها معها وإن عبر الحياد السلبي، على الذين تراودهم أحلام المشاركة في تدبير الشأن العام المحلي -أو الوطني- في مستقبل قريب، الاستعداد منذ الآن ماديا للمعركة.
وأقول ماديا فقط، لأن المال وحده يكفي للحصول على المبتغى، ما دامت التجارب السابقة كشفت أنه لا حاجة لا لبرنامج سياسي ولا إلى نضال أو التزام حزبي، بل الأساس هو التوفر على جيب منفوخ، ورش العملة في جميع الاتجاهات.. عموديا وأفقيا..
ولأنني على يقين من أن الذين جمعوا ثرواتهم بعرق الجبين وبالكد والجد لا يمكنهم ممارسة "الكرم الانتخابي" الذي يصل حد السفه، فالأكيد أنه لن ينزل إلى ساحة المبارزة سوى أصحاب المال السهل، والثروات التي لا أصل لها، ما يعني أننا خلال السنوات المقبلة سنشهد تزايد عمليات تهريب المخدرات، ونهب المال العام، وتبييض المال القذر..لأنه السلاح الوحيد للاكتساح، بعدما أصبحت الانتخابات في المغرب مرادفاً للبيع والشراء..
- عكس ما كان مأمولاً، فقد أثبت المغرب أنه لا يمكن أن يشذ عن محيطه العربي في مجال الانتخابات، مهما حاول الإعلام الرسمي وضع المساحيق على وجه "الديموقراطية المغربية" التي لم تعد عمليات التجميل تجدي معها نفعا.
فخلال استحقاقات 12 يونيو أعدنا إنتاج بعض المشاهد التي كانت حتى اللحظة حكرا على دول كمصر واليمن.. وغيرهما.. حيث الحزب الوحيد والرأي الأوحد..وكل أجهزة الدولة مجندة لخدمة هذا الهدف..
لا أعتقد أن انتخابات جرت في مغرب سنوات الرصاص عرفت تدخل "الأمن" بالشكل الذي رأينا في المرة الأخيرة.. فالتزوير بكل أشكاله وأساليبه ومستوياته كان من "اختصاص" الإدارة الترابية، ولم يكن مسموحاً لأي جهاز من الأجهزة أن وضع يده في طبخة الانتخابات، على الأقل بشكل علني ومباشر..
بينما رأينا في الاستحقاقات الأخيرة كيف أن صولات وجولات "البوليس" غطت على تدخلات رجال السلطة الذين لا نعتقد أنهم كفوا أيديهم بسبب التزامهم بما جاء به المفهوم الجديد التي انتقل إلى رحمة الله منذ زمن بعيد..بل لأن أصحاب "الشكارة" لم يعودوا في حاجة على المخزن للنجاح..
المغرب ظل حتى في أحلك فترات تاريخه دولة مدنية يحكمها مدنيون، بينما لم يتعد دور الأجهزة دور الآلة أو الوسيلة التي يتم استعمالها عند الضرورة، قبل إعادتها إلى أغمادها..
__________________
"Noble sois de la montaña no lo pongais en olvido"
سيدي حرازم يطرونس غير متصل   الرد مع إقتباس