عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 06-04-2009, 11:29 AM   #5
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الذهب والقوة النووية

قبل عام 1973، كان من يريد أن يصك عملة ورقية عليه أن يعهد بما يعادل قيمتها من ذهب، ويثبت ملكية بنكه المركزي لتلك الكمية من الذهب. وفي عهد نيكسون لم ير الأمريكان ضيرا من عدم مماثلة ما لديهم من عملة ورقية بذهب. معتمدين على أسواق النفط التي تعتمد الدولار لبيع وشراء النفط، فأي برميل نفط يُراد شراءه من فنزويلا أو نيجيريا أو الدول العربية، فإن على المشتري أن يتوجه أولا لشراء الدولارات قبل النفط، ولا يهم إن كانت ورقة المائة دولار تكلف فلسين أو ثلاثة فلوس، فبالتالي فإن المستفيد في بيع النفط هو من يُنتج الدولارات ويطبعها.

التسابق على إنتاج السلاح النووي، ليس بالضرورة أن يكون من أجل استخدامه في الحروب، فالحالات التي استخدم فيها السلاح النووي هي أقل بكثير من الحالات التي تعض فيها كلاب الحراسة بعض العابثين في أمن بيت. ففي الحالتين يكون الهدف إضفاء هيبة على مقتنيهما تنذر من يريد الاقتراب والعبث بأمن صاحبهما.

عندما صار الاستخفاف بمعادلة العملة بالذهب، اختل اقتصاد العالم، وآلت أوضاعه لما هي عليه الآن من بؤس لا يزال في بداية طريقه. كما أنه عندما اختل نظام الحماية والحروب، رأينا كيف أن القانون الدولي لا يُطبق إلا على الذين لا يملكون سلاحا نوويا، وحتى يستوي الحال على النازلين لميدان المعارك أن يحملوا أسلحة متناظرة، فإما أن يحملوا كلهم سلاحا نوويا، وإما أن يحملوا كلهم سيوفاً!

السعي لامتلاك السلاح النووي

بعد استخدام الولايات المتحدة للقنبلتين النوويتين في (هيروشيما) و (ناجازاكي)، تطلعت كثير من الدول للحصول على تقنية مثل ذلك السلاح، واستطاعت مجموعة من الدول أن تصنعه وتخزنه. وأخذت كثير من الدول الطامحة والتي لديها مشاريع تتعدى حدودها تسعى جاهدة لامتلاك تلك التقنيات. وعندما كان العالم لا يزال في ظل الحرب الباردة كان من الممكن لبعض الدول أن تفلت من ممانعة القوى الكبرى في وصولها الى مرحلة تصنيع مثل ذلك السلاح.

وبعد وصول (جورباتشوف) الى الحكم في الاتحاد السوفييتي، وقد لاحت بوادر تفككه، وضعت خططٌ من الغرب (الليبرالي الإمبريالي) لاقتسام تركته (ساحات نفوذه) وكان من بين تلك الخطط، منع بعض الدول التي لم يؤمن جانبها في تقبل سيادة الغرب على العالم بشكل مطلق، فتم إطلاق اسم محور الشر على دول قد لا يكون بينها رابط ظاهري، (العراق، إيران، كوريا الشمالية)، ولكن الرابط الباطني لها أن لكل دولة من تلك الدول طموحات تتعارض مع رؤية الغرب، حتى وإن كان اثنتان منها في حالة حرب (العراق وإيران). كما يمكن إضافة (صربيا) الى تلك الدول، ولكن الأخيرة، قد اجتمع عليها العالم لاكتمال شروط إخراجها نهائياً.

أما العراق وإيران، فقد كان التحضير قائماً على إخراجهما من دائرة الخطر منذ الحرب العراقية الإيرانية، عندما كان يتظاهر الغرب بحياديته في الحرب، في حين كان ينفخ على نارها كلما اقترب انطفاؤها، فكانت الولايات المتحدة تقدم بعض المعلومات الاستخبارية للعراق، وتعطي للكيان الصهيوني الإشارة بضرب مفاعل تموز، وبالمقابل تترك للكيان الصهيوني إمداد إيران بالأسلحة (فضيحة إيران ـ كونترا).

بعد أن وضعت الحرب العراقية الإيرانية أوزارها، كان لا بد من استثمار ضعف الدولتين بشكل سريع، فقد خرج العراق بمديونية تفوق السبعين مليارا، فكان لا بد من جعل تلك المديونية مفتاحا لتركيعه وإعادة شركات النفط (التي أخرجت في حزيران/يونيو 1972 إثر قرار تأميمها)، ولكن كيف؟ كان لا بد من تخفيض أسعار النفط حتى وصلت عام 1990 الى ما يقل عن عشرة دولارات، ليكون كل إنتاج نفط العراق السنوي لا يساوي فوائد ديونه، ورافق ذلك قصة (المدفع العملاق) الخ.

إسقاطات صدام الحضارات

عندما قسم (صاموئيل هانتنغتون) العالم الى خطوط صراع، هذا خط بين الكاثوليك والبروتستانت وهذا بين الكاثوليك والأرثوذكس، وهذا بين المسلمين والبوذيين الخ، وعندما عرج على الدول ذات القرابة وضع العرب مع إيران في قرابة واحدة إضافة الى كون بلدان العرب وإيران تدين بالديانة الإسلامية.

هذا الكلام يبدو في ظاهره المبالغة (بالتسطيح )، وقد ينسحب على الرجل العادي أو ابن الشارع العربي الذي ينظر الى بلغاريا وصربيا والولايات المتحدة نظرة واحدة، كما ينظر ابن الشارع الغربي والصهيوني نظرة واحدة الى كل من العرب وإيران وتركيا وباكستان، ولكنه لا يصلح أن ينسحب لصانع القرار، لا في الغرب ولا في بلادنا، وإن كان صانعو القرار يتفنون في العزف على أوتار ذلك التقسيم متى يشاءون، ويستثمرون الفهم السطحي لقيادة الرأي العام.

الشارع العربي يعاقب الصوت الرسمي بعناده

عندما تأتي النصيحة من جهة سبق لها أن وجهت الإساءة لمن تنصحه، فإن تلك النصيحة ستلقى أذاناً مسدودة، حتى وإن كانت النصيحة صادقة أو فيها شيئا من الصدق.

عندما تحذر أقلامٌ من الخطر الإيراني، فإن تلك الأقلام تكون موزعة بين كواليس الدوائر الحاكمة، و كواليس قومية لا تكن وداً لإيران، فإن النصائح من هذا النوع ستختلط على المواطن العربي، فلا يأخذها على محمل الجد.

فالحكومات العربية، التي لم تثبت للمواطن أنها تقف حارسة لكرامته وقوفا مشرفا، يجعله يستمع لنصائحها بطاعة واحترام، والتي زاد من رغبة المواطن في معارضة ما تقول، هو ما يلفها من فساد وعدم قدرة على اعتراض حلفاءها الذين يوجهون الإهانة تلو الإهانة للأمة بمواطنيها، وحتى حكامها، هذا الوضع جعل المواطن على استعداد للوقوف (ضمناً) ضد رغبة تلك الحكومات.

بالمقابل، فإن هذا المواطن الذي لا يخفي فرحه عندما يسمع خبرا عن أذى لحق بأمريكا أو الكيان الصهيوني أو الغرب بشكل عام، حتى لو جاء هذا الأذى عن طريق زلزال من رب العالمين أو فيضان ألحق الخسارة في أعداءه، ومن هنا تأتي السرعة في التأييد الفوري لعمليات قد تكون إرهابية 100% تلحق الأذى بالغرب.

فكيف لا يفرح هذا المواطن، إذا ما سجل حزب الله أو حماس أو طالبان الأذى بمعسكرات الغرب، وتلك المنظمات ومن يدعمها هم من ضمن خطوط صدام الحضارات، وهم محسوبين على علاقات القرابة بنفس الوقت؟

ومن جهة أخرى، فإن المستخفين بخطورة تشيع أهل السنة لافتتانهم بأداء إيران ومن يقف معها، يستندون الى نماذج تاريخية منها القديم ومنها القريب، فلم يستطع المسلمون أن يجعلوا أهل الأندلس من الأوروبيين أن يعتنقوا الإسلام، كما لم يستطع الأدارسة والعلويون في المغرب من تحويل أهله الذين يتمسكون بالمذهب المالكي، ولم يتحول أهل مصر الذين حكمهم الفاطميون ردحا من الزمن، ولم يختفي المسلمون في جمهوريات (الشيشان والأنغوش وبشكيريا وغيرها) متأثرين بحكم الشيوعيين حوالي ثلاثة أرباع القرن في الاتحاد السوفييتي، ولم يتحول الفلسطينيون الى الديانة اليهودية، ولم يتحول المسيحيون في الأردن ولبنان الى الديانة الإسلامية رغم ارتباطهم مصيريا مع من يعيشون معهم.

يتبع
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس