الموضوع: من الأرشيف
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 29-06-2009, 07:14 PM   #17
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

مدلول الصغير

(مِقرط العصا): إن سألت أحدهم عن عنوان مكان في الصحراء، فسيجيبك، إنك اقتربت من الوصول.. ولم يبق عليك إلا (مقرط العصا) أي أن المسافة التي بقيت عليك حتى تصل تساوي المسافة التي تكون من رمي عصا.. والدلالة هنا مجازية، وزائفة بنفس الوقت.. فرمي العصا لا يصل أكثر من مائة متر في أحسن الأحوال.. وقد تسير لمدة أربع ساعات أو أربعة أيام، حتى تصل ما قدره لك من أجابك .. ولكن المجاز في الإجابة آت من سعة الصحراء وبُعد مسافاتها وضآلة المسافة التي بقيت عليك مقارنة بتلك السعة.

(وجهه قد إصبعين): إذا سألت أحدهم عن صديق لكما، وكان قد رآه منذ وقت قريب، وقد مر بحالة مرض، فإنه سيقول لك: ( مسكين! حالته توجع، وجهه قد إصبعين) .. من الطبيعي أن لا يكون وجهه بحجم الإصبعين وضعفهما، لكنه يريد استعمال المجاز(الشعبي) للتدليل على سوء حالته وغزو الضعف والهزل لجسمه.

(معي قرشين): يهمس بأذن صاحبه ليستشيره في إقامة مشروع صغير يعيش من إنتاجه، فيقول: معي قرشين أريد أن أستثمرها ولا يقول (أريد استثمارهما)، لأنه ليس معه فقط قرشان، بل معه مبلغ ليس بالعظيم، حتى لا يتورط صديقه في نصحه على ضوء ضخامة المبلغ.

(قضيت يومين حلوات): يُلاحظ في وصف المدلول الصغير أن تكون الصفة بالجمع وليس بالصيغة المذكورة، فلم يقل: يومين حلوين، لأنهما ليس كما ذكر بل قد تكون سنين طويلة، وهي صيغة يستخدمها كبار السن، فإن كان ابن ستين عاما، ويذكر الماضي فإنه يذكره بالأيام، وإن ذكر المستقبل سيذكره بالأيام أيضاً، فيقول: ( ظل لنا في هذه الدنيا يومان) وقد يعيش عشرات السنين الأخرى، لكنه لا يذكر في الماضي إلا أياما قليلة نظرا لطول المدة التي عاشها دون أيامٍ حلوة إلا التي ذكرها، وإن ذكر المستقبل، فإنه في وضع استعداد أو تهيؤ لاحتمالية وفاته في أي لحظة!

(قاروط فلان): قد يظهر أحد الرجال بشكل ملفت للنظر بمكانته أو كثرة أمواله، ويعرفه أهل الحي أنه فقد والده ووالدته منذ الصغر، وهي الحالة التي يطلق عليها البعض لقب (قاروط: أي من فقد والديه الاثنين، تمييزا عن اليتيم الذي يفقد واحدا من والديه). وطبعا معروف، أنه إذا أصبح الرجل رجلا وله أولاد وأسرة، لا يعود الناس يطلقون عليه (يتيم أو قاروط)، ولكن للتحقير والاستخفاف بالغنى المفاجئ يعاود الناس لاستخدام (قاروط فلان).

(قطع يده وشحذ عليها): إن ذهب أحدهم ليقترض بعض المال من صاحبه، فإنه يعتذر له، ويقول: أن لديه (كومة لحم) يريد أن يطعمهم ولا يستطيع، وهو تحقير لوضع أسرته وتحويلهم الى (لحم غير مجروم)، ولكن ليدفع صاحبه بعيداً عن تحصيل المال. وعندما يعود صاحبه الى أهله يسألونه: هل أعطاك مالا؟ فيجيب: قطع يده وشحذ عليها، أي أنه بدا كالمتسول الذي فقد أحد ذراعيه ليشفق عليه المحسنون.

(تفضل اشرب قهوة): كان من يصنع طعاما لضيف، يبعث ولده الى أخيه أو جاره ليشاركهم في تناول الطعام مع الضيف، فيقول الولد: (يبلغك والدي السلام ويقول لك تفضل اشرب القهوة عندنا)، فيفهم المدعو أن هناك وليمة، ولا يجادل أن الطبيب قد منعه من تناول القهوة، أو أنه شربها للتو، في بيته.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس