عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 29-06-2009, 07:12 PM   #2
البدوي الشارد
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2009
الإقامة: حزيرة العرب
المشاركات: 760
إفتراضي

8- نفس الإعلام الغربي بيَّض صفحة ياسر عرفات إلى درجة جائزة نوبل للسلام حين لزم، وحين لم يتابع بالاتجاه الذي يريدون عادوا لتشويه صورته وقتله سياسيا وحتى التمهيد لقتله جسديا. ويمكننا أن نتخيل نفس المسار لو فاز موسوي. ماذا لو توقف اندفاعه السياسي بالانفتاح على الغرب عند حد معين؟ كيف كانت نفس الصحافة ستخرج صوره من ماضيه الآخر "الإرهابي"؟
9- عن "تويتر" حدث ولا حرج. لدينا ماكينة إعلامية كانت قبل الأحداث في إيران تساوي 250 مليون دولار، وتجذب في العام استثمارات تقدر بنحو عشرين إلى ثلاثين مليون دولار في فترة ركود اقتصادي (كل هذا دون خطة اقتصادية معروفة، ودون دعاية تجارية واحدة).
وتتقاطع في سيرة نفس الأفراد عضوية في إدارتها وإدارة فيس بوك ويوتيوب وتقديم الاستشارة رسميا للخارجية الأميركية في كيفية استخدام "الإعلام البديل" في تعزيز سياستها في الشرق الأوسط (انظر نيو يوركر، 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2007). وطبعا بعض الأخوة المتحمسين بحق للإمكانيات التي يتيحها "الإعلام البديل" و"الإعلام الاجتماعي" يتحمسون لكل جديد، فكم بالحري حين يتقاطع الهاتف النقال أو المحمول مع الإنترنت؟
ولكن هنالك فرق بين مدونة لشاب أو مثقف تقدمي يبذل فيها جهدا في جمع معلومات وبلورة رأي للوصول إلى القراء متحديا الإعلام الممأسس من جهة، وشبكة ممولة لا يُعرَف من يشارك فيها من جهة أخرى.
تخاطب المشاركون حول إيران بالإنجليزية، ولم يمكن التثبت من منهم من إيران فعلا ومن يدعي ذلك. ونُشِرَت جملٌ قصيرة وشعارات، منها ما هو صحيح، ولكن نشر معه كم من الإشاعات دون تبيين المصدر وصحته، وتناقلوا الصور والأفلام وغيرها دون أي فحص لدقتها ولتاريخ تصويرها الفعلي. شارك إيرانيون بأعداد قليلة، وشارك إسرائيليون وأميركيون بأعداد أكبر بكثير، ومنهم من ادعي أنه إيراني.
وبالمجمل جرت ثورة عنكبوتية نيابة عن الإيرانيين بين كابوتشينو وآخر في منازل نبراسكا وأوكلاهوما. ولوضع الأمور في سياقها نذكِّر، أن ثلث الإيرانيين فقط يرتبط بالإنترنت، وأنه إذا كان في كندا المربوطة كلها بالشبكة 74% لم يسمعوا بـ"تويتر"، فكم من الإيرانيين سمع؟ لقد أحرجت جماعات من الشباب بهذه الطريقة الإعلام الرسمي بسبب تجاهله الاحتجاجات الإيرانية، وأجبرته على إعادة النظر. هذا صحيح. ولكن هذا لم يجعلهم مصدرا أفضل للمعلومات.
من ينشر ويعلك (وباختصار يوَتوِت من وَتْوَتَة، وبالإنجليزية "تويت" و"ري- تويت") أخبارا وأكاذيب، ويجتر إضافة لذلك دناءات إسرائيلية من نوع "شوهد مجندون من حزب الله وحماس يقمعون المتظاهرين في طهران"، على نفس الموجة التي نعرفها "الحرس الثوري الإيراني يحارب في غزة ولبنان"، لا يشكِّلُ إعلاما بديلا. فهو يجتر ويعمم نفس القاذورات على فئات لم تكن معرَّضة لها من الشباب الذين لا يتابعون الإعلام الممأسس. إنهم يعرِّضونَهم لنفس الأكاذيب برقابة أقل وهذا جيد، ولكن أيضا بدرجة مسؤولية ومهنية وفحص أقل.
قد تعمم الشبكة مقالة ممتازة وموثقة لمدون مغمور ما كان الإعلام الرئيسي ليسمح بنشرها، وقد تعمم الجهل والهستيريا مثل أي "ميديا". وبعض المواقع العربية والغربية هي مجمعات نفايات.
10- ليس هؤلاء نموذجا للمواطن الأميركي المهتم بما يجري. ونحن نجد على المدونات الكثير من المواطنين الأميركيين الحريصين على حقوق الإنسان وعلى دور أميركا، بمقالات موثقة ومعدة جديا عما يجري في إيران تنتقد إيران، ولكنها تنتقد أكثر دور بلادهم فيها.
امتحان المواطنة المدنية الأميركية ليس في الشبكات الممأسسة، حيث دخلت المؤسسة الأميركية الحاكمة ومالها، كما دخل الإسرائيليون بقوة. بل في مئات الملايين من المواطنين الأميركيين والأوروبيين الذين يعيشون حياتهم يوميا يمارسون حقوقا غير متاحة في بلادنا. ونعم، يقعون ضحية تدخل المشهد الإعلامي في تصميم رأيهم عن الدنيا، ولكن بعضهم يدافع عن حيّزه الخاص ضد هذه الشمولية، وبعضهم يساهم في الحيز العام في الدفاع عن الحقوق المدنية وعن جسد الإنسان وروحه وعن البيئة وعن المساواة ضد الشركات الكبرى التي لا تعرف إلاها غير الربح. وبعضهم يدافع أيضا عن الشعوب الأخرى ضد عدوانية بلاده. هنا المواطنة قائمة فعلا وتمارس.

ج

1- إذا كانت إيران الدولة الوطنية المنظمة بمؤسساتها تتعرض لمثل هذه الهجمة الإعلامية فتصمد وتحمي نفسها بمشروعها الوطني، فيمكننا أن نتخيل أثر ما تتعرض له أمة دون دول مثل الأمة العربية.
كل شيء عند العرب يصرخ بغياب الأمة والمواطن بنفس الدرجة. وأن تغييبهما لا ينتج دولة بل ينتج سلطة ورعية، وقبيلة وعشيرة وطائفة وأسرا حاكمة وزعامات وأتباعا. هنا ما زال الكاتبُ أو القائل يناقَشُ في أصله وفصله وهويته ومذهبة ومذهب أهله، وليس في مضمون قوله.
2- بين وجود جزئي وغياب كامل للمواطن والأمة والدولة ليس العرب معرَّضين فقط لحملات إعلامية بل يذروهم أي نسيم إعلامي كأنه إعصار. فتتفاوت الردود بين اجترار ما يقال في الغرب من "نيويورك تايمز" وحتى "تويتر"، وتسويق أية إشاعة إسرائيلية ترغب إسرائيل في نشرها بترجمتها إلى العربية وبثها في كل مكان من جهة، وردود الفعل العصبية الرافضة لأية معلومة أو رأي، دون فحص أو تمحيص من جهة أخرى.
البدوي الشارد غير متصل   الرد مع إقتباس