عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-03-2009, 05:57 AM   #1
جمال الشرباتي
كاتب إسلامي مميز
 
تاريخ التّسجيل: May 2007
المشاركات: 639
إرسال رسالة عبر MSN إلى جمال الشرباتي إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى جمال الشرباتي
Question تأويل سورة البقرة "موجز من تفسير الطبري"

تفسير سورة البقرة
************************
بسم الله
( القول في تفسير السورة التي يُذْكر فيها البقرة )


القول في تأويل قول الله جل ثناؤه: الم .
قال أبو جعفر:


اختلفت تراجمة القرآن في تأويل قول الله تعالى ذكره « الم »


فقالَ بعضُهم: هو اسم من أسماء القرآن.
وقال بعضُهم: هو فَواتحُ يفتح الله بها القرآن.


وقال آخرون: هو اسم للسورة.


وقال بعضهم: هو اسم الله الأعظم.
.
وقال بعضهم: هو قسمٌ أقسمَ الله به، وهو من أسمائه.


وقال بعضهم: هو حُرُوف مقطَّعةٌ من أسماء وأفعالٍ, كلُّ حرف من ذلك لمعنى غير معنى الحرف الآخر.
وقال بعضهم هي حروفُ هجاءٍ موضوعٍ.


وقال بعضهم: هي حروف يشتمل كل حرفٍ منها على معان شتى مختلفة.
.
وقال بعضُهم: هي حُروف من حساب الجُمَّل - كرهنا ذكْر الذي حُكي ذلك عنه, إذْ كان الذي رواه ممن لا يُعتمد على روايته ونقله. .
وقال بعضهم: لكل كتاب سرٌّ, وسرُّ القرآن فواتحه.
*****************************************
قال الطبري رحمه الله"


وأمَّا أهل العربية، فإنهم اختلفوا في معنى ذلك.


فقال بعضهم: هي حروف من حُرُوف المعجم، استُغْنِيَ بذكر ما ذُكر منها في أوائل السور عن ذكر بَواقيها، التي هي تتمة الثمانية والعشرين حرفًا؛ كما استغنى المُخبرُ - عمن أخبرَ عنه أنه في حروف المعجم الثمانية والعشرين حرفًا - بذكر « أ ب ت ث » ، عن ذكر بواقي حروفها التي هي تتمة الثمانية والعشرين: قال. ولذلك رُفع ذَلِكَ الْكِتَابُ ، لأنّ معنى الكلام: الألف واللام والميم من الحروف المقطعة، ذَلِكَ الْكِتَابُ الذي أنـزلته إليك مجموعًا لا رَيْبَ فِيهِ .
****************************
قال الطبري رحمه الله"


فإن قال قائل: فإن « أ ب ت ث » ، قد صارتْ كالاسم في حروف الهجاء، كما كان « الحمدُ » اسما لفاتحة الكتاب.
قيل له: لما كان جائزًا أن يقول القائل: ابني في « ط ظ » , وكان معلومًا بقيله ذلك لو قاله أنَّه يريد الخبر عن ابنه أنَّه في الحروف المقطَّعة - عُلم بذلك أنّ « أ ب ت ث » ليس لها باسْم, وإن كان ذلك آثَرَ في الذكر من سائرها .


قال: وإنما خُولف بين ذكر حُرُوف المعجم في فواتح السور, فذُكِرت في أوائلها مختلفةً , وذِكْرِها إذا ذُكرت بأوائلها التي هي « أ ب ت ث » ، مؤتلفةً، ليفصل بين الخبر عنها إذا أريد - بذكر ما ذكر منها مختلفًا- الدلالةُ على الكلام المتصل؛ وإذا أريد - بذكر ما ذكر منها مؤتلفًا- الدلالةُ على الحروف المقطعة بأعيانها. واستشهدوا - لإجازة قول القائل: ابني في « ط ظ » وما أشبه ذلك، من الخبر عنه أنه في حرُوف المعجم, وأن ذلك من قيله في البيان يَقوم مقام قوله: ابني في « أ ب ت ث » - برجز بعض الرُّجّاز من بني أسد:
لَمَّــا رَأيْــتُ أمرَهَـا فـي حُـطِّي وفَنَكَـــتْ فــي كَــذِب ولَــطِّ
أَخــذْتُ منهــا بقُــرُونٍ شُــمْطٍ فلــم يَـزَلْ صَـوْبِي بهـا ومَعْطِـي
حَتى علا الرأسَ دَمٌ يُغَطِّي
فزعم أنه أراد بذلك الخبر عن المرأة أنها في « أبي جاد » , فأقام قوله: « لما رأيت أمرها في حُطِّي » مقامَ خبرِه عنها أنها في « أبي جاد » , إذْ كان ذاك من قوله، يدلّ سامعَه على ما يدلُّه عليه قوله: لما رأيت أمرَها في « أبي جاد » .


********************************
قال الطبري رحمه الله"


وقال آخرون: بل ابتدئت بذلك أوائل السُّور ليفتح لاستماعه أسماعَ المشركين - إذ تواصَوْا بالإعراض عن القرآن- حتى إذا استمعوا له، تُلي عليهم المؤلَّفُ منه.
***************************
قال الطبري رحمه الله"


وقال بعضهم: الحروفُ التي هي فواتح السُّور حروفٌ يستفتحُ الله بها كلامه.
فإن قيل: هل يكون من القرآن ما ليس له معنى؟
قيل : معنى هذا أنه افتتح بها ليُعْلم أن السورة التي قبلها قد انقضت, وأنه قد أخذ في أخرى, فجعل هذا علامةَ انقطاعِ ما بينهما, وذلك في كلام العرب، ينشد الرجل منهم الشعر فيقول:
بل * وبلدةٍ مَا الإنسُ من آهَالِها
ويقول:
لا بَل * مَا هاج أحزانًا وشَجْوًا قد شَجَا
و « بل » ليست من البيت ولا تعد في وزنه, ولكن يقطع بها كلامًا ويستأنفُ الآخر.
قال أبو جعفر: ولكل قول من الأقوال التي قالها الذين وصفنا قولهم في ذلك، وجهٌ معروفٌ.
**********************
قال الطبري رحمه الله"


فأما الذين قالوا: « الم » ، اسم من أسماء القرآن, فلقولهم ذلك وجهان:
أحدهما: أن يكونوا أرادوا أن « الم » اسم للقرآن، كما الفُرقان اسم له. وإذا كان معنى قائل ذلك كذلك, كان تأويل قوله الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ ، على معنى القسم. كأنه قال: والقرآن، هذا الكتابُ لا ريب فيه.
والآخر منهما: أن يكونوا أرادوا أنه اسمٌ من أسماء السورة التي تُعرف به، كما تُعرَف سائر الأشياء بأسمائها التي هي لها أمارات تعرف بها, فيَفهم السامع من القائل يقول:- قرأت اليوم المص و ن - ، أيُّ السُّوَر التي قرأها من سُوَر القرآن ، كما يفهم عنه - إذا قال: لقيتُ اليوم عمرًا وزيدًا, وهما بزيد وعمرو عارفان - مَن الذي لقي من الناس.
وإن أشكل معنى ذلك على امرئ فقال: وكيف يجوز أن يكون ذلك كذلك، وَنظائر « الم الر في القرآن جماعةٌ من السُّور؟ وإنما تكون الأسماء أماراتٍ إذا كانت مميِّزة بين الأشخاص, فأما إذا كانت غير مميزة فليست أمارات. »
قيل: إن الأسماء - وإن كانت قد صارت، لاشتراك كثير من الناس في الواحد منها، غيرَ مميِّزة إلا بمعانٍ أخرَ معها من ضَمِّ نسبة المسمَّى بها إليها أو نعته أو صفته، بما يفرِّق بينه وبين غيره من أشكالها - فإنها وُضعت ابتداءً للتمييز لا شَكَّ. ثم احتيج، عند الاشتراك، إلى المعاني المفرِّقة بين المسمَّيْن بها . فكذلك ذلك في أسماء السور. جُعل كلّ اسم - في قول قائل هذه المقالة - أمارةً للمسمى به من السُّور. فلما شارك المسمَّى به فيه غيرَه من سور القرآن، احتاج المخبر عن سورةٍ منها أن يضمّ إلى اسمها المسمَّى به من ذلك، ما يفرِّق به السامع بين الخبر عنها وعن غيرها، من نعتٍ وصفةٍ أو غير ذلك. فيقول المخبر عن نفسه إنه تلا سورة البقرة، إذا سماها باسمها الذي هو « الم » : قرأتُ « الم البقرة » , وفي آل عمران: قرأت « الم آل عمران » , و الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ ، و الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ . كما لو أراد الخبر عن رَجلين، اسم كل واحد منهما « عمرو » , غير أنّ أحدهما تميمي والآخر أزديَّ, للزمه أن يقول لمن أراد إخباره عنهما: لقيت عمرًا التميمي وعمرًا الأزديَّ, إذْ كان لا يفرُقُ بينهما وبين غيرهما ممن يُشاركهما في أسمائهما، إلا بنسبتهما كذلك. فكذلك ذلك في قول من تأوَّل في الحروف المقطعة أنها أسماءٌ للسُّور.
***********************************
__________________
مؤسس ملتقى أهل التأويل
http://www.attaweel.com/vb/

جمال الشرباتي غير متصل   الرد مع إقتباس