الموضوع: العلم والجهل
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 23-03-2009, 06:08 PM   #4
فرحة مسلمة
''خــــــادمة كــــــتاب الله''
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2008
المشاركات: 2,952
إفتراضي

أعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشّيطانِ الرّجِيمِ

بِسْمِ اللَهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ

وصلّى اللَهُ عَلَى سَيّدِنا مُحَمّدٍ وآلِهِ الطّيّبِينَ الطّاهِرِينَ

يَأَبَتِ إِنّى قَدْ جَآءَنِى مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتّبِعْنِى أَهْدِكَ صِرَ طًا سَوِيّا . (سورة مريم آية 43)

وتقريب الاستدلال بهذه الآية الشريفة بهذا النحو : تتحدّث الآية عن كلام واحتجاج إبراهيم عليه السلام على وليّ أمره آزر ، الذي كان عابداً للصنم ومشركاً بالله تعالى . وبما أنّه قد جعل وجوب الاتّباع في هذه الآية منوطاً بعلم إبراهيم وعدم وجود ذلك العلم عند آزر ، فيستفاد منها أنّ على كلّ جاهل أن يتّبع العالِم ، أي أن يجعل إرادة العالم واختياره مكان إرادة نفسه واختيارها ، وأن يقدّمهما على إرادته واختياره ، ويجعلهما مكان طلباته ورغباته .

وعندها سوف ينال ذلك الجاهل مقصوده إثر اتّباعه للعالم ، وسوف يتمتّع بالمواهب الإلهيّة التي جُعلت للإنسان في الصراط المستقيم .

وقد بُيّن في هذه الآية أيضاً تعليل الحكم ، أي أنّه ليس في الآية إشعار بعلّة الحكم فحسب ، كما يقال في المباحث الأُصوليّة من أنّ : تَعْليقُ الحُكْمِ عَلَى الوَصْفِ مُشْعِرٌ بِالعِلّيّة . كأن يقول المولى : أكْرِمْ زَيْداً العادِل . فهنا تعليق وجوب إكرام زيد على عنوان العدالة مشعر بعلّيّة وصف العدالة للإكرام . فهذا يسمّى إشعاراً ، وكلامنا في الدلالة ، إذ دلالة هذه الآية في الحقيقة فيها تنصيص وبيان لملاك ومناط الحكم ، مثل : لا تَشْرَبِ الخَمْرَ لِأَنّهُ مُسْكِر ، ذلك لأنّنا بعد أن نستفيد العلّيّة هنا ، ندرك أنّ سبب حرمة شرب الخمر هو إسكاره .

والأمر هنا كذلك أيضاً ، فإبراهيم يقول لآزر : اتّبعني لكي أهديك إلى الصراط المستقيم والطريق السويّ والثابت . وذلك لأنّي أملك العلم ، بينما أنت لا تملك ذلك . ف «الفاء» في فَاتّبِعْنِى إذَن للتفريع على الحكم السابق والأمر الذي يوجّهه إلى أبيه (عمّه آزر) ، وهذا التفريع يفيد العلّيّة .

ومن هنا يتحصّل ـ كما أفاده الأجلّة من أهل العلم ـ أنّه قد صرّح في هذا الكلام بالعلّة والسبب في الاتّباع ، لأنّ أمر إبراهيم كان مقروناً بالدليل والبرهان ، وهو أنّي أمتلك العلم وأنت لا تمتلكه . وعلى هذا ، فيجب عليك اتّباعي لكي أهديك إلى طريق السعادة والكمال الإنسانيّ وإظهار الاستعدادات المنطوية في وجودك .

وهذا الأمر يستند إلى الغريزة الفطريّة وحكم العقل بوجوب رجوع الجاهل إلى العالم ، وبالطبع فإنّ الحكم الشرعيّ ـ أمر إبراهيم لعمّه آزر ـ يترتّب عليه واما عن الفرق بين العالم والجاهل فإن معلومات العالم صحيحة ومعلومات الجاهل خاطئة
__________________








فرحة مسلمة غير متصل   الرد مع إقتباس